الهديل

خاص الهديل: إسرائيل تنفذ “إستراتيجية مفاوضة حماس على الأسرى والعصا فوق رأسها”!!

خاص الهديل:

ما حدث في ال٧٢ ساعة الأخيرة هو الآن محل تدقيق من الجهات المشتغلة على ملف تحويل الهدن إلى وقف دائم لإطلاق النار..

التقدير العام يقول أن الخلاف بين حماس وإسرائيل على معايير إطلاق الأسرى، هو الذي تسبب بفرط حبل استمرار الهدن، وقطع بالتالي زخم تواصلها الذي كان يجري بدفع من عملية إطلاق الأسرى التي كان مخططاً لها أن تصل لنقطة تحولها إلى وقف دائم لإطلاق النار، يواكبه بدء التفاوض على صفقة تبادل الجنود الإسرائيليين بمقابل أسرى فلسطينيين ينتمون لفصائل فلسطينية. ونقطة الخلاف الرئيسة بين بنيامين نتنياهو ويحيى السنوار، هو أن الأخير يريد عند الوصول إلى مرحلة إطلاق الأسرى الجنود والرجال الإسرائيليين، أن تقوم إسرائيل بمقابل ذلك بالموافقة على مطلب حماس بتبييض السجون الإسرائيلية؛ أي إطلاق جميع الأسرى الفلسطينيين. فيما نتنياهو يريد للمعايير الحالية السارية حول كيفية تبادل الأسرى، أن تبقى سارية هي ذاتها ومن دون أي تعديل عليها، عند بدء مرحلة التبادل على الأسرى العسكريين الإسرائيليين؛ أي عشرة أسرى فلسطينيين مقابل أسير إسرائيلي. 

وما حصل أول من أمس هو أن حماس تأخرت بإطلاق دفعة من الأسرى، كون إسرائيل أخلت بمعايير تطبيق التبادل. أضف إلى ذلك أن القتلى الثلاثة الذين سقطوا بفعل عملية القسام في القدس، كان بينهم أميركي؛ وهذا ما دفع بلينكن إلى تغطية عملية كسر مسار الهدن وتوجيه ضربة عسكرية “تأديبية” لحماس!!. 

والواقع أنه يوجد حالياً نقاش هام حول أمر أساسي، وهو هل جولة العنف الإسرائيلية الحالية ضد غزة، هي جولة محدودة وهدفها الضغط على موقف حماس في عملية التفاوض على الأسرى؛ أم أنها هي مسار في عملية عسكرية طويلة الأمد متوافق عليها وعلى أهدافها مسبقاً بين تل أبيب وواشنطن.

هناك وجهتا نظر حيال هذا السؤال: تقول الأولى أن جولة العنف الحالية لها صلة باستراتيجية إسرائيل لإدارة عملية التفاوض على الأسرى.. وتفاصيل القصة هنا أن إسرائيل قبل بدء مسار الهدن؛ كانت تتبع بالاتفاق مع واشنطن، استراتيجية “التفاوض مع حماس حول الأسرى، مع إبقاء العصا مخفية وراء ظهرها”؛ أما الآن، وبالتوافق مع واشنطن أيضاً، تغيرت استراتيجية إسرائيل، وأصبحت تقوم على مبدأ “التفاوض مع حماس مع إبقاء العصا فوق رأسها”. 

أما وجهة النظر الثانية فهي تقول أن زيارة بلينكن لإسرائيل وحضوره جلسة كابينيت الحرب الإسرائيلي الذي أعلن على عتبته أنه “يؤيد ما تفعله إسرائيل”؛ إنما يعكس اشتراك أميركا السياسي وليس فقط العسكري، بإدارة حرب هزيمة حماس واجتثاثها من قطاع غزة.  

إن الحرب الإسرائيلية ضد غزة، نظراً لميدانها المكتظ بالسكان، ونظراً لظروفها السياسية، تحتاج لأن يكون هناك تنسيق سياسي لحظوي بين تل أبيب والأميركان؛ وذلك حتى يمكن استمرار تأمين التغطية السياسية الأميركية التي تواكب مشكلة أن العملية العسكرية البرية الإسرائيلية تسفر في كل ساعة عن قتل مواطنين وأطفال فلسطينيين تحت أضواء كاميرات الإعلام العالمي..

والواقع أن دور إدارة بايدن في حرب إسرائيل على غزة يتمثل بثلاثة أوجه: أولاً – تقديم الدعم العسكري السخي الذي يؤمن أمرين أساسيين: ١- تعويض كل نقص يحصل في مخازن الأسلحة الإسرائيلية؛ ٢- منع تشكل جبهات أخرى تشارك حماس ضد إسرائيل؛ 

ثانياً- تقديم الدعم الاقتصادي المسؤول عن تغطية كل تكاليف حرب غزة؛

ثالثاً- تقديم الدعم السياسي القادر على لجم احتجاجات المجتمع الدولي على جرائم إسرائيل في غزة. وهذه المهمة الأخيرة تمارسها إدارة بايدن عن طريق عدة أساليب، أبرزها تأكيد بلينكن في كل مرحلة من الحرب على أن واشنطن لا تزال تدعم استكمال إسرائيل للعملية العسكرية ضد حماس.

وأول من أمس خرج بلينكن من اجتماع كابينيت الحرب الإسرائيلي ليقول أن “واشنطن تدعم ما تريد أن تفعله إسرائيل للدفاع عن نفسها”.. ولكن يظل التصريح الأهم والأكثر إيحاء لبلينكن أمس، هو الذي قال فيه “أن واشنطن متأكدة بأن إسرائيل تستطيع الانتصار على حماس من دون التسبب بقتل مدنيين”!!.   

والترجمة العملية والسياسية لكلام بلينكن هذا، هو أن واشنطن لا تعتبر أن قتل المدنيين الفلسطينيين، يجب أن يحول دون تنفيذ إسرائيل لمهمة القضاء على حماس.. وأن واشنطن تعتبر أن حماية المدنيين يمكن تحقيقها بشكل نسبي، من خلال تعيين الجيش الإسرائيلي لمناطق آمنة داخل قطاع غزة، يوجه مواطني القطاع للنزوح إليها، والإحتماء بداخلها.. 

واستكمل بلينكن هذه الجزئية من تصريحه، بالقول أنه يتوجب على إسرائيل الاستمرار في ضرب حماس حتى تضمن أن “مجزرة ٧ أكتوبر” لن تتكرر!!..

وقول بلينكن هذا، هو رسالة من أميركا إلى العالم مفادها أن إسرائيل لا تزال في مرحلة حقها بالدفاع عن نفسها ضد هجوم يوم ٧ أكتوبر عليها، وأن كل عمليات القتل التي قامت به إسرائيل في غزة. لا تعتبر كافية، لأن المطلوب هو اجتثاث حماس، وخلق ترتيبات أمنية وسياسية في غزة تحول دون تكرار مشهد ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ مرة ثانية..

وسواء كان هدف جولة العنف الإسرائيلية الراهنة المتسمة أيضاً بالجرائم ضد مدنيي غزة، الضغط على حماس ومفاوضتها فيما العصا على رأسها، أو كان هدفها المضي في حرب اجتثاث حماس حتى النهاية، فإن الثابت في الحالتين أن قرار كل هذه الحرب هو أميركي؛ وأن نتائجها ستطال أميركا، سواء انتهت الحرب بنجاح لها أو بفشل عليها..

 

Exit mobile version