كتب عوني الكعكي:
لا شك بأنّ صمود حركة حماس حتى الآن وبعد أن مضى على «طوفان الأقصى» 63 يوماً والاعتداءات الاسرائيلية تشتد عنفاً، ولا يمكن أن تمارسه أي دولة ولو جائرة ضد شعب بريء، في حين ان إسرائيل استعملت العنف الأقوى ضد الشعب الفلسطيني البطل الصامد ما أسفر عن استشهاد 17.500 شهيد حتى الآن و8000 مواطن لا يزالون تحت الأنقاض من بينهم 9000 طفل وطفلة استشهدوا، ولا يزال الجيش الاسرائيلي ضائعاً لا يعرف من يحارب، حيث نقل عن إحدى محطات التلفزة الاميركية القول إنّ الجيش الاسرائيلي يحارب أشباحاً خصوصاً ما حدث في الفترة الأخيرة حيث وقعت 10 دبابات بكمين حين دخلت الى غزّة ظناً منها انها وصلت الى أحد الأنفاق وبشكل مفاجئ جاء أبطال الأقصى وفجروا الدبابات واعتقلوا عدداً كبيراً من الضباط والعسكريين الاسرائيليين حيث اضطرت إسرائيل الى التمنّع عن إرسال أي دبابة بعدئذٍ مكتفية بالطيران والقصف عن بُعد… ولن ننسى ان المقاومة الفلسطينية الباسلة فجّرت 79 آلية للعدو الصهيوني خلال 72 ساعة.
وتأكيداً لما أقول: فقد وقع بين يديّ عددٌ من المقابلات والتعليقات لأساتذة جامعيين وإعلاميين أميركيين وأوروبيين… يؤكدون ما ذكرته؛ ويؤكدون همجية إسرائيل وهمجية وألاعيب حلفائها الأميركيين والغربيين أيضاً.
ولأبدأ بما قالته إحدى السيدات الاميركيات عن تزوير إسرائيل وحلفائها للحقائق فقالت:
«بدأ الإعلام الأميركي الحر يدرك الحقائق.. كما بدأ يكشف فريق الإعلام الاسرائيلي وكذبه.
لقد دمّر الاسرائيليون حتى الآن 45% من المنازل والمباني في غزة… وهنا أتساءل: هل كل هذه البنايات هُدمت لأنّ مسلحي حماس كانوا يقطنون فيها. كفانا كذب وافتراءات.
يريدون منا ألا نثق بحماس ولا نصدّق ما تقوله.. هم (أي الاسرائيليون) يدّعون انهم اقتحموا المستشفيات لأنها كانت مركزاً لحركة حماس… هذا كذباً.. لقد دخلوا مستشفى الشفاء فأين حماس؟ بل أين الانفاق التي ادعوا انها موجودة تحت المستشفى؟
لقد قال بنيامين نتانياهو قبل مدّة: نحن زوّدنا مستشفى الشفاء بالوقود. إنه يشوّه الحقائق… لقد تبيّـن كما صرّح مدير مستشفى الشفاء انهم زوّدوا المستشفى بكمية من الوقود لا تكفي لتشغيل المولدات أكثر من ¼ ساعة فقط. لقد كذب نتانياهو حتى يظهر على شاشات التلفزة أمام الرأي العام الأميركي بأنه إنساني.. نتانياهو أكبر كذاب ودجال، وهو يزوّر الحقائق».
وكشف السيناتور الجمهوري الاميركي سرّاً فقال:
«نحن وإسرائيل أسسنا حماس لمواجهة ياسر عرفات وتحالفنا مع أسامة بن لادن، واعتقدنا انه سيكون من الجيّد نشر التطرّف في العالم الاسلامي…».
فقد فضح السيناتور الجمهوري رون بول جرائم أميركا في منطقة الشرق الأوسط، لمناسبة الحرب الاسرائيلية على عزة، وأكد ان الولايات المتحدة تحمل المسؤولية الأخلاقية لكل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة. مؤكداً كذلك أن أميركا قدّمت الدعم الآلي والأسلحة للاحتلال الاسرائيلي، هذا الدعم يحوي أسلحة تستخدمها إسرائيل لقتل الفلسطينيين.
وقال: إنّ أميركا هي من أسّس حركة حماس لمواجهة ياسر عرفات يومذاك. كما أكد ان الولايات المتحدة تحالفت مع أسامة بن لادن في مواجهة الاتحاد السوڤياتي معتقدة ان نشر التطرّف في العالم الاسلامي هو الأفضل.
وقال رون بول: إنّ وكالة الاستخبارات الاميركية نشرت التطرّف في العالم الاسلامي، فموّلت المدارس لنشر التطرّف بين المسلمين.
أضاف بول في ڤيديو تمّ بثه عن فظاعة ما يحدث في الشرق الأوسط من نواح عديدة خصوصاً في غزّة الآن، مما يجعلنا نتحمل مسؤولية أخلاقية تجاه كلا الجانبين، لأننا نقدّم المساعدة والتمويل لكل من الدول العربية وإسرائيل، لذا فإننا بالتأكيد نتحمّل مسؤولية أخلاقية. حيث ان الأسلحة المستخدمة لقتل العديد من الفلسطينيين هي أسلحة أميركية، والأموال الأميركية تستخدم في عمليات القتل.
وقال أيضاً: تتحمل أميركا مسؤولية سياسية أيضاً، فأنا أعتقد اننا فشلنا في أخذها بالاعتبار. لأنه غالباً ما يحدث ردّ فعل عكسي كبير من تدخلنا في مناطق لا ينبغي أن نتدخل فيها».
في حين أكد الاستاذ الجامعي المتخصص في فلسفة الدين واللاهوت والكاتب السياسي المعروف ديڤيد راي غريفن في محاضرة له في مدرسة لوثر كينغ أفكاره التي شدّد عليها في كتابه «المسار الأميركي: ملاك أم شيطان؟ فقال تحت عنوان «كي لا ننسى»:
لم تتعرض الولايات المتحدة لأي اعتداء خارجي بعد استقلالها (باستثناء حادثة الحادي عشر من أيلول) إنما هي من قامت بالاعتداء على الدول والشعوب التي ترى ان من مصلحتها الاقتصادية والاستغلالية السيطرة عليها.
وفي جميع غزواتها لدول العالم، سواء ما كان منها في القرن العشرين، أو في القرن الحادي والعشرين، أو ما كان منها في أميركا اللاتينية، أو جنوب شرق آسيا أو غربها، أو في المنطقة العربية، اتبعت طرقاً تلوي أعناق الحقائق في مخالفة واضحة لما يجري في الارض. وبما يُظهر ان أميركا وكأنها المعتدى عليها، لتوفّر الارضية والأجواء التي تخلق رأياً عاماً أميركياً مسانداً وداعماً لسياستها العدوانية، وهي تبدو وكأنها تحترم إرادة الشعب الاميركي وبالتالي المشرّع الاميركي، سواء في الكونغرس أو في مجلس النواب، وبهذا تحافظ على المسار الديموقراطي، أما الحقيقة فهي غير هذا.
وسلّط غريفين ببراعة وضمير حيّ على جرائم الولايات المتحدة بحق الشعوب والدول، وأوضح كيف ان أميركا تقول ما لا تفعل وتفعل ما لا تقول، وكل ما هو ظاهر من سياساتها على السطح هو كذب وخداع أمام الحقيقة، فهي لا تظهر إلاّ حين تبدأ الولايات المتحدة بجني ثمار ما دمّرت من الدول والشعوب.
وهذا كله يجري بتغطية إعلامية واسعة النطاق والفاعلية والإقناع وفي صناعة رأي عام سواء ما هو أميركي أو في المجال الدولي.
ختاماً، أتساءل: ماذا جنت إسرائيل من هجومها الوحشي؟ هل أنهت «حماس»؟ وهل حرّرت أسيراً أو مخطوفاً واحداً من أسراها ومخطوفيها؟ أبداً… في حين انها استطاعت تحرير عدد من الأسرى والمخطوفين بالحوار والتفاهم مع «حماس». ما يدلّ بالتأكيد على ان العنف يولّد العنف. فـ»حماس» لن تلقي السلاح إلاّ بالاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*