الهديل

رئيس جمعية المصارف يقول: ودائع الناس عند الدولة

رئيس جمعية المصارف يقول: ودائع الناس عند الدولة

«البنوك» وضعت 84 مليار دولار في «البنك» المركزي

كتب عوني الكعكي:

أجريت حديثاً مع رئيس جمعية المصارف الاستاذ سليم صفير الذي قال فيه: إنّ ودائع الناس ليست عند البنوك بل هي عند الدولة اللبنانية، ويكفي أن يعرف المواطن أنّ الدولة اللبنانية مدينة للبنوك بمبلغ يصل الى 84 مليار دولار، ولو دفعت الدولة دينها هذا للبنوك فالبنوك ستسدّد قيمة الودائع ومن دون أي تردّد.

أما ما يُقال عن «هيركات» أو كما أعلن نائب رئيس الوزراء سعد الشامي عدة مرات فإذا تم ما قاله يجب أن يتحمّل المواطن تلك الديون التي لا يعتبرها ديوناً بل يصنفها بأنها خسائر… وهذا غير صحيح، لأنّ الحقيقة انه منذ عام 1990 وهناك عجز في موازنة الدولة… فالسؤال: «من أين تسدّد الدولة هذا العجز»؟ طبعاً تلجأ الى الاستدانة من البنك المركزي الذي يُديّن الدولة لأنها مسؤوليته، خصوصاً عندما يأتي الطلب من الحكومة عن طريق وزير المالية بموجب كتاب رسمي، يطلب فيه مثلاً 100 مليون رواتب للجيش اللبناني، أو 100 مليون لشراء أدوية السرطان وغيرها التي تقدمها الدولة للمواطنين، أو 100 مليون دولار رواتب لقوى الأمن الداخلي، أو للسفارات اللبنانية في بلاد العالم…

كل ذلك يحدث منذ 30 سنة والدولة اللبنانية تستدين سنوياً قيمة عجزها من البنك المركزي.

على كل حال، قد يُلام حاكم مصرف لبنان لأنه ديّن الدولة… وهذا لو افترضنا كان عليه أن لا يديّن الدولة فالمسؤولية هنا 5%… ولنقول أيضاً هناك مسؤولية 5% على البنوك، ولكن 90% من المسؤولية تقع على الدولة اللبنانية نفسها.

وما دمنا ذكرنا اسم حاكم مصرف لبنان الذي انتهت ولايته، فيجب أن نقول ونؤكد إنّ الرجل يسكن في بيته وليس في السفارة الاميركية، وليس هناك أي حراسة عنده. فهو يعيش كما يعيش أي مواطن عادي، وكان لي الشرف أن أزوره، وتأكدت أنّ كل الشائعات التي تطلق بحقه كاذبة.

بالعودة الى ديون الدولة، أتذكر انه في عام 1998، أي بعد أن تسلّم الشهيد الكبير الرئيس رفيق الحريري الحكم لمدة 5 سنوات، أتذكر ما قاله لي: «لقد بلغت كلفة إعادة إعمار لبنان 5 مليارات دولار، وطبعاً للتذكير:

1- إعادة بناء القصر الجمهوري.

2- إعادة وتوسيع مطار بيروت.

3- إ٫شاء 4 محطات لتوليد الكهرباء.

4- إعادة بناء الجامعات اللبنانية.

5- إعادة بناء المدينة الرياضية.

6- إعادة بناء القصر الحكومي.

7- سلسلة من الجسور والطرقات.

تابع الحريري: على كل حال، هذه ليست مشكلة فسوف أقوم بإنشاء شركة ثالثة لـ»الموبايل» وأبيعها على طريقة B.O.T، وآخذ من الشركة 5 مليارات دولار أسدّد فيها جميع الديون ونبدأ من الصفر». لكن للأسف الشديد ومن قلّة حظ اللبنانيين كان عهد أسوأ رئيس جمهورية في الحكم وهو اميل لحود الذي كان همّه الوحيد الانتقام من الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وبالمناسبة فإنّ عملية الاغتيال تمّت في عهده المشؤوم.

فماذا يقول رئيس جمعية المصارف الاستاذ سليم صفير رداً على الأسئلة الموجهة إليه:

يطرح اليوم قانون إعادة هيكلة المصارف فماذا يتضمن هذا القانون؟

مشروع القانون هذا هو في الواقع مشروع محدّث تمّ إعداده بصورة أساسية من قبل لجنة الرقابة على المصارف. يتضمن هذا القانون العديد من المواد القانونية التي تعنى بموضوع إعادة هيكلة المصارف وقد تمّت تسميته «قانون إصلاح المصارف وإعادة تنظيمها».

بالشكل، هذا العنوان غير صحيح، فالمصارف ليست بحاجة لإصلاح، هي فقط بحاجة لأن تقوم الدولة اللبنانية ومصرف لبنان بإعادة الأموال المتوجبة بذمتهما لصالحها.

أما في المضمون، فلدينا ملاحظات أساسية، ان من حيث المقاربة الخاطئة من جهة، أو آليات إعادة الهيكلة من جهة ثانية.

ملاحظاتنا كجمعية مصارف سوف تكون بالطبع بناءة وتهدف أولاَ الى تصحيح المقاربة، لا سيما من ناحية التركيز على كون الأزمة هي أزمة نظامية وليست أزمة مصارف منفردة، وأيضاً لتصحيح أخطاء عديدة في الآليات المقترحة.

– وماذا عن إسترداد الودائع؟ وما هو رأي الجمعية بطريقة الإسترداد هذه؟ وما هو ردكم على ما قاله سعادة الشامي؟

إسترداد الودائع هو الأساس لأي حل للأزمة المالية، والجمعية تبذل كل جهدها للمحافظة عليها ، كون هذا هو العامل الوحيد الذي يعيد الثقة لقطاعنا المالي.

إن طرق الإسترداد عديدة، وقد تمّ تحضير عدة خطط من عدة أفرقاء محليين ودوليين في هذا الإطار. المشكلة هي في المقاربة التي تمّ إعتمادها في مشروع الحكومة المتعلق بالإنتظام المالي، والتي تؤدي بالمحصلة الى إفلاس المصارف وشطب جزء كبير من الودائع وفقدان الثقة لعشرات السنين المقبلة. الأساس يجب ان يكون من هذا القانون المتعلق بالإنتظام المالي والذي يفترض أن يوّزع المسؤوليات بطريقة عادلة بدءاً بالذي بذر أموال المودعين أي الدولة اللبنانية. وهنا لا بد أن أشير الى الخلاصة الواضحة التي خلص اليها تقرير التدقيق الجنائي المعد من قبل «الفاريز ومارسال» والذي، ومن دون أي مواربة، تحدث عن الخسائر الكبيرة التي نتجت عن السياسات المالية للدولة والتي تمّ التغاضي عنها قصداً لمدة طويلة من قبل المعنيين، وقد حدّد هذا التقرير العجز الموجود في ميزانية مصرف لبنان بصورة دقيقة وأسبابه الواضحة.

– لماذا لا يتم تطبيق القوانين التي تحتوي على آلية إعادة الهيكلة؟

برأيي، لا بد من إعداد قانون جديد لإعادة الهيكلة يأخذ في الإعتبار الصفة الأساسية لهذه الأزمة ألا وهي «الأزمة النظامية»، بالإضافة الى التأكيد على مسؤولية الدولة عن العجز وعن الحفاظ على الودائع.

– ما هي حقيقة ما يثار عن خطة لدمج المصارف؟

من غير المنطقي حالياً التحدث عن دمج للمصارف، يجب أولاً تحديد المسؤوليات وإعادة تصحيح المسار … وبعدها يتمّ الحديث عن تصفية أودمج لمصارف.

هنالك رسالة إعتراض من بعض المصرفيين على قانون إعادة هيكلة المصارف؟ ما هو محتواها؟

ليست رسالة من بعض المصرفيين، إنها رسالة من جمعية المصارف اللبنانية، ومن خلالها عبّرنا لدولة رئيس مجلس الوزراء إعتراضنا على المقاربة وعلى الآليات، وأكدنا لدولته وبشكل بنّاء ومسؤول حرصنا على تزويده بملاحظات مفصّلة بغية الوصول الى مشروع قانون أفضل بكثير مما هو بين أيدينا اليوم.

– برأيك هل هذا هو الوقت المناسب لطرح قانون إعادة هيكلة المصارف؟ وما هو موقفكم من هذا المشروع، وهل سيمر؟

كما قلت سابقاً، قانون الإنتظام المالي هو الأساس، علينا أن نتفق على تحديد المسؤوليات وعلى المحافظة على الودائع أولاً، ومن بعدها نطرح مشروع إعادة الهيكلة.

– لماذا تتهم جمعية المصارف الدولة بأنها قضت على ودائع المواطنين بـ «شحطة قلم» بعد خطة التعافي المالي؟

نحن لا نتكلم بهذه الطريقة ولا نتهم أحدا.

نحن فقط نقول إنّ مشروع قانون الإنتظام المالي، بالإضافة الى مشروع قانون إعادة الهيكلة، يؤديان بالفعل الى شطب جزء كبير من ودائع الزبائن.

– هناك ديون للبنوك على الدولة اللبنانية بلغت 70-80 مليار دولار، لماذ لا يتحدث أحد عن هذا الموضوع؟

لدى المصارف إيداعات لدى المصرف المركزي بحوالى 84 مليار دولار أميركي تقريباً، جزء كبير منها في الحسابات الجارية.

كذلك لدى المصارف سندات «يوروبوندز» صادرة عن الدولة اللبنانية بحوالى 10 مليار دولار أميركي.

يقابل هذه الموجودات المالية ودائع للزبائن بحوالى 90 مليار دولار أميركي، أي أن الودائع مؤمنة بالكامل إذا قامت الدولة اللبنانية بتنفيذ موجبها القانوني بتغطية العجز في المصرف المركزي وفق القوانين المرعية الإجراء، لاسيما المادة 113 من قانون النقد والتسليف. وعليه، نحن نرى بوضوح أن معالجة هذه المطلوبات تقع على عاتق الدولة اللبنانية التي أدت بممارساتها وعجوزاتها المالية المتراكمة الى خلق عجز كبير في ميزانية مصرف لبنان.

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version