الهديل

خاص الهديل: خطة بايدن لقيادة حرب النكبة الفلسطينية الثانية: سبعون عاماً أخرى من الصراع..

خاص الهديل:

مع مضي الوقت على حرب طوفان الأقصى ستتعب إسرائيل من سفك الدماء في غزة؛ وستغرق في بحر من الجرائم الإنسانية لدرجة تجعلها تواجه غضب المرآة التي تنظر إلى نفسها فيها.

بعد حرب السيوف المسنونة بحسب تسمية إسرائيل لحرب طوفان الأقصى؛ سيكون صعباً تخيل قدوم يهود جدد من أصقاع العالم للاستيطان ببلد الميعاد الذي تقول الحركة الصهيونية عنه أنه أرض بلا شعب لشعب بلا أرض؛ ذلك أن حرب غزة تقول بالصورة المباشرة أن فلسطين مسكونة بشعب، وأنه ما عاد يمكن لليهود القادمين إليها من أنحاء العالم، الاستيطان فيها إلا بشرط إبادتهم لشعبها الأصيل..

لقد أعادت حرب السيوف المسنونة الوضع بين الفلسطينيين أصحاب الأرض والمستوطنين الصهاينة إلى لحظة ما قبل العام ١٩٤٨ حينما كانت الحركة الصهيونية تحاول القول أن فلسطين أرض بلا شعب.. وما تقوم به إسرائيل اليوم ضمن حرب السيوف المسنونة هو أنها تقوم بحرب إبادة شعب في أرضه لتصبح مقولة أن فلسطين أرض بلا شعب صحيحة..

والواقع أن حكومة أقصى اليمين التي عارضها بايدن بشدة متهماً إياها بالتطرف وأنها ضد السلام، وملمحاً بأنها عنصرية؛ أصبح اليوم (أي بايدن) هو أحد كبير وزرائها.. وأصبح اليوم أحد وزراء الكابينيت التي تشن حرب قتل السلام في فلسطين وقتل التطبيع بين إسرائيل والمنطقة.. 

وفيما بايدن يقول أن حرب طوفان الأقصى كان هدفها ضرب خططه لإنجاز التطبيع بين إسرائيل والسعودية؛ فإن دعم بايدن للقتل الجماعي الإسرائيلي في غزة والضفة والقدس ساهم بتدمير احتمال التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة أضعاف المرات أكثر مما فعل مخططو حرب طوفان الأقصى..

إن أهم نتائج الحرب الدموية الإسرائيلية على غزة، هو أولاً ابتعاد السلم الإسرائيلي الفلسطيني عن شاشة توقع حدوثه لا بصيغة الدولتين ولا بأية صيغة أخرى؛ وابتعاد مقبولية الشعوب العربية لوجود إسرائيل؛ ودخول المنطقة في معركة ثأر تاريخية طويلة المدى..

..وثانياً ان حرب غزة ستعزز وتقوي “المد السياسي الإسلامي الحركي” الذي تنتمي إليه حماس، سواء داخل فلسطين أو في كل دول المنطقة؛ وهذا أمر سيكون له تداعيات على عدة مستويات إستراتيجية وجيوسياسية؛ وسيسفر عن إعادة صياغة موازين القوى داخل المجتمعات السياسية العربية والإسلامية في المنطقة؛ وذلك لصالح طفرة نهوض كبرى للإسلام السياسي الحركي.

إن أخطر ما تفعله إدارة بايدن اليوم، هو أنها تمنح التطرف الديني اليهودي فرصة لجعل القتل الجماعي للفلسطيني؛ هو أمر ممكن عسكرياً بفضل الدعم العسكري الأميركي، وهو أمر له شرعية دولية بفضل الفيتو الأميركي في مجلس الأمن؛ وهذا سياق يؤدي إلى تشريع حدوث النكبة الفلسطينية الثانية في مناطق احتلال العام ١٩٦٧؛ وليس حدوث سيناريو حل الدولتين عبر تخصيصها أراضي ال٦٧ كمساحة للدولة الفلسطينية؛ وسيؤدي هذا السياق أيضاً إلى تبيان أنه بعد سبعين عاماً من الاحتلال ومن النكبة الفلسطينية الأولى، تحدث النكبة الفلسطينية الثانية في أراضي احتلال ال٦٧؛ وذلك بعد أن كانت بريطانيا شرعت قبل نحو سبعين عاماً حدوث النكبة الفلسطينية الأولى في أراضي احتلال العام ٤٨ .. وهذه المرة تجري النكبة الثانية تحت ضوء الإعلام المرئي؛ وتجري من خلال قيادة عسكرية مشتركة أميركية إسرائيلية..

.. وإذا كانت النكبة الأولى فتحت أبواب المنطقة أمام مسلسل حروب لم ينته رغم مرور سبعين عام عليها؛ فإن النكبة الثانية ستتفتح أبواب المنطقة أمام قرن مقبل من الحروب التي ستتخذ أشكالاً عدة.. ومع هذه الحرب يصبح بالإمكان التوقع بسهولة أن “مقابر الاطفال والأبرياء في غزة” ستفتح في المستقبل مقابر كثيرة؛ عدا أن مستقبل المنطقة بذاته، سيصبح قبراً نهماً لطموحات السلام. 

ثالثاً- ستؤدي نتاج حرب غزة إلى ولادة جيل فلسطيني جديد في داخل فلسطين وفي الشتات، يؤمن بأن بقاءه يحتم عليه الذهاب لخيار المقاومة ليس فقط من أجل نيل حقوقه، بل من أجل الدفاع عن وجوده المادي.. والواقع أن التصرف الإجرامي الإسرائيلي والأمريكي والغربي في حرب غزة، أوصل للفلسطيني رسالة صادمة تقول له أن المسكونة كلها وليس فقط فلسطين، لا تحتمل أن يتواجد عليها في وقت واحد شعبين اثنين، وهما الإسرائيليون والفلسطينيون.. إن تكرار سيناريو أن يكون الفلسطيني فوق أرضه فلسطين هو الهندي الأحمر الجديد الذي سبق أن تمت إبادته فوق أرضه الأميركية، هو المعنى الوحيد الذي يفسر به الفلسطينيون اليوم، نوعية الحرب التي يشنها ضدهم الأميركي والإسرائيلي والغرب.. 

“إن من يعش بالسيف يمت بالسيف”. هكذا ترسم حرب السيوف المسنونة؛ وصفة المستقبل للذين خططوها والذين اعتبروا بعد سبعين عاماً من الدماء أن المزيد من سفك الدماء هو الحل.

Exit mobile version