الهديل

خاص الهديل: سيناريو يحضر له نتنياهو: جرّ حزب الله لصدام عسكري مع أميركا!!.

خاص الهديل:

تلقّى حزب الله خلال الأيام الثلاثة الأخيرة الكثير من التحذيرات التي تدعوه لعدم الانخراط في “حرب طوفان الأقصى”..

ولفت بعض هذه التحذيرات الحزب إلى أن وضع لبنان الحالي الهش، لا يحتمل تعريضه لحرب تستخدم فيها إسرائيل استراتيجية التدمير الشامل والأرض المحروقة..

ونبهت تحذيرات أخرى الحزب من أنه في حرب ٢٠٠٦ استقبلت سورية التي كانت بألف خير، موجات نزوح أهل جنوب لبنان والضاحية الجنوبية الذين فروا من القصف الإسرائيلي الكثيف. أما اليوم فإن السوريين يفرون من سورية إلى لبنان، نظراً لتردي الوضع الإقتصادي السوري. وعليه فإن شيعة لبنان فيما لو اندلعت الحرب سيواجهون واقعاً شديد الصعوبة والتعقيد.

وهناك أيضاً نوع آخر من التحذيرات يتلقاها الحزب، تتصف بأنها الأخطر، وهي تحذره من حدوث السيناريو التالي: ان الأعداد الكبيرة من القتلى الإسرائيليين التي حصدتها عملية كتائب القسام ضد مستوطنات غلاف غزة، حملت نتنياهو على تصوير ما حصل بأنه حرب إبادة ضد إسرائيل.. ونجح نتنياهو في حصد أكبر حملة دعم أميركية وغربية مع إسرائيل في كل تاريخها.

ويركز هذا السيناريو الإسرائيلي على ثلاث نقاط خطرة يجب أن تدعو حزب الله للقلق: 

الأولى تتعلق بأن عملية طوفان الأقصى كانت ناجحة جداً عسكرياً واستخباراتياً، ولكن كان فيها عيوب وثغرات هامة؛ أبرزها عدم وضع حماس خطة إعلامية تواكب عمليتها وتقدمها للمجتمع الدولي على أنها انتصار عسكري نظيف.. وواضح أن تل أبيب استغلت غياب خطة حماس الإعلامية التي تخاطب المجتمع الدولي؛ فقامت بتعبئة هذا الفراغ من خلال شن حملة إعلامية وجهتها للعالم، وصورت من خلالها عملية طوفان الأقصى، بأنها ليست حرباً ولا عملاً عسكرياً محترفاً؛ بل هي مجرد عملية إرهابية كبرى تشبه عمليات داعش، وغزوة ١١ سبتمبر، وأيضاً هي حلقة ضمن مخطط تقوده إيران لذبح اليهود في الشرق الأوسط..

النقطة الثانية وهي استكمال للنقطة الأولى؛ ومفادها أن نتنياهو يشعر بأنه نتيجة لحسن تسويقها دولياً لموقفها من عملية طوفان الأقصى، حصدت إسرائيل تعاطفاً ودعماً دوليين غير مسبوقين في كل تاريخها.. وهذا الدعم قد لا يتكرر مرة أخرى؛ وتكمن أهمية هذا الدعم في أنه فك فيتو بايدن ضد نتنياهو، وأيضاً أعاد لإسرائيل بريق أنها “دولة ولدت لحماية اليهود الناجين من المذبحة النازية”، بعد أن كان العالم بدأ يرى بإسرائيل أنها “آخر احتلال في العالم”.. 

أما النقطة الثالثة فتتعلق بنتنياهو نفسه وهو الرجل الأخطر سياسياً بتاريخ إسرائيل؛ وعليه فإن نتنياهو لن يترك فرصة هذا الدعم الغربي الإستثنائي لإسرائيل يمر من دون أن يستغله لآخر درجة ولأوسع الحدود.. وعليه فإن نتنياهو هو اليوم في لحظة تفكير عميق بخصوص كيف يوجه الدعم العالمي والاميركي الاستثنائي له؟؟.

ويمكن في هذا المجال افتراض أن نتنياهو يرتب تفكيره باتجاه استغلال أن بايدن في لحظة انتخابية يحتاج فيها للتجاوب مع الناخب الأميركي اليهودي الغاضب من حماس والمطالب أميركا بتقديم أقوى الدعم لإسرائيل..

وسيحاول نتنياهو أخذ الموقف الأميركي والغربي، إلى استنفار شامل من أجل حماية إسرائيل، ومن أجل ما يسميه وقف “مخطط ذبح اليهود في الشرق الأوسط”.. وسيقوم نتنياهو بتحقيق ذلك من خلال تأليب اللوبي الأميركي اليهودي ليضغط على إدارة بايدن لجعلها تقوم بواحدة من الخطوات التالية: 

الأولى، وهي تشكل أعلى طموحات نتنياهو الإستراتيجية، وتتمثل بجعل واشنطن تقوم بتوجيه ضربة عسكرية لإيران بوصفها “رأس الحية” التي تعمل على إبادة إسرائيل وعلى التسلح النووي(!!).  

الخطوة الثانية تتصل بدفع إدارة بايدن لشن حرب استباقية ضد حزب الله، بوصفه هو الذراع الأول الذي يجسد على الأرض هدف إيران بتدمير إسرائيل..

والواقع أن نتنياهو غير راض عن اشتراط بايدن بأنه لن يضرب حزب الله، إلا في حال اشترك الأخير بمعركة طوفان الأقصى.. فنتنياهو يريد أن يتحرك بايدن لضرب الحزب الآن، ومن دون أية شروط.. ولكن مع إصرار بايدن على شرطه هذا؛ فإن نتنياهو قد يجد نفسه يلجأ لاستخدام وسيلة واحدة تمكنه من تجاوز شرط بايدن، وهي جرّ حزب الله للاشتراك بالحرب من خلال استفزازه بتوجيه ضربة إسرائيلية نوعية له لن يكون بإمكانه عدم الرد عليها؛ وهكذا تتدحرج الأمور نحو الحرب، ونحو جعل بايدن يدخلها، وبذلك تحقق إسرائيل أثمن أهدافها، وهو ضرب الحزب عسكرياً بأقل كلفة عليها، وبواسطة قوة أميركية وليست إسرائيلية.  

وخلاصة القول في هذا المجال هو أن نتنياهو لديه مصلحة في جرّ حزب الله للتورط بحرب طوفان الأقصى، كون ذلك سيجر أميركا للتورط المباشر بتحقيق هدف تل أبيب العسكري بضرب حزب الله. 

وضمن هذا السياق يجدر لحظ أن هناك خلطاً لأوراق لعبة حرب غزة يتعاظم كل يوم؛ فنتنياهو يتجه للإستثمار في دعم الغرب له؛ وفي ذهنه جعل معركة غزة من حيث حجم دعم بايدن والغرب لإسرائيل فيها ضد حماس ومحورها؛ تشبه معركة أوكرانيا لجهة دعم الغرب السخي فيها لزلينسكي ضد روسيا..

.. وعليه فإن نتنياهو يريد ربح الحرب ضد حماس في غزة؛ وضد حزب الله في لبنان؛ وضد إيران في الشرق الأوسط الذي يسعى نتنياهو لتغييره معتمداً على دعم أميركي وغربي غير مسبوق لإسرائيل؛ أما قوى حكومة أقصى اليمين اليهودي فهي تريد ربح حرب تهجير أهالي غزة إلى سيناء وجعل إسرائيل دولة يهودية خالصة، فيما هدف بايدن – وهنا مفارقة الحرب – فهو “ضرب حماس” و”إضعاف نتنياهو”.. 

باختصار، إن أجندة المشاركين سياسياً أو عسكرياً بحرب إسرائيل ضد غزة ليست موحدة، وإذا كانت بداية الحرب بالنسبة إليهم تتمثل بضرورة الانتقام من حماس؛ فإن نهايتها ليست محل توافق عليها.. 

وضمن هذا الاختلاف بخصوص كيفية إدارة الحرب نحو نهايتها؛ تجدر الإشارة هنا إلى أن ورقة نتنياهو الوحيدة البديلة عن الدخول في “معركة برية مكلفة” ضد غزة، هو توريط واشنطن بالدخول في “معركة وجودية غير مكلفة” مع حزب الله!!؟.

Exit mobile version