الهديل

أكرموا الأستاذ الجامعي!

د. جهاد نعمان

 

الأستاذ الجامعي الفذّ، وخصوصا في ميدان الإنسانيات، كلماته نجوم قطافها يحتاج إلى أصابع مسحورة. انه، في نضج الليالي، وفي الأصباح والأماسي، يضفي على الكلمات ما يجمّلها لتستحيل قذيفة بين المتفجرات، وسحرا يجاوز السحر، وحياة تتخطّى الحياة، لتكون من بعد حياة ولا أبهى.

يجب أن تقرّ الحكومات الرشيدة، عندما تستقيم فعلا، بقيمة حصاد عمر بذل خلاله الأستاذ الجامعي، الروح والجسد، وقدّم لأبناء جلدته ما هم جديرون به من عناية، بعيدا عن كلام السياسة الملقى على عواهنه والذي لا طعم له ولا مؤدّى.

ليس أستاذنا الحبيب، كما نرى أحيانا، معلّما مشوّها مصدّع الكيان متجهّم الوجه مقطب الجبين. والذكاء الصناعي لن يغني عن الحوافز والروح النقدية التي يفجّرها الأستاذ وينمّيها في أجيال المستقبل، وهي أشبه بالزهرة المتشبّثة بتراب حقلها، إذا قطفت منه أو بعدت عنه، ذبلت وماتت، ولو غمروا جذورها بكل أنهار الدنيا. هكذا، أننا جميعا أحوج ما نكون إلى أمثال الأستاذ من سمكة الى الماء.

 

في عصر الأمجاد الفارغة وقصيرة العمر، يجب التنويه بذاك الذي استطاع أن يخرج دفعات متوالية من بناة الحضارة وحب الوطن على أساس من منهجية تفكير وآليات تدبير. ذلك أنه لم يحمل كأصحاب الألقاب الجوفاء في نفسه ما يشبه قرقعة العظام في الدست.

ليس العمر بعدد السنين بل بالعمل والعطاء المجديين للمجموع بلا إستثناء! وليس التكريم من قبل «الدولة» أولا! – نتيجة مكانة ما أو اقتدار مادي لدى صاحب العلاقة. يكرّم الأستاذ بتقديم ولو زهرة واحدة دعما له ويطلب إليه تعالى أن يكافئه أسنى المكافآت فهو خير مثيب.

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه

Exit mobile version