الهديل

القاضي م جمال الحلو: “ناقوس الخطر”

كتب القاضي م جمال الحلو

“ناقوس الخطر”!

طالعتنا وسائل الإعلام المختلفة أوّل من أمس بقيام بعض المصارف اللبنانيّة ومن خلال وكلائها القانونيّين بالتّقدّم بمذكّرة ربط نزاع مع الدّولة اللبنانيّة عبر وزير الماليّة وتحت “عنوان عريض” بوجوب إعادة مليارات الدّولارات التي أودعوها بدورهم لدى مصرف لبنان (تحت عناوين عدّة طمعًا بالفوائد والأرباح) إبّان حكم الحاكم السّابق، والذي بدوره أقرضها للدّولة.

قد يبدو الأمر للوهلة الأولى أنّ المصارف تمارس حقّها القانونيّ والواقعيّ للحفاظ على كينونتها الماليّة وهيكليّتها الواقعيّة، وهو أمر لا يختلف عليه اثنان.

“ولكن”، ولنضع عدّة خطوط حمراء تحت هذه الكلمة الفضفاضة، وهذه الخطوط تدفعنا “وضمن حقّنا المشروع والمحميّ قانونًا ودستورًا” أن نطرح التّساؤلات الآتية:

لماذا هذا التّوقيت بالذّات؟!

وهل هناك من رابط معيّن مع ما يطرحه البنك الدّولي من شروط لمساعدة لبنان؟!

وهل الغاية (وفي مكان ما) التأثير على حقوق المودعين؟!

هل هذا الأمر يشكّل توطئة للتّنصّل من إعطاء المودع بعضًا من دريهمات الذّلّ والهوان لسدّ الجزء اليسير من حاجته اليوميّة على كلّ الصّعد والمستويات الحياتيّة؟!

هل هذه المسألة لا تعدو كونها حقًّا تمارسه المصارف لضمان حقوقها فيما بعد؟!

هل.. وهل.. هل الغاية من تلك الخطوة المباغتة الحثّ على القيام بموجب ما يقع على عاتق الدّولة؟!

لا شكّ ولا غرو ولا ريب أنّه للإجابة على هذه التّساؤلات، نحتاج إلى الكثير من المطوّلات والأطروحات والرّسائل بكلّ الاتّجاهات.

“ولكن”…

ما أبلغها من كلمة، لو علمنا بُعدها اللغويّ والواقعيّ.

إذ إنّ في الأمر (إنّ) وهو حرف مشبّه بالفعل، بعد أن كان هناك (كان وأخواتها) وهو فعل ماضٍ ناقص يدخل على المبتدأ والخبر “فيرفع” في مكان، “وينصب” في مكان آخر…

ولكي لا نطيل الشّرح والتّبيان وهو أمر نضعه في عهدة جهابذة القانون والاقتصاد، وأساطين السّاسة المحنَّكين، “وأمام كلّ المودعين”!

وعليه،

حذارِ من اللعب على أوتار القانون والغمز من قناة باكيش، أو قناة السّويس، أو قناة بنما، أو قنوات المسائل المستأخرة في القانون!

حذارِ من التّلاعب في حقوق ما بقي من جفاف الماء ويباس الخبز للقول:

“روحوا راجعوا الدّولة”!

حذارِ من التّلطّي “تحت ستار القضاء الإداريّ” وجعله مطيّة لمآرب عتاولة السّياسة والاقتصاد…

حذارِ من التفسير السفسطائيّ وما يُشار إليه من قول أو عمل…

وباختصار للعبة الفخّار والpâte à modeler ندقّ ناقوس الخطر لنقول:

“المودع” أودع أمواله لدى المصرف المعنيّ، وليس لدى مصرف لبنان، أو لدى الدولة، ولا علاقة له بتصرّفات المصارف مع الغير!

ولا تأثير لما سيقرّره القضاء (بشأن منازعة المصارف مع الدّولة) على المودع.

فاعتبروا يا أولي الأبصار…

ولا تفكّروا في اللعب بالنّار…

وأنت أيّها المودع المحتار استيقظ من سبات العتمة وتمعَّن في وضح النّهار…

وجميعنا،

فلنستنجد بالواحد القهّار كي لا نردّد باستمرار:

أعظم الله أجورنا جميعًا باستشهاد الودائع…

ولات ساعة مندم!

Exit mobile version