الهديل

خاص الهديل: إسرائيل منقسمة بين “حزب تأييد الهدن” و”حزب استئناف الحرب”!!

خاص الهديل:

 

يجدر التدقيق بالسبب الأساس الذي دفع إسرائيل للقبول بتمديد هدنة الأيام الأربعة ليومين إضافيين؛ الأمر الذي يؤشر إلى أن حرب غزة دخلت مرحلة الهدنات المتتالية بغرض تبريدها توصلاً لإعلان وقف إطلاق نار ..

ومن منظار الصورة العامة؛ فقد ظهر على السطح أن إسرائيل منقسمة بين فئتين: الأولى تريد الهدن لأنها تعطي أولوية لإطلاق الأسرى لدى حماس؛ والثانية تريد استئناف الحرب لأنها تعطي أولوية للقضاء على حماس وضمان عدم تكرار مشهد ٧ أكتوبر.

أحد المحللين السياسيين الإسرائيليين المؤيد للهدن وللحل السياسي، قال أمس أن هناك جزء ليس قليلاً من الشارع الإسرائيلي يريد استئناف الحرب؛ لأنه أولاً يرى أن الهدن المتتالية تخدم استراتيجية حماس الهادفة لوقف النار؛ ولأنه ثانياً يرى أنه إذا زاد وقت الهدنات، فإن إسرائيل لن يكون بإمكانها استئناف القتال بنفس الوتيرة الهجومية التي سادت قبل بدء الهدنات، لأن إسرائيل حينها ستواجه برفض المجتمع الدولي لاستمرار الحرب، وستتم مطالبتها بالعودة للمربع الأول الذي انطلقت منه، وهو هذه المرة مربع الهدن والكف عن قتل مدنيي غزة، وليس مربع ٧ أكتوبر والتأييد الدولي لمعاقبة حماس، وذلك بعد أن نجحت إسرائيل بتصوير عملية طوفان الأقصى بأنها هجوم إرهابي على مدنيين إسرائيليين وحتى على مدنيين يهود!!.

أما الرأي الثاني المؤيد للهدن، فهو يطرح الموضوع من منظار سياسي واسع، وليس من زوايا مسطحة. ويرى أصحاب هذا الرأي أن السياسة وحدها – وليس بالتأكيد العسكر – هي التي تستطيع الإجابة عن الأسئلة الصعبة التي طرحها على إسرائيل حدث يوم ٧ أكتوبر..

… وبالنسبة لمؤيدي الهدن، فإن إسرائيل تعيش أزمة أنها لا تملك إجابة عسكرية واثقة من مصداقيتها، على سؤال ماذا ستفعل ضد غزة في اليوم التالي بعد انتهاء الهدن؟؛ هل ستذهب إلى مزيد من التدمير في ظل أن الضغوط الدولية ستكون أقوى على تل أبيب لوقف الحرب (؟؟) وهل ستعمد إسرائيل إلى تنفيذ خطة ترانسفير، علماً أن مصر وأيضاً الأردن أعلنتا استعدادهما للحرب في حال أرغمت إسرائيل سكان غزة أو الضفة الغربية على الهجرة إليهما(؟؟).

ويمقابل أن إسرائيل لا تملك إجابة عن السؤال العسكري، وهو ماذا على الجيش الإسرائيلي أن يفعل في اليوم التالي على الهدن؛ فإن إسرائيل أيضاً لا تملك إجابة سياسية عن ماذا سيكون عليه الوضع السياسي المناسب لها في غزة في اليوم التالي من توقف الحرب(؟؟).

مشكلة الاستمرار بالحرب أصبحت هي أزمة إسرائيل بعامة وهي أزمة نتنياهو وحكومته بخاصة.. فالصورة العامة الداخلية في إسرائيل قبل الحرب كانت تظهرها على أن مجتمعها منقسم عامودياً بين اليمين الذاهب لتغيير هوية النظام السياسي من مدني – علماني إلى ديني (الإصلاحات القضائية) وبين تيار مدني واسع معارض لهذا التوجه.. وعندما وقعت الحرب تم تجميد هذا الصراع، والتأم المجتمع الإسرائيلي وراء حكومة نتنياهو التي تحولت لحكومة الحرب.. وحالياً بدأت الحرب بالتوقف تدريجياً وبدأ الانقسام العامودي يعود إلى المجتمع الإسرائيلي، وهذه المرة تحت شعار محاسبة نتنياهو وحكومته عن هزيمة ٧ أكتوبر، وأيضاً تحت عنوان من مِن الإسرائيليين مع استئناف الحرب ومن مع الهدن والبحث عن أجوبة سياسية على المعضلة العسكرية المسماة بالحرب البرية.. ويتوقع أن يصطف اليمين وراء شعار الحرب؛ فيما يتوقع أن يخرج ذات التيار الواسع الذي رفض التعديلات القضائية ليرفض سياسات اليمين تجاه غزة وتجاه مجمل الصراع مع الفلسطينيين.

.. إلى هنا التوقعات، ولكن لا يوجد حتى هذه اللحظة أي تأكيد مادي على أن التيار الإسرائيلي الواسع المؤيد للهدن، سيتحول إلى تيار واسع مؤيد للحل السياسي لإنهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسيطني..

وعلى هذا تبدو إسرائيل ستتوجه في مرحلة ما بعد حرب غزة، إلى متاهة داخلية سياسية وأيديولوجية عنوانها كيف يمكن صياغة أجوبة مقنعة على التحديات المختلفة الأوجه التي طرحتها نتائج يوم ٧ أكتوبر عليها؟؟..

Exit mobile version