الهديل

خاص الهديل: المعنى المضمر لزيارة هوكشتاين: “لا تمسوا باتفاق كاريش”!!

خاص الهديل:

زيارة هوكشتاين أمس السريعة وغير المدرجة مسبقاً على جدول المواعيد الأميركية الدبلوماسية للبنان، أثارت أسئلة مهمة عن سبب حصولها.. 

وانقسم أصحاب الرأي حول تفسير توقيتها والغاية الأميركية منها؛ فرأى طيف منهم أن الرئيس الأميركي المهتم بالحفاظ على استمرار “اتفاق ترسيم الحدود البحري بين لبنان وإسرائيل” كونه يعتبره “إنجازه التاريخي”، أرسل إلى لبنان مهندس هذا الاتفاق ومستشاره الأول والمميز لشؤون الطاقة؛ وقد حمّله رسالة أميركية تقول “لا تمسوا باتفاق كاريش”!!. 

والواقع أن الطريقة الإستثنائية والعاجلة والمفاجئة التي حصلت بها زيارة هوكشتاين للبنان أمس، كانت مقصودة، وتقف وراءها عدة أسباب؛ أبرزها ملاحظة واشنطن أن تداعيات حرب طوفان الأقصى على لبنان، أدت إلى الإطاحة عملياً وعلى الأرض بالقرار ١٧٠١، حيث أصبح هذا القرار جثة هامدة، ولم يعد ينقص سوى إعلان موته ودفنه.. ويريد بايدن عبر إرسال هوكشتاين الذي يرتبط إسمه بمعنى نجاح اتفاق كاريش، التأكيد على أن هذا الإتفاق البحري لا يزال حياً يرزق “ولم” يتعرض للانهيار، و”لن” يصيبه – بفعل تداعيات حرب طوفان الأقصى على لبنان – ما أصاب القرار ١٧٠١، من خراب.. 

وتشير زيارة هوكشتاين، وحتى لو أنه لم يعلن ذلك صراحة، إلى أنه يوجد لإدارة بايدن مطلبين إثنين من لبنان بمناسبة حرب طوفان الأقصى: المطلب الأول هو تحاشي لبنان نقل حرب غزة إلى أرضه؛ أي أن يأخذ لبنان باعتباره أن واشنطن “لا تريد توسيع حرب غزة” و”لن تسمح باتساع ميدانها لتصبح حرباً إقليمية”؛ والثاني أن إدارة بايدن لا تريد أن ترى أي مسّ خلال حرب المواجهات الجارية في جنوب لبنان، بأي جانب من تطبيقات اتفاق كاريش الذي ضمنته واشنطن سياسياً وأمنياً وعسكرياً.. 

وتم تخطيط زيارة هوكشتاين لبيروت، ليكون لها “شكل البرقية العاجلة والهامة”؛ فلقاءته شملت رئيسي مجلس النواب والحكومة”، وهما آخر معنى رسمي للدولة اللبنانية؛ وشملت أيضاً اللواء عباس ابراهيم الذي التقاه هوكشتاين رغم أنه ليس له صفة رسمية؛ ما يؤكد على التالي: 

أولاً- ان “خط هوكشتاين” للتواصل مع حارة حريك عبر اللواء عباس ابراهيم، هو غير “خط سفيرة أميركا شيا” للتواصل مع الحزب.. فالخط الأول رئاسي أميركي، وذو صلة باتفاق كاريش وأمن الطاقة في المتوسط.. بينما “خط شيا” له صلة بمواضيع لبنانية محلية..

ثانياً- “خط شيا” غالباً ما يكون ساخناً، ويتم التواصل من خلاله مع حزب الله ككل، بينما خط هوكشتاين – عباس ابراهيم يتم التواصل من خلاله مع حارة حريك مباشرة؛ ورسائله ليس بالضرورة أن تكون دائماً ساخنة، بل أحياناً تكون رسائل باردة تميل للبحث ليس فقط عن وقف التوتر، بل أيضاً عن إيجاد تسويات لإنهاء التوترات والأزمات. 

.. كما شملت زيارة هوكشتاين لقائه بقائد الجيش العماد جوزاف عون؛ ويترك هذا اللقاء في اثره ملاحظة هامة، وهي اهتمام الإدارة الأميركية بموقع قيادة الجيش، خاصة في هذا الظرف الذي يحمل اشتباهاً بوجود أطراف تحمل أهدافاً واضحة وغير واضحة، تحاول خلق فراغاً في أمرة قيادة الجيش بعد تقاعد جوزاف عون. 

يبقى من المهم الإشارة إلى أن زيارة هوكشتاين السريعة إلى لبنان، جاءت بعد حضور بلينكن اجتماع وزراء خارجية العرب في عمان، وجولته على الأردن والعراق وإسرائيل والسلطة الفلسطينية.. ويلاحظ هنا أن بلينكن لم يزر لبنان خلال جولته؛ ويتضح اليوم أن عدم مجيئه إلى بيروت كانت مقصودة، وهدفها ترك كل هذا الملف اللبناني بيد هوكشتاين موفد بايدن الخاص لشؤون الطاقة؛ ويعني هذا التخصيص أن واشنطن ترتب أولوياتها في لبنان ضمن التتالي التالي لأهدافها: 

الهدف الأول عدم المس باتفاق كاريش؛ وأن تحيد “حرب الإسناد والدعم لغزة” التي دشنها حزب الله انطلاقاً من جنوب لبنان، ميدان الغاز في البحر. 

الهدف الثاني عدم انتقال رقعة الحرب في غزة إلى لبنان؛ خاصة وأن لبنان هو بوابة الحرب كي تصبح إقليمية. 

الهدف الثالث: إعطاء أولوية لتأجيل تسريح قائد الجيش في الظروف الراهنة، على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية.

Exit mobile version