الهديل

خاص الهديل: لبنان لا يستمع لنصائح لودريان: الاستعداد للحرب..

خاص الهديل:

جال المبعوث الرئاسي الفرنسي لودريان على المراجع والقوى السياسبة اللبنانية، وقال لهم ثلاث أفكار: أولها أن فرنسا لا تزال في الميدان اللبناني سواء على مستوى ملف الشغور الرئاسي أو حديثاً على مستوى ترميم منطقة القرار ١٧٠١ أو ملف قيادة الجيش..

الأمر الثاني الذي قاله لودريان هو أن فرنسا لا تزال تملك تفويضاً أو بعبارة أدق “ثقة” من اللجنة الخماسية من أجل لبنان حتى تتحرك بموجبها في بيروت؛ وليس صحيحاً أن مفعول الوساطة الفرنسية في لبنان انتهى لمصلحة بدء مفعول المبادرة القطرية!!

الأمر الثالث الذي قاله لودريان هو أن على لبنان المسارعة إلى ترتيب وضعه الداخلي، لأن المرحلة التالية بعد حرب غزة ستطرح قضية جنوب لبنان ومستقبل الـ١٧٠١ على طاولة التفاوض الدولي جنباً إلى جنب مع قضية غزة وفلسطين ومستقبل التسوية هناك، وخلص لودريان بهذا الخصوص أنه من الأفضل للبنان، أن يكون موجوداً حول طاولة التفاوض حتى لا يتم أخذ القرارات حول مستقبله بغيابه.. وعليه فإن الطبيعي والحال هذا، أن يسارع لبنان لتحضير نفسه لملاقاة هذه المرحلة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فعلية وتحاشي أوضاع مثل حصول فراغ في قيادة الجيش، الخ…

وكان واضحاً أن مهمة لودريان طرأ عليها تعديلات جوهرية، أمّلتها حرب غزة، ولذلك تعاملت معه حارة حريك بحذر، واختارت أن ينتهي لقاؤه مع محمد رعد والموسوي بعبارة “أن الحزب سيدرس مقترحاته”؛ والترجمة السياسية لهذه العبارة، تعني أن الحل الفرنسي في لبنان مجمد أو مؤجل وذلك بانتظار أن تنزاح غبار المعارك عن ميدان غزة. وربما بات يعرف لودريان الآن أنه لا باريس ولا حارة حريك يستطيع أي منهما، فصل مهمة لودريان في بيروت عن مهمة بلينكن في تل أبيب، أو عن جلسات مجلس الأمن في نيويورك للبحث عن قرار وقف النار في غزة الذي لا يزال ضائعاً دولياً؛ ولا عن جولات وفد القمة العربية الإسلامية على دول القرار في العالم لبحث كيفية إنهاء حرب غزة سياسياً..

… وهذا الواقع لمهمة لودريان، كان يؤشر بوضوح إلى أن مهمته ستنتهي على نحو ينسجم بنتائجها، مع النتائج التي ستنتهي إليها مهمة بلينكن في إسرائيل؛ أي تعليق الهدنة في غزة لمصلحة ممارسة المزيد من مناورات الضغط العسكري على حماس؛ وفي لبنان تجميد الملف الرئاسي لمصلحة ممارسة المزيد من الضغوط على حزب الله أو الواقع اللبناني لإبداء تنازلات على جبهة الـ١٧٠١ التي باتت مرتبطة بجبهة غزة.

ولا يساور أي طرف لبناني أو خارجي الشك بأن حزب الله لن يسمح للودريان بأن يأخذه إلى مفاوضات على ملفي رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش تحت سقف تهديد بلينكن ونتنياهو باستئناف الحرب في غزة؛ كما أن باريس تدرك أن هذه اللحظة ليست المثلى كي تساعد لودريان على تجيير الدعم الدولي لمهمته كي يطرح إسماً ثالثاً لحل الشعور الرئاسي أو لقيادة الجيش، الخ.. وسبب ذلك أن المزاج الدولي الذي تقوده واشنطن هو الآن في لحظة خيارات ضغط عسكري لتحقيق نتائج سياسية، وليس في لحظة تساهل سياسي لتحقيق حلول وسط؛ ومن هنا فإنه لا بلينكن في إسرائيل أمس ساير الرأي العالمي الذي يطالب بتمديد الهدن، ولا لودريان ساير حزب الله وسأله عن إسم ثالث يريده؛ ولا الحزب سايره وأجابه عن أسئلته الحائرة.

 

وقصارى القول أن المنطقة تستعد للحرب أو لجولات متقطعة من الضغوط العسكرية وذلك بهدف تحقيق نتائج سياسية ليست وسطية بل جذرية.. ولودريان جاء إلى لبنان أمس، وقد حمل معه للبنانيين نفس رسالة بلنكن التي حملها أمس للفلسطينيين ومفادها: استمعوا إلى نصائح الحلول الأميركية المتصالحة مع أهداف إسرائيل.. والا فإن الحرب هي الرسالة المتبقية!!

و”نصائح بلينكن” للفلسطينيين أمس، كانت التالي: أولاً- إستكمال إطلاق الأسرى وفق أجندة تل أبيب؛ أي صفقة لا تؤدي في نهايتها إلى “تبييض السجون الإسرائيلية”؛ ثانياً- تأمين مخرج لحرب غزة على حساب استمرار سلطة حماس على قطاع غزة.. 

وبخصوص هذا البند الثاني، لا يوجد في ذهن نتنياهو أو غانتس أو حتى لابيد، سوى تصور واحد، وهو أن تنتهي جولات حرب غزة المديدة على صورة تكرر مشهد نهاية حرب ١٩٨٢ الإسرائيلية على لبنان، حيث حينها أوقفت إسرائيل النار بشرط توقيع عرفات على الخروج من لبنان، ما يعني أن ما تريده إسرائيل ومعها بايدن اليوم، هو توقيع حماس على خروجها من غزة كشرط لوقف النار.

أما نصائح لودريان إلى لبنان فهي قبوله أو “توقيعه معنوياً” على المسار السياسي الذي سيحصل في اليوم التالي بعد خروج حماس من غزة، وفق وجهة النظر الأميركية، وذلك من خلال أن ينجز لبنان كل الاستحقاقات المطلوبة منه كي يكون لديه “هيئة دولة” يمكنها أن تجلس حول طاولة التفاوض الذي سيكون موعدها في اليوم التالي لخروج حماس من غزة(!!)

الواقع أن طرح لودريان أمس الذي ربط إنجاز الاستحقاقات اللبنانية العالقة بضرورة استعداد لبنان لحل غزة المرتبط بحل جنوب لبنان؛ تم تفسيره في حزب الله على أنه رسالة تقول: إما الاستماع لنصائح واشنطن.. وإما الانتظار تحت سقف الحرب؛ أو حتى داخل الحرب!!

Exit mobile version