ماذا نعرف عن المرض الغامض الذي يتفشى في الصين؟!
يعيد انتشار الالتهاب الرئوي “الغامض” في الصين، إلى الأذهان الأيام الأولى من تفشي جائحة كوفيد – 19.
وتشهد الصين زيادة كبيرة في الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مع دخول أول موسم شتاء منذ أن رفعت في ديسمبر القيود الصارمة التي فرضتها للحد من تفشي كوفيد-19 مع ارتفاع الإصابات بين الأطفال تحديدًا في المناطق الشمالية مثل بكين ومقاطعة لياونينج.
ونفى المسؤولون الصينيون أن يكون السبب هو فيروس جديد غير معروف، مؤكدين أن الارتفاع في أعداد الإصابات يرتبط بالأمراض الموسمية المنتشرة مع دخول البلاد في فصل الشتاء الأول دون قيود كوفيد – 19.
لكن منظمة الصحة العالمية طلبت رسميًا معلومات مفصلة حول ارتفاع عدد الأطفال المرضى، مما أثار مخاوف في جميع أنحاء العالم، وفقًا لصحيفة “ذا صن”.
ما هو الالتهاب الرئوي وما هي أعراضه؟
الالتهاب الرئوي هو التهاب في الرئتين يحدث عادة بسبب العدوى، وعادة ما يتحسن المرضى خلال أسبوعين إلى أربعة أسابيع.
لكن الأطفال وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب أو الرئة معرضون لخطر الإصابة بأمراض خطيرة وقد يحتاجون إلى علاج في المستشفى، وفقًا لهيئة الخدمات الصحية الوطنية ببريطانيا.
وفي الصين، يسبب المرض ارتفاع درجات الحرارة والسعال لدى الأطفال، بالإضافة إلى بعض الأعراض الأخرى، وتشمل عادة ضيق التنفس وألم في الصدر وآلام في الجسم والتعب وفقدان الشهية والصفير.
ما هو سبب تفشي المرض في الصين؟
يقول الخبراء، إنه من السابق لأوانه أن نعرف على وجه اليقين السبب وراء الارتفاع الكبير في حالات الالتهاب الرئوي غير المشخصة لدى الأطفال في بكين ولياونينج في شمالي الصين.
غير أنهم يعتقدون بأنه يمكن أن يكون سببه أكثر من مرض، بما فيه الفيروس المخلوي التنفسي أو الأنفلونزا أو البكتيريا.
وقال البروفيسور بول هانتر، من جامعة إيست أنجليا: “في الوقت الحالي، هناك القليل من المعلومات لإجراء تشخيص نهائي لسبب هذا الوباء في الصين. قد يكون هناك أيضًا أكثر من سبب معدي للوباء الحالي”.
وقال البروفيسور فرانسوا بالوكس، من جامعة كوليدج لندن: “من المحتمل أن تكون الموجة الحالية في الصين ناجمة عن مسببات أمراض الجهاز التنفسي المختلفة مثل الفيروس المخلوي التنفسي أو الأنفلونزا”.
وأشار إلى أنه “من المحتمل أيضًا أن تكون نسبة كبيرة من الحالات ناجمة عن بكتيريا الميكوبلازما الرئوية، وهي غير ضارة إلى حد ما بشكل عام”.
هل يمكن أن يكون فيروسًا جديدًا؟
وفي حين أثار اكتظاظ المستشفيات والمدارس بالمرضى مخاوف من انتشار فيروس جديد، إلا أن الخبراء لازالوا متشككين.
وقالت الدكتورة زانيا ستاماتاكي، من جامعة برمنجهام: “لا يوجد حاليًا أي دليل على أن الزيادة في حالات الالتهاب الرئوي لدى الأطفال في الصين قد تكون بسبب فيروس جديد”.
وأضاف البروفيسور بالوكس: “ما لم تظهر أدلة جديدة، فلا يوجد سبب للشك في ظهور مسببات الأمراض الجديدة”.
لماذا عدد الحالات مرتفع جدًا؟
فرضت الصين، بعضًا من أقسى قيود فيروس كورونا في العالم أثناء تفشي الجائحة، وأبقتها مستمرة لفترة أطول بكثير من أي دولة أخرى.
وبسبب ذلك، أصبحت مناعة العديد من الأطفال ضد الأمراض الموسمية أقل بكثير مما كانت عليه، مما يجعلهم أكثر عرضة لخطر الإصابة بأعراض حادة.
وقال البروفيسور هانتر: “في العام الماضي، كانت الصين لا تزال تتبع استراتيجيات القضاء على كوفيد، ولذا فإن هذا هو أول شتاء كامل دون قيود”.
وتابع: “أحد التفسيرات للمشكلة الحالية هو أنه بسبب القيود، فإن مناعة السكان ضد كل ما يسبب الأمراض الحالية كما رأينا العام الماضي في المملكة المتحدة مع الأنفلونزا وفيروسات الروتا”.
هل رصدت حالات مشابهة في أماكن أخرى؟
تشهد هولندا أيضًا ارتفاعًا حادًا في حالات الالتهاب الرئوي بين الأطفال، والتي تعادل ضعف العدد الأكبر المسجل في العام الماضي.
وتزايدت حالات العدوى منذ أغسطس، حيث شوهدت معظمها بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عامًا.
ووفقًا لبيانات المعهد الهولندي لأبحاث الخدمات الصحية (NIVEL)، فإن من بين كل 100 ألف طفل في الفئة العمرية تم تشخيص إصابة 103 بالالتهاب الرئوي في الأسبوع المنتهي في 16 نوفمبر، مقارنة بـ 58 حالة لكل 100 ألف في ذروة العام الماضي.
وتشهد البلاد ارتفاعًا طفيفًا في حالات الأنفلونزا وكوفيد والفيروس المخلوي التنفسي حاليًا، وكلها يمكن أن تسبب الالتهاب الرئوي.
كيف يتعامل المسؤولون الصحيون مع الأمر؟
رصدت لقطات مصورة، العاملين الصحيين في الصين بينما يرشون المدارس بالمطهرات، في محاولة لوقف انتشار الأمراض بين الأطفال.
وحثت منظمة الصحة العالمية، السكان في الصين على التباعد الاجتماعي والبقاء في المنزل عند الإصابة بالمرض وارتداء كمامات الوجه بعد اكتشاف الارتفاع في حالات الالتهاب الرئوي لأول مرة.
ودعت، السلطات الصينية إلى تبادل البيانات المتعلقة بالمرضى في المستشفيات، وقالت إنها “على اتصال وثيق مع السلطات الوطنية في الصين”.
هل يتسبب المرض في جائحة جديدة؟
وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في الحالات، يقول بعض الخبراء إنه لايوجد سبب للقلق بشأن جائحة آخر حتى الآن.
وقال البروفيسور هانتر: “شعوري هو أن هذا لن يؤدي إلى حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا. لكنني لا أستبعد هذا الاحتمال تماما حتى نحصل على تشخيص نهائي”.
الصحة العالمية تطالب بإيضاحات جديدة
طالبات منظمة الصحة العالمية، ببيانات جديدة من الصين حول تفشي مرض غامض يشبه الالتهاب الرئوي.
وقالت الدكتورة ماريا فان كيرخوف، عالمة الأوبئة في منظمة الصحة العالمية، إن المنظمة “تتابع الوضع مع الصين” مع استمرار اكتظاظ المستشفيات في جميع أنحاء البلاد.
والميكوبلازما الرئوية، وهي عدوى بكتيرية شائعة تصيب الأطفال عادة، منتشرة في البلاد منذ مايو.
وقالت الدكتورة فان كيرخوف في مؤتمر صحفي أمس: “نحن نتابع الأمر مع الصين. إنهم يشهدون زيادة بسبب عدد من الإصابات المختلفة. نحن نتابع مع شبكتنا السريرية ونتابع مع الأطباء في الصين”.
وأضافت: “فيما يتعلق بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة، فإننا ننظر إلى العبء الواقع على أنظمة الرعاية الصحية وننظر إلى قدرات الأنظمة في مجال الرعاية الصحية.”