الهديل

خاص الهديل: الحرب في غزة.. والهدف الاستراتيجي هو كسر إرادة مصر: صمود القاهرة يفشل “طوفان بايدن – نتنياهو” المعاكس..

خاص الهديل:

لم يعد ممكناً فصل ما يحدث في حرب غزة عن الهدف الأكبر لهذه الحرب، وهو تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء..

عندما بدأت حرب “طوفان الأقصى”، كان السؤال الأهم هو لماذا توقيت 7 أكتوبر 2023(؟؟)، وكانت حركة حماس، هي الجهة المطلوب منها تقديم إجابة سياسية، وليس عسكرية فقط عن هذا السؤال.. وقالت “إجابة حماس” أن ما دفع قائدها محمد ضيف للقيام بعملية “طوفان الأقصى”، هو وجود خطة إسرائيلية لإجتثاث قيادة حماس بدايات العام المقبل، وعليه قررت حماس القيام بعملية استباقية..

.. أضف إلى ذلك، أن حماس تقول أنها أرادت أيضاً عبر عملية “طوفان الأقصى”، قطع الطريق على توجه إسرائيلي للسيطرة على المسجد الأقصى، الخ.. 

يقال أيضاً أن النسخة الأصلية من عملية “طوفان الأقصى”، لم تكن بهذا التوسع الذي حصلت فيه؛ بل كان كل هدفها، هو السيطرة على عدد قليل من المواقع والمستوطنات، وأسر عدد من الإسرائيليين، وبدء عملية مقايضتهم بتحرير كل الأسرى الفلسطينيين، على أن يتم في هذه الأثناء، تقييد حكومة نتنياهو بموجبات إطلاق عملية تبادل أسرى كبرى، ما يمنعها من المبادرة بشن عملية أمنية كبرى تؤدي إلى تصفية الصف الأول في قيادة حماس، أو تنفيذ خطة تدمير المسجد الأقصى لصالح بناء هيكل سليمان.. 

.. ولكن، وبعد مرور ما يقارب أسبوعين من بدء حرب غزة، لم يعد مهماً الآن معرفة السبب الذي دفع بحماس لاختيار توقيت ٧ أكتوبر لبدء عمليتها؛ وصار الأهم الآن هو معرفة الأفق السياسي الذي تذهب فيه حرب غزة؛ والهدف السياسي الاستراتيجي الذي تحاول أن تصل إليه هذه الحرب!!.

 

واضح أن نتنياهو منذ اليوم الأول للحرب؛ وضع ثلاثة أهداف كبرى لتل أبيب: 

 

الهدف الأول استيعاب “صفعة طوفان الأقصى” التي أهانت كل “مؤسسات الهيبة الإسرائيلية”؛ أي إمتصاص الصدمة التي لحقت بالجيش وبالمخابرات وبالمستوطنين وبالمدنيين وبالمستوى السياسي؛ الخ.. 

 

الهدف الثاني الإنتقال إلى الهجوم السياسي والعسكري والمعنوي..

 

وضمن هذا الهدف أمر نتنياهو بتجنيد كل قوات الاحتياط.. وهذه خطوة غير مسبوقة في كل تاريخ إسرائيل الذي لم يشهد في أية مرة سابقة، دعوة كل قوات الاحتياط للخدمة في وقت واحد!!.

 

وأيضاً ضمن هذا الهدف الثاني عينه؛ وضع الكابينيت، وهو حكومة الحرب، خطة لتنفيذ أوسع نطاق من المجازر، وإلحاق الأذى المباشر بكل مفاصل حياة غزة السكنية والاقتصادية والخدماتية والمعيشية والعسكرية، الخ.. 

 

وتنفيذ خطة تدمير غزة الشاملة؛ تحتاج لأن تأخذ أشهراً من الوقت؛ وعليه يصبح قرار انتشار الجيش في غلاف غزة، لا يهدف بالعمق إلى تنفيذ مهمة التوغل البري في القطاع؛ بل الى تبرير مجازر قصف الجيش الإسرائيلي لكل مؤسسات غزة المدنية والخدماتية والدينية، وتدميرها.. إن ما يريده الكابينيت من انتشار الجيش على حدود غزة، هو إعطاء الانطباع بأن القصف الإسرائيلي العنيف (الهمجي) لغزة، هو تمهيد عسكري لبدء الهجوم البري؛ علماً أن قرار الهجوم البري لم يتخذ بعد، ومن الصعب توقع اتخاذه لألف سبب؛ ولذلك فإن نشر قوات الجيش عند باب غزة يهدف لتبرير ارتكاب الجرائم والمجازر في غزة تحت عنوان أن هذا القصف هو قصف تمهيدي للهجوم البري، وليس قصفاً إجرامياً وانتقامياً وتهجيرياً، ضد غزة..

 

بعد عدة أشهر لن يكون في غزة بنية تحتية صالحة للحياة فيها؛ وحينها أغلب الظن، سيتم تنفيذ توغل بري صوري لن يتعدى منطقة أطراف غزة الزراعية.. وعليه فإن هدف القصف التدميري لغزة المصحوب بالمجازر، والمنتظر أن يستمر لفترة أشهر (والبعض يقول لفترة سنة)، هو إتمام مخطط تهجير أهالي غزة على مرحلتين إثنتين: 

الأولى من شمال غزة إلى جنوبها.

 

.. والمرحلة الثانية هي إرغام فلسطيني غزة على النزوح من منطقة جنوب غزة إلى سيناء المتاخمة لها، ليتوطنوا بشكل نهائي هناك.. 

 

الهدف الثالث وهو الحلقة الأصعب في خطة تل أبيب وبايدن داخل مشهد حرب غزة، يتمثل بإرغام مصر على القبول بتوطين فلسطيني غزة في سيناء، وهو الأمر الذي أعلن الرئيس المصري والشعب المصري والجيش المصري رفضه بالكامل؛ وذلك انطلاقاً من مبدأين إثنين؛ الأول رفض القاهرة تصفية القضية الفلسطينية، لأن توطين الفلسطينيين في سيناء يعني إنهاء قضيتهم التي هي قضية مصر وكل العرب.

 

ثانياً- رفض مصر التخلي عن أي شبر من سيادتها على سيناء وذلك تحت أي ظرف.. والواقع أنه بموازة ميدان غزة العسكري، تستعر حرباً سياسية لا تقل ضراوة فوق ميدان صمود مصر بوجه كل أعداء القضية الفلسطينية؛ وكل الراغبين بتصفية القضية الفلسطينية على حساب فلسطين وسيناء..

وهذا الواقع يقول أنه كان يجدر بحماس وضع القاهرة بأجواء قرارها ببدء حرب طوفان الأقصى؛ كونه كان منتظراً أن تستغل تل أبيب نتائج طوفان حماس من أجل الأقصى لتحويله إلى “طوفان أميركي وأوروبي ضد إرادة مصر برفض التوطين الفلسطيني في سيناء وبرفض تصفية القضية الفلسطينية “.. ورغم أن هذا الوعي بضرورة التنسيق المسبق مع مصر لم تتنبه له حماس، إلا أن ما بات مطلوباً اليوم، هو إبراز أكبر تحشد عربي شعبي ورسمي داعم لصمود قرار مصر الرافض لجعل طوفان الأقصى ينقلب طوفاناً استراتيجياً يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية.

 

Exit mobile version