خاص الهديل:
.. من وجهة إسرائيل والغرب، صار هناك ربط لم يعد ممكناً فصله بين جبهة غزة الجنوبية وجبهة الشمال اللبنانية؛ وأيضاً بين مستقبل حركة حماس داخل مستقبل غزة، وبين مستقبل حزب الله داخل مستقبل لبنان..
ولقد نتج هذا الربط الذي أصبح عضوياً بنظر الغرب، نتيجة ثلاثة اعتبارات بات لها صفة الثوابت في معادلة نظرة واشنطن وتل أبيب للأمن والإستقرار في المنطقة:
الإعتبار الأول الذي قاد لهذا الربط، هو إعلان السيد حسن نصر الله لبنان على أنه “بلد دعم وإسناد لغزة”.. وبالنسبة للغرب وإسرائيل فإن الترجمة السياسية والأمنية لهذا الإعلان، تعني أن نصر الله يعتبر لبنان “ساحة نصرة” ليس لفلسطين بل لحماس في غزة التي هي شبيهته أيديولوجياً داخل مشروع الإسلام السياسي في المنطقة..
وتعبير “ساحة نصرة” هو مصطلح تستخدمه الأحزاب الجهادية الإسلامية التي تتبادل فيما بينها أدوار حماية بعضها البعض.. ورغم أن العلاقة بين حماس وحزب الله هي علاقة تحالفية تتقاطع عند مشروع تحرير فلسطين، ولا تنظر إلى نفسها على أنها علاقة أيديولوجية دينية؛ إلا أن الإعلام الغربي والإسرائيلي لديه مصلحة في وضع هذه العلاقة داخل صورة أنها نسخة من علاقات تبادل الحماية والتفاعل إيجاباً وسلباً التي قامت لفترة غير قصيرة بين داعش والقاعدة؛ ويركز مسؤولو الأمن الإسرائيليون على إطلاق تسمية داعش على حماس، وتسمية القاعدة على حزب الله!!.
الإعتبار الثاني الذي يوظفه الخطاب السياسي الغربي والإسرائيلي للزعم بأن هناك ثنائية عقائدية بين حماس وحزب الله تشبه علاقة داعش والقاعدة، هو وضع نصر الله خطاً أحمراً سيقوم الحزب بدخول الحرب في حال تجاوزته إسرائيل؛ ومفاده اقتراب حماس من إلحاق هزيمة بها.. وعبّر نصر الله عن موقفه هذا بالقول ممنوع عدم انتصار حماس في هذه الحرب..
هناك أكثر من قراءة لكلام نصر الله هذا؛ والبعض، ولغايات سياسية، يقول أن كل هم حزب الله في حرب غزة هو إبعاد كأس الهزيمة عن حماس؛ لأن هزيمة حماس هو بداية انهيار مشروع الإسلام الجهادي داخل حركات المقاومة في المنطقة.. وعليه فإن الحزب يرى أن حماس تتموضع حالياً في خط الدفاع الأول عن مشروع المقاومة الإسلامية كله؛ وإذا هُزمت حماس فهذا الأمر سيجعل أحجار الدينامو الممانع، تنهار الواحد بعد الآخر..
وهذه النظرة يتقصد بعض الخطاب السياسي الغربي والإسرائيلي تعميمها؛ والهدف منها أخذ القرار الدولي إلى مساندة أجواء داخل إسرائيل تعتبر أنه من ناحية استراتيجية يتوجب قبل الإجهاز على حماس القيام بالإجهاز على حزب الله، وأما وأن هذا الأمر لم يتحقق فإنه بات على إسرائيل أن تبادر بعد التخلص من حماس إلى إدارة آلاتها العسكرية المتوحشة نحو الشمال لتخوض معركة الإجهاز على حزب الله في لبنان.
والواقع أن هناك أكثر من تصريح إسرائيلي يقول أنه بعد تغيير المشهد السياسي الفلسطيني من خلال جعله خالياً من هيمنة حماس عليه؛ يتعين على إسرائيل التوجه نحو الشمال لخلق مشهد سياسي لبناني جديد خال من سيطرة حزب الله عليه.
بهذا المعنى يبدو أن حرب غزة تحولت بفعل الوقائع العسكرية التي واكبتها، إلى الحلقة الأولى التي ستليها حلقة حرب لبنان الثانية!!.
الإعتبار الثالث الذي جعل النظرة الغربية – الإسرائيلية للبحث عن مستقبل سياسي جديد لغزة بعد حماس، مرتبطة بالبحث عن مستقبل جديد للبنان بعد حزب الله، هو تظهير الجبهة الشمالية في لبنان على أنها منقادة من رأسين إثنين: الأول المقاومة الاسلامية في لبنان (أي حزب الله)، والثاني “كتائب القسام – لبنان”..
.. إن تقصد الإعلام الحربي لحماس، إضافة كلمة “لبنان” وراء عنوان “كتائب القسام” (لتصبح العبارة “كتائب القسام – لبنان”)، يمثل إعلاناً بأن الذراع العسكري لحماس صار له حيثية عسكرية في لبنان، ليست عابرة أو موسمية، بل هي وجود قائم ودائم وله مركزيته، وله شبه وجود حركة فتح قبل خروجها عسكرياً من لبنان. والمعنى الإستراتيجي لكل ما تقدم هو أن “كتائب القسام – لبنان”، هي مشروع لاستمرار حماس على ساحات الشتات الفلسطيني في حال نجحت إسرائيل في تقييدها داخل غزة؛ وهذه رسالة بأن جهاد حماس ضد إسرائيل وداخل الساحة السياسية الفلسطينية وداخل الفضاء العربي، مستمر بدعم من تحالف محور الممانعة الجهادي الإسلامي له؛ وذروته بالنسبة لحماس هو تحالفها مع حزب الله..