الهديل

خاص الهديل: رسالة بلينكن الصادمة إلى العرب: تطبيق “مبدأ بايدن” في أوكرانيا على غزة!!

خاص الهديل:

دخلت يوم أمس حرب غزة مرحلة جديدة، هي الأخطر منذ بدئها يوم ٧ أكتوبر الماضي؛ ويعود سبب ذلك إلى اتضاح موقع واشنطن داخلها؛ وهو موقع عبّر عنه وزير الخارجية بلينكن خلال لقاء عمان الذي جمعه مع وزراء خارجية الأردن ومصر وعدد آخر من المسؤولين العرب.. لقد قال بلينكن أن الولايات المتحدة تدعم استمرار حرب إسرائيل ضد حماس؛ وأن إدارة بايدن ضد وقف النار في غزة الذي يطالب به الرأي العام العالمي ودول كثيرة، لأن ذلك يتناقض مع مبدأين إثنين تدعمهما إدارة بايدن بشكل مطلق وهما: “حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها”، و”استمرار الحرب حتى إتمام مهمة هزيمة حماس، والقضاء عليها بالكامل”.. 

وصار واضحاً الآن أن بلينكن جاء إلى المنطقة، وهو يحمل في جعبته موقفين أو هدفين أميركيين إثنين يريد إبلاغهما بهذا الشكل أو ذاك، للعرب: 

الأول يتمثل بأن أميركا تدعم وتغطي مجهود إسرائيل العسكري ضد حماس بكل قوتها.. وبمثلما أن إدارة بايدن تدعم تسليحاً وتمويلاً وسياسياً هدف إلحاق الهزيمة ببوتين في أوكرانيا، فإنها تدعم بنفس القوة وبذات الزخم، هدف إلحاق الهزيمة بحماس في غزة..

الهدف الثاني يتمثل بأن إدارة بايدن ستصبح هي المعنية بالقتال بشكل مباشر ضد أي دولة أو طرف في جوار إسرائيل بخاصة – أو في منطقتها بعامة – يدخل في هذه الحرب إلى جانب حركة حماس..

.. ويبدو واضحاً هنا، أن إدارة بايدن تطبق على “حرب غزة” لصالح إسرائيل نفس قوانين مبدأ بايدن في أوكرانيا لصالح كييف؛ حيث في الأخيرة يتكفل الناتو بمواجهة أي دولة في جوار أوكرانيا تدخل الحرب إلى جانب بوتين..

والواقع أن هذين الموقفين الأميركيين اللذين يمثلان سياسة بايدن نحو حرب غزة؛ يشبهان لحد التطابق سياسته تجاه الحرب في أوكرانيا؛ مع فارق واحد يتعلق بإزدواجية المعايير، حيث أنه في أوكرانيا يقف بايدن مع ما يسميه “مقاومة كييف” ضد الإحتلال الروسي؛ فيما في غزة يقف مع المحتل الإسرائيلي ضد مقاومة غزة..   

والواقع أن إصرار بايدن على إدارة ظهره لكلفة الحرب الباهضة وغير الإنسانية، على المدنيين الفلسطينيين، يكرر (أي هذا الإصرار) تجاهل بايدن لكلفة الحرب الباهضة في أوكرانيا على أرواح الشعب الأوكراني وعلى استقرار أوروبا.. وفي حال لم تبرز داخل أميركا اتجاهات وازنة توقف تعميم بايدن لمبدئه في أوكرانيا على حرب غزة؛ فإن ذلك سيعني أن غزة ذاهبة لحرب إبادة إسرائيلية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية؛ وأن بايدن تحت شعار مقاتلة حماس يزعم أن ذلك يشكل شرطاً ضرورياً لحماية إسرائيل ولتنفيذ حل الدولتين؛ سيسبب للمنطقة بإهتزازات كبرى تماماً كما أن حرب أوكرانيا سببت ولا تزال إهتزازات كبرى لمنطقتها الأوروبية.

ومنذ هذه اللحظة المبكرة يمكن القول أن تطبيق مبدأ بايدن في حرب أوكرانيا على حرب غزة، سيعني أن المنطقة حتماً ذاهبة إلى الوقائع التالية: 

إتساع نطاق الحرب ودخول أميركا طرفاً فيها.. وهذا المشهد يمكن توقعه بسهولة بالنظر لكون السيد نصر الله في خطابه الأخير، وقبله وبعده وزير خارجية إيران، أعلنا أن جبهات عدة ستنضم لحرب غزة لمنع هزيمة حماس؛ ويقصد نصر الله واللهيان بهذه الجبهات: حزب الله في لبنان وفصائل من “محور المقاومة الإيراني” موجودة على جبهة الجولان في سورية، الخ..

وعلى نحو جلي بات واضحاً أنه في حال لم يتم استدراك توجه بايدن كما عكسه بلينكن أمس في اجتماع عمان، فإن ميدان حرب غزة سيتسع ليصبح محور إيران بمواجهة اساطيل وقواعد أميركا في المنطقة؛ وهو أمر سيقود روسيا بعد إيران للإشتراك في هذه الحرب الإقليمية الكبرى.. 

وأخطر ما في هذا التطور المرتقب هو أنه يلغي أهمية سؤال طالما تم اعتباره ضمانة لعدم إقدام واشنطن على إشعال حرب واسعة في المنطقة؛ ومفاد هذا السؤال هو استبعاد أن يكون لإدارة بايدن مصلحة في خوض حرب ثانية في الشرق الأوسط إلى جانب حرب أوكرانيا في أوروبا؟… 

يبدو أن الولايات المتحدة، ولأسباب لم تتضح كلياً حتى الآن، تتجه لاستغلال حرب غزة من أجل تحقيق أهداف أكبر في الشرق الأوسط، قد تكون على صلة بحرب بايدن ضد بوتين في أوروبا، وبإشعال حرب ضد طموحات بوتين على ضفاف المياه الدافئة المتوسطية، وعلى صلة بحرب واشنطن ضد طهران المتصلة بهدف أميركي استراتيجي يتعلق بتطويق إيران في المنطقة، وبهدف آخر أبعد، يتعلق بإضعاف قدرة إيران على توفير الطاقة الرخيصة للصين.. 

.. وعليه، فإنه قد يكون الهدف من رغبة واشنطن باستغلال حرب غزة، هو “خلق ميدان حرب في الشرق الأوسط” يشكل في أهدافه الإستراتيجية، تتمة للميدان الأميركي المشتعل في أوكرانيا.

Exit mobile version