الهديل

خاص الهديل: ملف الأسرى يشعل الجبهة الإسرائيلية الداخلية ويعيق بدء الحرب البرية..

خاص الهديل:

يتم التوقع على نطاق واسع أن يصطدم السيناريو العسكري الإسرائيلي الحالي، بنفس الجدار الذي اصطدم به في جولات العنف السابقة ضد غزة؛ وهو جدار عدم إمكانية استكمال الدمار من الجو، بعمل برّي ينجز مهمة القضاء على العدو؛ أي على حماس. 

في المرات السابقة، قام سلاح الجو بحملة تدمير إستراتيجية للأهداف المحددة؛ ولكن حينما دخلت القوات الإسرائيلية إلى غزة لتسيطر على الأرض، حصدت خيبة عسكرية صادمة.. 

.. وعليه، فإن العقلانية العسكرية تقول أن نتنياهو سيهدد بحرب برية ضد غزة؛ ولكنه لن يأخذ قراراً ببدئها، لأنه لا يريد أن يضيف إلى مسؤوليته بالفشل بحماية مستوطني وجنود غلاف غزة؛ مسؤولية الفشل بالهجوم البري على غزة.. 

لقد بات واضحاً أن هناك عدة مشاكل جوهرية تواجه العقيدة العسكرية الإسرائيلية منذ نحو عقدين؛ وهي مشاكل يبدو أنها غير قابلة للحل..  

 

واحدة من هذه المشاكل هي تأكد حتمية أن سلاح الجو الذي يتفوق به الجيش الإسرائيلي على حماس وشقيقاتها الفلسطينية واللبنانية، وحتى على معظم دول المنطقة؛ لا يستطيع لوحده حسم الحرب لصالح إسرائيل.. بمعنى أدق؛ أن سلاح الجو لا يستطيع إنجاز الهدف السياسي الإستراتيجي للحرب..

 

المشكلة الثانية وهي استتباعاً للأولى، وتقع في تأكد إسرائيل من أن جيشها لا يملك القدرات الكافية لحسم الحرب بشكل كامل في الميدان البري؛ علماً أن شرط تحقيق أي نصر كامل هو تحقيق النصر في البر؛ أما سلاح الجو، فلا يستطيع لوحده أن يصنع النصر النهائي، بل تقتصر أهميته على التمهيد للنصر في البر.. 

 

المشكلة الثالثة هي الجبهة الداخلية والخوف من أنها لا تستطيع الصمود أمام خسائر الحرب البشرية وتكاليفها الإقتصادية وضغوطها النفسية..

 

ويلاحظ أن حرب طوفان الأقصى بدأت بواقعة أسر حماس أكثر من ٢٥٠ أسير إسرائيلي؛ أي أنها بدأت بصدمة قوية للجبهة الداخلية الإسرائيلية التي وجدت نفسها منذ ساعات الحرب الأولى أنها بمواجهة تكبيدها خسارة بشرية كبيرة..

 

ولعل نتنياهو أكثر من شعر بثقل هذه الضربة، كونه وجد نفسه داخل معادلة أن عليه بدء الحرب من نقطة اتهامه بالتقصير من قبل الجبهة الداخلية.. حاول نتنياهو أن يهرب من اتخاذ قرار سياسي بخصوص كيفية مقاربة موضوع الأسرى؛ وذلك من خلال احتمائه وراء مبدأ عسكري، هو مبدأ “حانيبال” الذي يعتبر الجندي الميت أفضل من الجندي الأسير.. ولكن أهالي الأسرى لم يطل صمتهم على هذا المبدأ الذي يعطي أولوية لاعتبارات الأمن على أولوية إطلاق الأسرى؛ فنظموا حركة احتجاجات تصاعدية ضد نتنياهو.

وما زاد من إحراج قيادة نتنياهو لهذه الحرب، هو بروز تصنيف دولي وسياسي اعتبر أن الأسرى من ذوي الجنسية غير الإسرائيلية، لهم أولوية في اهتمام المجتمع الدولي لإطلاقهم، على الأسرى الإسرائيليين.. وبظل هذا التصنيف ظهر للجبهة الداخلية الإسرائيلية أن الأسرى الإسرائيليين هم ضحايا بين رغبة المجتمع الدولي لإطلاق الأسرى الأجانب من جهة، ورغبة نتنياهو من جهة ثانية بالتعامل مع الأسرى الإسرائيليين وفق “مبدأ حانيبال”. 

ورغم نجاح نتنياهو لحد ما، في إبعاد موضوع الأسرى الإسرائيليين عن الضوء الإعلامي؛ إلا أن مراقبين يعتبرون أن هذا الملف يشكل أهم نقطة خلاف غير معلنة بين نتنياهو وقيادة الجيش؛ بخصوص تحديد موعد بدء الحرب البرية؛ فالجيش يريد تبكير البدء بالحرب البرية؛ ولكن نتنياهو يريد قبل بدئها ضمان أمرين إثنين، الأول ضمانات معقولة حول نجاحها، أو اقله حول عدم فشلها؛ والأمر الثاني أن يتحمل الجيش – وليس هو – مسؤولية مصير الأسرى الإسرائيليين لدى حماس؛ لكن قيادة الجيش تعتبر أن مسؤولية هذا الملف تقع على المستوى السياسي. 

وأمس تقصد نتنياهو أن يظهر في صورة واحدة مع وزير الدفاع ورئيس الأركان؛ وكان هدفه من ذلك القول أنه لا خلافات بينه وبين الجيش.. ولكن أبعد من ذلك، فإن نتنياهو يريد القول أن وزير الدفاع ورئيس الأركان شركاء معه، في عدم إعطاء أولوية لحماية أمن للأسرى الإسرائيليين.. وأوضح من ذلك فإن نتنياهو يريد القول أن قيادة حرب “السيوف المسنونة” بشقيها العسكري والسياسي، قررت تقديم اعتبار أمن إسرائيل على اعتبار أمن الأسرى الإسرائيليين!!..

 

Exit mobile version