“عامل”: حان الوقت لتطبيق “حق التدخل الإنساني” لغرض إنساني حقيقي لمصلحة الشعوب وليس على حسابها وعلى منظمة الصحة العالمية وكل المنظمات الإنسانية تحمل مسؤولياتها في توفير الحق في الصحة والعلاج في قطاع غزة
توجه مؤسسة عامل الدولية نداءاً إنسانياً عاجلاً لللأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، بضرورة التحرك الفعّال لإيقاف التدمير الوحشي والاستهداف المتعمد والوحشي للقطاع الصحي في غزة، الذي يشهد انهياراً كاملاً وسط استمرار المذبحة من جهة والحصار من الجهة الأخرى.
واعتبرت “عامل” أن عجز العالم عن ردع التدمير الممنهج لكل أساسيات الحياة في غزة، وخصوصاً المستشفيات وباقي المرافق الصحية، إنما هو بمثابة ضوء أحمر لرفع الغطاء والحماية عن القطاع الصحي في جميع أنحاء العالم، *إنه انتهاك للإنسانية جمعاء وتهديد للسلام العالمي، وجميعنا مسؤولون لبذل كل الجهد الممكن لإيقاف هذه المجزرة*.
وطالبت “عامل” منظمات الأمم المتحدة وعلى *رأسها منظمة الصحة العالمية* وباقي الهيئات الصحية الفاعلة في العالم، لتشكيل *قوى ضاغطة على الحكومات لتطبيق القانون والمعاهدات الدولية*، لأن تأمين وحماية الحق في الصحة والعلاج هو مسؤولية هذه الهيئات، وإن الاكتفاء بمناشدة اسرائيل لايقاف انتهاكاتها الوحشية بحق غزة وباقي الأراضي الفلسطينية لا يكفي، وإن عدم قدرتها على القيام بهذا الدور سيؤثر على مصداقيتها أمام الأجيال القادمة.
لقد بلغ عدد الشهداء العشرة آلاف، والجرحى 24 ألفاً، والقصف مستمر لم يتوقف خلال كتابة هذا النداء ونشره، في ظل خروج 16 مستشفى عن الخدمة واستهداف أجزاء من المستشفيات الـ16 الباقية، وتدمير 32 مركزاً صحياً و51 عيادة و27 سيارة إسعاف واستشهاد 150 كادراً صحياً، ونفاد الوقود والمعدات والمستلزمات الطبية الأساسية.
وقد تساءلت “عامل” لماذا لا يتم اليوم تطبيق مبدأ التدخل الإنساني لقضية إنسانية بالفعل، بدلاً من استخدامه كأداة سياسية لتحقيق مصالح الغرب؟ في السابق، تم اضفاء تفسير سياسي منحاز على هذا المبدأ للتدخل في الشؤون الداخلية للدول والمساس بسيادتها والضغط على الحكومات من أجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، ولكن يمكن بالفعل استخدامه للغرض الحقيقي الذي وضع من أجله: *صون الحق في الحياة لكل إنسان*.
إن استهداف اسرائيل للقطاع الصحي في غزة هو جريمة ضد الإنسانية، توثق مباشرة على الشاشات، وتلاقي دعماً واسعاً في أوساط بعض الأطباء والسياسيين الاسرائيليين الذين أعلنوا دعمهم الكامل لتدمير المستشفيات وغيرها من مرافق الحياة، في خطوة وقحة تضع العالم كله أمام معضلة موت القانون الدولي، في ظل غياب المحاسبة لاسرائيل بتواطئ من بعض الحكومات والقوى العالمية.
إن استمرار الوحشية الاسرائيلية ضد القطاع الطبي والإنساني، تعني أن استهداف كل المستشفيات والمراكز الصحية حول العالم من الآن وصاعداً سيكون متاحاً، ومن أجل ذلك نحن ندعو كل زملائنا في القطاع الصحي حول العالم لاتخاذ موقف موحد، موقف يتماشى مع قسمنا والتزامنا، يتماشى مع مسؤوليتنا لصون الحق في الحياة والرعاية الصحية لكل إنسان في العالم بمعزل عن انتمائه وعن أي حسابات سياسية ضيقة تجعل من حياة البشر على الأرض بلا قيمة، كالذي نشهده في قطاع غزة، علينا أن نقف وقفة إنسان واحد، وإلا سنتعرض جميعنا لما يتعرض له أهلنا في غزة.
إن الحاجة إلى وقف إطلاق النار، وفتح الممرات الإنسانية وتسهيل عملها، وارسال المستشفيات الميدانية إلى غزة، وايجاد صيغة جديدة لحماية المرافق الصحية من قبل الأمم المتحدة حاجة إنسانية كبرى، فدماء أكثر من 5000 طفل فلسطيني هي أمانة بأعناقنا جميعاً، نحن شهود هذه المجزرة، وتطبيق القوانين والدولية والالتزام بها هو الفرصة الوحيدة أمام حضارتنا لتفادي مصيراً مظلماً سيطال الجميع.
إن مؤسسة عامل الدولية من موقعها الفعّأل في مجال الدفاع عن الحق في الصحة والحماية في لبنان والعالم، تطالب الآن، بتحرك فعلي لكل العاملين في هذا الشأن، وهي مستمرة في بذل قصارى جهودها بالتعاون مع شركائها حول العالم، لايصال المساعدات الاغاثية وخصوصاً الطبية إلى القطاع المحاصر، والضغط من أجل وقف اطلاق نار فوري وتأمين المساعدات الضرورية لأهلنا في غزة، واستمرار النضال من أجل حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال كباقي الشعوب في العالم.