الهديل

خاص الهديل: حجم الخلاف والاتفاق بين حماس وإيران وحزب الله بخصوص حرب طوفان الأقصى؟!..

حزب الله ايران حماس

خاص الهديل:

منذ بدء حرب طوفان الأقصى أصدرت إيران عدة مواقف أساسية منها: الموقف الأول هو تهنئة حماس على عملية ٧ أكتوبر؛ والموقف الثاني هو إعلان طهران أنها لم تكن تعلم لا بموعد عملية طوفان الأقصى، ولا بأن حماس تخطط لتنفيذ هذه العملية.

وبعد هذا التصريح الإيراني برزت أصوات تعتبر أن إيران تتبرأ من مسؤوليتها تجاه حماس؛ ولكن مع مضي بعض الوقت كشف السيد حسن نصر الله بنفسه أن حماس لم تبلغ فعلاً لا حارة حريك ولا طهران بتفاصيل العملية ولا بموعدها. 

وقد صدر عن واشنطن خلال الأيام الأولى من الحرب موقفاً يؤكد قول طهران بأنها لم تكن تعلم.. ولكن لاحقاً عادت واشنطن لتتهم إيران بأنها قد تكون شريكة في عملية ٧ أكتوبر التي نفذتها حماس. 

الموقف الثالث الذي اتخذته إيران من الحرب تمثل بالتهديد بأنه في حال طال أمد حرب إسرائيل على غزة، فإن ذلك سيتسبب بحرب إقليمية؛ وهنا أرادت طهران القول لبايدن أنه لا يمكنك المطالبة بعدم توسيع ميدان الحرب، في الوقت الذي لا تقوم أنت من جانبك بمنع إسرائيل من التمادي بإطالة أمد الحرب في غزة. وحاولت طهران حينها وضع معادلة تقول أنه بمقابل قيام إيران بجهد مع حلفائها لمنع توسيع الحرب فإن على بايدن أن يقوم بجهد جدي مع حليفته إسرائيل لتقصير أمد الحرب، ولجعل أهداف حرب نتنياهو تحت سقف “سحق حماس”..

ولكن بايدن لم يتجاوب مع هذه المعادلة الإيرانية التي تربط بين منع الحرب الإقليمية وبين تقصير مدة الحرب الإسرائيلية على غزة، بدليل أن المبعوث الأميركي في مجلس الأمن رفض وقف النار وامتنع عن التصويت حتى لصالح الهدن أو الوقفات الإنسانية؛ وأصرت أميركا على مبدأ وقف النار بعد التخلص من حماس.. 

بالمقابل فإن مشاركة إيران في القمة الإسلامية العربية التي عقدت في الرياض، وموافقتها على بيانها، جعل لأول مرة موقف طهران الرسمي من الملف الفلسطيني، يتجانس مع الموقف الرسمي العربي، ويقع تحت سقفه.. ويظل هذا الأمر صحيحاً حتى لو تمايزت إيران بصدور تصريحات عن مسؤوليها تتجاوز الموقف الذي أخذته القمة العربية الإسلامية في الرياض والتي وافقت عليه إيران- الدولة..

وكان مفهوماً سبب توقيت نشر إيران صورة للقاء طهران الذي جمع بين إسماعيل هنية والسيد خامنئي، حيث أرادت طهران عبر تعميم صورة هذا اللقاء أن تحافظ على وجود توازن بين موافقتها على بيان قمة الرياض الإسلامية العربية من جهة، وبين دورها كراع لفصائل محور الممانعة من جهة ثانية.. ولكن محاولة طهران هذه، أصيبت بنكسة نتيجة التسريبة الإعلامية الشهيرة التي أفادت أن السيد خامنئي أبلغ هنية خلال اللقاء بأن إيران لن تقاتل دفاعاً عن حماس في حرب غزة، لأن الأخيرة لم تستشر إيران قبل القيام بها(!!).. وكان متوقعاً أن تقدم حماس نفياً لمضمون هذه التسريبة؛ وأن تؤكد عبر أكثر من بيان وتصريح أن السيد خامنئي لم يقل لهنية أي كلام بهذا المعنى.. ولكن نفي حماس ظل يتبع أسلوب الاقتضاب ربما المقصود.. وليلة أمس قال القيادي الحماسي أسامة حمدان عبر إطلالة تلفزيونية أن السيد خامنئي لم يقل لهنية أن إيران لن تدافع عن حماس (الخ، …)، ولكن اللافت أن حمدان قال أن اللقاء بين هنية وخامنئي كان “مرضياً” ولم يقل كان “ممتازاً” أو “جيداً”(!!)؛ بمعنى آخر فإن أسامة حمدان، رغم أنه حرص على نفي مضمون التسريبة الإعلامية التي أزعجت إيران؛ إلا أنه بنفس الوقت حرص على أن يكون “بخيلاً” في امتداح اللقاء بين هنية وخامنئي؛ وبدا متحفظاً حينما مهد للحديث عن اللقاء بالقول: بداية يجب معرفة أن حماس لم تطلب من أحد القتال معها أو الدفاع عنها.. معتبراً أنه من الطبيعي أن تطلب حماس من حلفائها وبينهم حزب الله وإيران، تقديم المزيد في معركة طوفان الأقصى(!!!). 

وبشكل عام، فإن كلام أسامة حمدان عن علاقة حماس مع إيران، أو غيره من قادتها، يجب فهمه ضمن خلفيات الاتجاه الذي ينتمي إليه حمدان أو هذا المسؤول أو ذاك، داخل حماس؛ ذلك أنه يوجد عدة اتجاهات في حماس؛ فهناك تيار خالد مشعل الذي يصفه البعض بأنه وسطي في طروحاته، وأنه يسعى للتوازن في علاقات حماس بين العرب وإيران.. وهناك تيار يحيى السنوار الذي يمثل حماس الداخل والذي يعبر عن تراث التجربة العسكرية والجهادية بين كتائب القسام والحرس الثوري الإيراني.. وهناك على ما يقال أيضاً يوجد التيار التركي – القطري داخل حماس. أضف إلى ذلك أن شخصية حماس، بالمحصلة العامة، تعبر عن امتداد “لتنظيم الإخوان المسلمين الدولي”، ولو بحدود معينة تمليها خصوصية دور حركة حماس الذي يجمع بين كونها جزء أصيلاً من “الإسلام السياسي الحركي”، وبين كونها جزء نشطاً من “حركة التحرير الفلسطينية الوطنية”. 

وفي حزب الله تسود سياسة الإبتعاد عن التعليق على أي تصريح من أي مسؤول في حماس ينتقدعدم انخراط الحزب بالحرب الشاملة تضامناً مع غزة.

.. ويقال أنه في الأيام الأولى من الحرب، أخذت تبرز بكثافة تصريحات إعلامية وعلنية من قادة في حماس تدعو حزب الله لعدم الانتظار والدخول فوراً وبشكل كلي بحرب طوفان الأقصى، ولكن الحزب اعترض على هذه التصريحات وطلب من قيادة حماس التدخل، وترشيد عفوية بعض مسؤوليها الذين يريدون من حارة حريك أخذ قرار بدخول الحرب تحت تأثير البيانات الإعلامية .. وتمت الاستجابة لطلب حزب الله هذا من قبل قيادة حماس الأكثر فعالية، والمتمثلة بخط كتائب القسام المنقادة من يحيى السنوار في غزة وصولاً للشيخ صالح العاروري المقيم برعاية حزب الله في الضاحية الجنوبية. وبعد ذلك، برز أن هناك تنسيقاً بين حزب الله من جهة، وبين ما بات يطلق عليه “كتائب القسام – لبنان” من جهة ثانية.. وفي حين أن الإعلام الحربي بين حماس وحزب الله يؤشر إلى أن حجم ومنسوب تدخل حزب الله بمعركة طوفان الأقصى، متفق عليه بين القيادة الصلبة للحزب، وبين القيادة الصلبة لحماس المتمثلة بالسنوار قائد كتائب القسام في غزة، وبين “كتائب القسام – لبنان” المنقادة من العاروري في بيروت؛ فإن حجم الوئام بين حزب الله وبين حماس الخارج والمكتب السياسي وتياراته المختلفة، تشوبه الكثير من الظلال؛ ويمكن القول أن الحالة بينهما “مرضية” بأحسن أحوالها، وليست “ممتازة” أو حتى “جيدة”.

Exit mobile version