الهديل

خاص الهديل: السؤال الكبير: ما هو الهدف الإستراتيجي “لطوفان الأقصى”.. ومن هي القوى التي صاغته؟؟

خاص الهديل:

في غمرة تطورات معركة طوفان الأقصى يبرز سؤال هام ويسميه البعض بالسؤال الأساسي الذي من دون الإجابة عنه لن يكون ممكناً تقديم قراءة منطقية لما حدث صباح السبت الماضي ولما يحدث الآن وما سيحدث غداً..

.. السؤال هو عن السر الإستراتيجي الذي حتم “توقيت” فتح حرب طوفان الأقصى(؟؟)؛ وما هو الهدف السياسي الإستراتيجي الذي تريد حرب طوفان الأقصى الوصول إليه(؟؟). وهل قرار البدء بالحرب وخوضها هو قرار محور المقاومة بأكمله(؟؟)، أم أنه قرار حماس لوحدها؛ أم أنه قرار حماس مدعوماً من محور المقاومة(؟؟). 

من حيث المبدأ تقول حماس أن السبب الرئيس الذي دعاها إلى فتح “حرب طوفان الأقصى” في هذا التوقيت، هو تصاعد الغطرسة الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى.. وصاغت حماس هدفين معلنين لحرب طوفان الأقصى: الأول وقف تنديس مسجد الاقصى؛ والثاني تبادل الأسرى، بحيث يتم تحرير كل الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

لا شك أن شعار حماية الأقصى هو شعار جامع للعرب وللمسلمين وللفلسطينيين؛ وكانت حماس خلال الحرب السابقة اختبرت بالتجربة كيف أن رفعها شعار حماية الأقصى، والذهاب للحرب تحت هذا الشعار، يمنحها مكانة متقدمة داخل كل الساحة الفلسطينية وداخل الشارع العربي والإسلامي.. ولكن، ورغم ذلك، فإن مراقبين كثيرين يعتقدون أنه لا بد أن يكون هناك “هدف سياسي إضافي” تتطلع حماس لتحقيقه يكون من حيث حجمه يوازي حجم عمليتها الاستثنائية، ويكون حجمه من حيث نتائجه السياسية كبيراً وبحجم التضحيات الفائقة التي سيتحتم على شعب غزة أن يقدمها كثمن لنتائج عملية طوفان الأقصى؟؟. 

وانطلاقاً من هذا الافتراض عن أن الثمن السياسي الذي تتطلع إليه حماس هو بحجم عملية طوفان الأقصى، برزت عدة نظريات عن الثمن السياسي الإستراتيجي الذي وضعته حماس لعملية طوفان الأقصى: 

النظرية الأولى تتحدث عن عدة أثمان سياسية من الوزن الكبير وليس ثمناً استراتيجياً واحداً؛ وهي التالية: 

– إسقاط نتنياهو وحكومة أقصى اليمين.. وبالمقابل إسقاط سلطة محمود عباس وتفكيك أجهزته الأمنية وذلك لصالح إعادة تكوين السلطة الفلسطينية بحيث ترث حماس فيها دور فتح التاريخي. 

– تحريك مسار التسوية الفلسطينية الإسرائيلية تحت سقف حل الدولتين(!!).

.. أما النظرية الثانية فترفض مقولة أن حماس لا تسعى لحل الدولتين؛ وتؤكد هذه النظرية على التالي: 

صحيح أن حماس تريد وراثة دور فتح في الشارع الفلسطيني وفي الفضاء العربي والدولي وداخل السلطة الفلسطينية وأيضاً داخل منظمة التحرير الفلسطينية؛ ولكن فتح لا تسعى لحل الدولتين بل تسعى لخلق دينامية صراع سياسي وعسكري مع إسرائيل يؤدي إلى إزالة الكيان الصهيوني.. ولكن في طريقها للوصول إلى هدفها الإستراتيجي هذا؛ فهي لا ترفض قيام هدنة مع إسرائيل لمدى غير قصير.. وعمق تفكير حماس هنا، يرى أن إبرام هدنة مع إسرائيل أفضل استراتيجياً مع إبرام صلح أو تسوية معها كما يريد أبو مازن وكما تريد فتح.. فالهدنة لا تسقط خيار إزالة الكيان الصهيوني من الوجود بل تأخر موعد الوصول إليه؛ فيما التسوية أو الصلح مع إسرائيل تلغي خيار إزالة الكيان من أجندة الفلسطينيين. 

أمس كان مفاجئاً للبعض كيف أن عضو المكتب السياسي لحركة حماس د. موسى أبو مرزوق طرح من بين أزيز المدافع، مقولة أن حماس منفتحة على نقاش موضوع إبرام هدنة مع إسرائيل!!.

لقد اعتبر متابعون كثر أن طرح أبو مرزوق ليس وقته في هذه اللحظة، بل استغرب هؤلاء حديثه عن هذا الموضوع في هذا الوقت الذي تتعرض فيه غزة لحرب إبادة؛ ولكن متابعين آخرين وجدوا أن أبو مرزوق طرح الهدنة في وقتها المناسب من وجهة نظر حماس التي تريد أن تفاوض تل أبيب على شروط الهدنة من موقع قوة؛ وتريد أن تحصل من إسرائيل على اتفاق هدنة يؤدي إلى إطلاق كل الأسرى الفلسطينيين؛ ويتضمن تقديم إسرائيل ضمانات بشأن عدم الإعتداء على القدس والمسجد الأقصى، ويتضمن أيضاً عدم تقديم الفلسطينيين اعترافاً بالكيان الصهيوني، الخ.. 

وهناك أيضاً نظرية ثالثة عن سر توقيت حرب طوفان الأقصى، وهدفها الإستراتيحي؛ ومفادها أن هذه الحرب هي مقدمة للحرب المنتظرة التي يسميها محور المقاومة في المنطقة بالحرب الكبرى التي ستؤدي إلى إزالة إسرائيل؛ وشرط نجاح هذه الحرب من وجهة نظر مصمميها في قيادة محور الممانعة (تلعب فيه طهران في هذا المحور دور رعايته، ويلعب فيه كل من حماس وفيلق القدس وحزب الله دور القوة العسكرية الإستراتيجية فيه) هو تضافر الجهود لفتح عدة جبهات ولتحقيق عدة أهداف في آن معاً: 

أولاً- أبرز هذه الأهداف أن تكون معركة إزالة إسرائيل جزءاً من معركة إخراج أميركا من “غرب آسيا” (مصطلح إيراني بديل عن مصطلح الشرق الأوسط)؛ ولذلك فإن مهمة إزالة إسرائيل يجب أن تتزامن مع مهمة خوض حرب إشغال وإضعاف إستراتيجي للوجود الأميركي في المنطقة وكنسه منها؛ وهذا يحتم اشتراك أنصار الله (الحوثي) في هذه المعركة؛ بالإضافة إلى الحشد الشعبي العراقي وفيلق القدس وعشرات الفصائل الشيعية والإسلامية المؤيدة لطهران. 

 

ثانياً- ان الحرب الكبرى ضد إسرائيل يجب أن تخاض بالتزامن وبالتعاضد والتنسيق بين فتح الجبهات التالية في وقت واحد ضد الكيان الصهيوني: جبهة غزة وجبهة لبنان وجبهة سورية وجبهة الضفة الغربية وجبهة أراضي العام ٤٨.. 

وحتى الآن ليس واضحاً أي من الأهداف الكبرى تسعى إليها حرب طوفان الأقصى.. هل تريد حماس من ورائها إزاحة فتح عن رأس السلطة الفلسطينية وقطع الطريق على تسوية فلسطينية إسرائيلية لصالح هدنة خالية من دسم الإعتراف الفلسطيني التاريخي بإسرائيل(؟؟)؛ أم أن حرب طوفان الأقصى هي رأس جليد جبل الثلج الذي يسعى لتنفيذ خطة “الحرب الكبرى” وذلك خلال مدى زمني متدخرج وممرحل وطويل نسبياً (أشهر) (؟؟).

Exit mobile version