الهديل

خاص الهديل: نصر الله يطلق رسالة نار لواشنطن: كتائب القسام – لبنان..

خاص الهديل:

التصعيد العسكري الذي نفذه حزب الله أمس على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، كان الهدف الأساسي منه إيصال عدة رسائل عاجلة في وقت واحد: الرسالة الأولى على صلة بخطاب السيد حسن نصر الله الأول منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر الماضي.. لقد أراد نصر الله أن يكون خطابه صدى لفعل حزب الله في الميدان، وليس مجرد مواقف خطابية..

أما الرسالة الثانية فهي أرادت إظهار أن كتائب القسام (الذراع العسكري لحماس) لديها حضور مهم داخل الجبهة الشمالية التي فتحها حزب الله في جنوب لبنان بموازاة جبهة الجنوب في غزة.. 

وربما كانت هذه الرسالة هي الأهم، كونها تريد القول أن حزب الله يفتح لطوفان الغضب جبهة فلسطينية عسكرية فعلية ثانية في جنوب لبنان.. وللدلالة على هذا المعنى، تقصد الحزب أن يفسح المجال لتنفذ حماس قصف صاروخي من داخل منطقة الـ1701، فيما قصفت المقاومة الإسلامية التابعة له، مواقع تقع في مزارع شبعا.. وهذه رسالة يريد الحزب من خلالها القول لوزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو التي تزور لبنان، أن إستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة من شأنه أن يوسع الحرب في المنطقة، وأن يطيح بالكامل بدور اليونيفيل الأوروبي في لبنان الذي يوجد لكل من باريس وألمانيا دوراً أساسياً فيه.. 

أضف لذلك أن التصعيد العسكري أمس الذي أخذ قراره حزب الله، تقصد أن يوجه إهتمام الإعلام بشأنه إلى نتائج قصف حماس لكريات شمونة، وذلك على نحو يوحي بأن حارة حريك تحدت طلب شيا سفيرة أميركا في لبنان، التي أرسلت – بحسب معلومات شاعت في بيروت – رسالة لحزب الله تحذره من السماح للفلسطينيين بالعمل العسكري في جنوب لبنان. 

.. والواقع أن صور الحرائق التي إشتعلت أمس في كريات شمونة، تذكر بمرحلة ما قبل العام 1982، حينما كانت الفصائل الفلسطينية المتمركزة حينها في جنوب لبنان، تقوم بقصف كريات شمونة بالكاتيوشا، وكانت إسرائيل ترد على ذلك بقصف القرى اللبنانية المجاورة للحدود الفلسطينية المحتلة. إن دينامية “طوفان الأقصى” تعمل فلسطينياً بمفعول رجعي، أي أنها تعيد الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى لحظاته الأولى، سواء داخل فلسطين أو في الشتات.. وفيما مناطق الـ48 تشهد تأجج الصراع على الأرض بين أهل الأرض والمهاجرين اليهود إليها، وتشهد مناطق الـ67 إحتدام الصدام العسكري بين المستوطنين وأبناء الضفة والقدس، فإن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة تعود لمنطق “فتح لاند” ولحرائق الكاتيوشا الفلسطينية في كريات شمونة التي كانت بالعادة تؤدي إلى شن حرب إسرائيلية على لبنان. 

لا شك أن تصعيد حزب الله العسكري أمس والذي تميز بأنه شمل القطاعات الحدودية اللبنانية الثلاثة مع فلسطين المحتلة، كان هدفه لفت الأضواء إلى جانبين هامين من وجهة نظر حارة حريك، وهما: أن المعنى الفلسطيني هو الأساس في هذه المواجهات على الجهبة الشمالية، وأن حزب الله هو ضمن معركة طوفان الأقصى، ومن هنا تم إعطاء الحصة الإعلامية الأكبر من تصعيد أمس لمشاهد حرائق كريات شمونة التي تسببت صواريخ حركة حماس بها، أو ما اصطلح الحزب وحماس على تسميته في إعلامهما بـ “كتائب القسام – لبنان”.. 

أما الجانب الثاني، فيتعلق بتمهيد المناخ الإعلامي والسياسي للفت النظر إلى أن خطاب نصر الله اليوم له تتمة داخل وقائع حرب طوفان الأقصى، الأمر الذي يترتب عليه أن تسود في المنطقة حالة إنتظار للمواقف الذي سيطلقها نصر الله خلاله، وذلك بنفس طريقة الإهتمام التي تنتظر فيها المنطقة وصول وزير الخارجية الأميركية في نفس اليوم أيضاً إلى كل من الأردن وإسرائيل لإجراء مباحثات حول “الهدنة الإنسانية” التي ربما تؤدي بحسب معلومات الى وقف إطلاق النار.. 

وفي غضون تزاحم هذه التطورات يبقى السؤال عن ما إذا كان بلينكن سينجح خلال زيارته في تحقيق ثلاثة أهداف اساسية، وتعتبر مهمة، لأن عدم نجاحه في إنجازها سيؤدي إلى تعاظم إحتمالات أن يعم طوفان الأقصى كل المنطقة.. 

الهدف الأول هو منع توسع الحرب بإتحاه أن تصبح إقليمية. والمقصود في هذه المرحلة عدم حدوث إنزلاقات عسكرية على الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية والسورية الإسرائيلية. 

الهدف الثاني هو إقناع إسرائيل بالموافقة على هدن إنسانية تشتمل على إطلاق الرهائن والأسرى وفتح المعابر وإيصال المساعدات الإنسانية والطبية بخاصة، الخ..

الهدف الثالث هو الإتفاق مع إسرائيل على تحديد ثمن مقبول ومعقول وممكن التحقق، توافق إسرائيل عليه كمقابل تحصل عليه لموافقتها على وقف النار.. فالمشكلة الكبرى حالياً تكمن في أن إسرائيل تقاتل على الجبهة البرية من دون هدف ممكن التحقق تتطلع إليه، وبهذا المعنى لا تزال إسرائيل تقاتل بمفهوم الثأر، ودور زيارة بلينكن الحالية هي دفع إسرائيل لتحديد هدف سياسي معقول عسكرياً، تقوم عند تحقيقه بالتوقف عن الإستمرار في حربها ضد غزة..

Exit mobile version