الهديل

خاص الهديل: توغلات برية “لتقليل مساحة غزة المسكونة”: نتنياهو “متهم قومي بالفشل” بانتظار محاكمته..

خاص الهديل:

أعلنت إسرائيل أنها بدأت المرحلة الثانية من حربها على غزة؛ وفيما لو أراد المراقب تتبع المراحل التي حددتها إسرائيل لهذه لحرب منذ بدئها في يوم ٧ أكتوبر الجاري، لأمكنه رسم الجدول التالي: 

يوم ٧ أكتوبر ولغاية ١٠ أكتوبر، كانت إسرائيل موجودة في “مرحلة الصدمة الكاملة” و”الشلل التام” على مستوى المبادرة العسكرية سواء الهجومية أو الدفاعية..

.. من يوم ١٠ أكتوبر لغاية ٢٠ أكتوبر، تموضعت إسرائيل داخل “مرحلة أو مهمة إخراج عناصر حماس من منطقة غلاف غزة”.. وقد أطلق الكابينيت على هذه المرحلة إسم المهمة الأولى ضمن عملية “السيوف المسنونة” وهي التسمية التي أطلقتها تل أبيب على الحرب الراهنة.. فيما اعتبر الكابينت حينها أن المهمة الثانية المؤجلة حتى تنفيذ المهمة الأولى، هي الحرب البرية. 

ومن يوم ٢٠ حتى ليلة ٢٧ أكتوبر، بدأت إسرائيل مرحلة قصف غزة توسلاً لتحقيق هدف تدميرها إنتقاماً من عملية ٧ أكتوبر..

ومع حلول ليلة ٢٧ أكتوبر الحالي، انتقلت إسرائيل إلى “مرحلة التوغلات البرية” داخل قطاع غزة؛ وهي الآن، لا تزال موجودة داخل هذه المرحلة.. 

وهنا يجدر إيراد الملاحظات التالية بخصوص مرحلة التوغلات البرية: 

أولاً- الكابينيت تجنب إطلاق تسمية مرحلة الحرب البرية على المرحلة الراهنة الموجود فيها الجيش الإسرائيلي منذ ليلة ٢٧ أكتوبر؛ وواضح أن الكابينيت اختار لهذه المرحلة تسمية “التوغلات البرية” كون هذه التسمية تحفظ خط الرجعة لمعنويات الجيش الإسرائيلي في حال اصطدم – كما هو متوقع – بفشل تقدمه البري.. ولذلك حول الكابينيت العملية البرية من “اندفاعة قوية لها سمة الاجتياح الواثق من القدرات”، إلى “اندفاعات بطيئة جزئية متسمة بالحذر الشديد”..

ثانياً- ضمن مفهوم تنفيذ توغلات برية بطيئة، وليس اجتياح بري سريع؛ فإن الجيش الإسرائيلي يحاول دخول قطاع غزة من ثلاثة محاور، تؤدي إلى شطر غزة إلى قطاعين إثنين عسكريين: قطاع شرقي وقطاع جنوي؛ يفصل بينهما وادي غزة عند منطقة قريبة من مخيم البريج الذي تحاول الدبابات الإسرائيلية التقدم منه لترسم خط فصل غزة إلى شطرين.  

ثالثاً- تقوم خطة الكابينيت هذه على احتلال قطاع شرق غزة بعد أن يكون قد تحول إلى منطقة شبه مدمرة، ودفع سكانه للهجرة نحو قطاع جنوب غزة الذي سيكون عليه استيعاب كل سكان غزة.

وقد عبّر وزير الخارجية الإسرائيلية عن هذه الخطة عندما قال “أن إسرائيل تسعى لتقليل مساحة غزة”؛ أي جعل غزة المأهولة هي شطرها الجنوبي فقط، فيما الشطر الشرقي من غزة يتم تدميره ومن ثم ضمه لإسرائيل.. 

وهنا يجدر الإشارة لنظرية جديدة تسود العقيدة العسكرية الإسرائيلية، ومفادها أنه بعد اليوم يجب على إسرائيل أن لا تكتفي بمعاقبة من يتجرأ على هيبتها الأمنية، بضربه وتدميره فقط، بل عليها أن تجعله يدفع ثمناً إضافياً، وهو خسرانه لأراض..

.. وعليه فإن إسرائيل تخطط لضم شرق غزة إليها كثمن لحربها ضد حماس؛ وتخطط أيضاً لضم منطقة من جنوب لبنان إليها، كثمن لحربها ضد حزب الله.  

رابعاً- يبقى القول أن الخطة الإسرائيلية في غزة والتي دخلت اختبارات القدرة على خوض حرب برية ناجحة؛ تواجه منذ بدايتها عدة تحديات جوهرية: النوع الأول من هذه التحديات تتمثل بأن نتنياهو يخوض الحرب وهو يعاني من نقطتي ضعف هامتين: الضغوط عليه بسبب عدم قدرته على مقاربة ملف الأسرى الذين بيد حماس، مما يضعف موقعه داخل الجبهة الداخلية؛ والثانية هي سمة الفشل العالقة به كونه أخفق في حماية غلاف غزة في ٧ أكتوبر؛ ما يجعله “متهماً قومياً” بانتظار أن تحين فرصة محاسبته ومحاكمته عن التقصير الفاضح الذي ارتكبه.

أما النوع الثاني من التحديات التي تواجه خطة الحرب الإسرائيلية – وهو الأهم – فهو يتعلق بأهداف الحرب الإستراتيجية الثلاثة التي اعلنتها إسرائيل؛ وكلها أهداف من المشكوك جداً تحققها: 

الهدف الأول إطلاق سراح الأسرى؛ وهو أمر يحتاج لوقف العملية البرية، علماً أن الاستمرار بهذه العملية البرية يعتبر شرطاً ضرورياً لتحقيق الهدف الثاني من حرب إسرائيل، وهو “سحق حماس”..

.. وبكل الأحوال فإنه حتى لو نجح نتنياهو بتفكيك “لغم الأسرى”، فإن هدف “سحق حماس” غير واقعي، لأن حماس ليست فقط جسماً عسكرياً، بل هي فكرة داخل الشعب الفلسطيني.. أضف أن حماس ليست فقط قوة عسكرية شبه تقليدية، بل هي أيضاً قوة عسكرية تنتمي لمنظومة “حرب الأنصار”؛ وهذه الأخيرة تعيش في الظل وتتحرك في الظل، وقابلة لأن تستمر ولو حتى فقدت الأرض بمفهوم عسكري.  

الهدف الثالث المعلن للحرب الإسرائيلية، وغير القابل للتحقق هو تهجير فلسطيني حماس من شرق القطاع إلى جنوبه، ومن ثم تهجيره من الجنوب إلى سيناء. وكل مراحل الترانسفير هذه، ستواجه بإرادة رفضها من فلسطيني غزة ومن القاهرة..

Exit mobile version