الهديل

خاص الهديل: هذه هي أهم أفكار “خطة المرحلة الثانية في الحرب على غزة” كما يهندسها سوليفان!!

خاص الهديل:

تدور في أكثر من عاصمة في العالم، مفاوضات من أجل إبرام هدنة جديدة بين حماس وإسرائيل مؤداها استئناف عمليات تبادل الأسرى بينهما.. ولكن كلاً من حماس وتل أبيب ترفعان صوتهما وتهددان إما باتباع الضغط العسكري وليس التفاوض، لإرغام حماس على إطلاق الأسرى، كما يقول نتنياهو، أو بعدم التفاوض على الأسرى قبل وقف الحرب كما تقول حماس… ومن جهة أخرى ترفض تل أبيب أيضاً تطوير آلية عمليات تبادل الأسرى، وتصر على إبقاء نفس الآلية التي تم اعتمادها خلال الهدن الماضية، الأمر الذي يعتبره الوسيطان المصري والقطري أنه لم يعد مناسباً للمرحلة الجديدة من التفاوض على إبرام هدن جديدة وإطلاق دفعات جديدة من الأسرى. 

ورغم كل هذه السقوف العالية التي يطرحها الطرفان والتهديد بأن الحرب لم يعد لها نهاية إلا بغلبة أحدهما على الآخر، فإنه داخل كواليس التفاوض التي تديرها كل من القاهرة والدوحة، هناك قناعة واعتقاد راسخ بأن طرفي الصراع يرفعان سقف مطالبهما من أجل تحسين شروط التفاوض لديهما؛ فيما حقائق الأمور بالنسبة لكليهما تظهر أن حكومة نتنياهو بحاجة لعملية إطلاق أسرى؛ كونها تريد تحسين صورتها أمام الرأي العام الإسرائيلي؛ كما أن حماس أيضاً تريد هدنة حتى تربح وقتاً ثميناً يحتاجه مقاتلوها وشعب غزة المنهك..

وحتى الآن جرت لقاءات بين مسؤولين قطريين ومدير الموساد في عاصمة أوروبية، وأيضاً بين قياديين إثنين من حماس يتابعان مع الوسطاء المصريين والقطريين مسار التفاوض مع إسرائيل.. وبحسب التسريبات الإعلامية، انتهت أمس أول جولة من التفاوض حول الهدنة الجديدة المتوخاة على النتيحة التالية: إسرائيل رفضت تغيير آلية تبادل الأسرى ولكنها أبقت الباب مفتوحاً على تقبل الأفكار الجديدة بهذا الخصوص، وبالمقابل فإن حماس أصرت على أنها لن تفاوض قبل وقف الحرب؛ ولكنها أبقت بابها مفتوحاً على النقاش حول تجزئة إطلاق الأسرى؛ كما أنه في الوقت الذي قال فيه نتنياهو وغالانت وغانتس أمس أنهم ملتزمون بمتابعة الحرب وباعتماد آلية الضغط العسكري لتحرير الأسرى؛ فإنهم دعوا بنفس الليلة كابينيت الحرب للاجتماع لبحث كيفية إطلاق الرهائن عبر التفاوض مع حماس ولدراسة ما قيل عنه خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة بأنه مقترح مصري – قطري جديد يرسي إليه لتبادل الأسرى..  

وعلى هذا، يبدو أنه رغم تعاظم قرقعة السلاح والتخبط السياسي، إلا أن المعطيات الباردة باتت تؤشر إلى أن مسار حرب غزة بدأت تأخذ “خط بيان تنازلي ومتدرج نحو إعلان وقف النار بشكل شامل”. والمؤشرات الأساسية التي توحي بذلك، هي التالية: 

أولاً- بدأ الإعلام العبري منذ مطلع الأسبوع الحالي يتحدث بصراحة عن أن هناك صعوبات غير مسبوقة تواجه الجيش الإسرائيلي في غزة؛ وأن هناك كلفة بشرية عالية في صفوفه، بمقابل أنه يحرز تقدماً بطيئاً، الخ.. علماً أن الإعلام العبري كان خلال الأسبوع الأسبق يتحدث عن أن الجيش الإسرائيلي يحقق إنجازات مهمة في غزة، وأن هناك مقاتلين من حماس رموا سلاحهم، وأن قيادة حماس فقدت التحكم والسيطرة، الخ.. والتفسير الذي يقف وراء تغيير الإعلام العبري لنوعية وصفه لأحداث الحرب في قطاع غزة ولوضع الجيش فيه، يعود لكونه – أي الإعلام العبري) بدأ يحضر إعلامياً لإنزال الجيش الإسرائيلي عن شجرة الأهداف العالية التي وضعها المستوى السياسي لحرب إسرائيل في غزة؛ وتبين الآن أنها أهداف حمقاء. 

ثانياً- إن زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي سوليفان إلى إسرائيل خرجت بنتائج محددة وغير معلنة تفاصيلها، وذلك رغم أن تصريحاته خلال زيارتيه لرام الله وتل أبيب حملت تناقضاً كبيراً، ما دفع الكثير من المراقبين إلى توجيه صفة الفشل لهذه الزيارة؛ فبالأساس كان سبب زيارة سوليفان لإسرائيل هو استكشاف حقيقة الموقف قي الميدان؛ وأيضاً تحذير إسرائيل من أمرين أساسيين: أولهما إمكانية أن تتسع الحرب لتصبح إقليمية وحينها ستدفع إسرائيل أثماناً قد تمس بوجودها؛ والثاني وجود تقدير في أميركا صرح به وزير الدفاع الأميركي علناً وهو أن إسرائيل قد تربح بالتكتيك في حرب غزة، ولكنها هي حتماً ستخسر استراتيجياً؛ ولذلك يرى المستوى الأمني والعسكري العميق في إدارة بايدن أن على إسرائيل أن تعمل على عدم إطالة هذه الحرب، ولكن بنفس الوقت عليها أن تهتم برسم إخراج مشرف لآخر صورة في هذه الحرب.  

ثالثاً- .. إن كل ما تقدم دفع سوليفان إلى الاتفاق مع كابينيت الحرب على الكف في المرحلة المنظورة عن الإستمرار بأسلوب التدمير الخالي من أي هدف سياسي، وبدل ذلك الانتقال إلى ما أسماه سوليفان بالمرحلة الثانية في الحرب الإسرائيلية على غزة التي تقوم على عدة نقاط لا تزال تحتاج إلى بلورة من قبل كل من أميركا وإسرائيل: 

النقطة الأولى في خطة سوليفان هي تخفيض حدة الحرب: بمعنى تحييد المدنيين قدر الإمكان. 

النقطة الثانية الاستمرار بالحرب على ما يمكن تسميته بكيان حماس القيادي؛ وهنا يدور الحديث عن توفير استثمار استخباراتي كبير يوجه هو العمليات العسكرية الإسرائيلية المقبلة في غزة وتشارك فيه منظومات استخباراتية دولية على رأسها اميركا وبريطانيا والمانيا وفرنسا، الخ.. أي أن المطلوب بحسب خطة المرحلة الثانية هو الانتقال من الحرب العسكرية إلى الحرب الأمنية والإستخباراتية التي تهدف إلى القضاء على حماس من فوق (قيادتها) طالما أن إجتثاثها من الأسفل هو أمر غير ممكن كون حماس كما قال وزير خارجية الأردن هي فكرة وليست فقط تنظيم وحيثية مادية. 

ومن خلال دراسة خطة المرحلة الثانية، يتضح أن سوليفان يفكر بالقضاء على قيادة حماس بحيث تتحول إلى جسم من دون رأس يقودها ويوجهها. ثم كخطوة تالية يتم البناء على حالة حماس الجديدة هذه، وذلك من خلال إطلاق إعادة بناء بمال عربي لغزة وتعزيز التنمية فيها، ما يؤدي حسب تصور خطة المرحلة الثانية إلى اغتيال فكرة حماس داخل المجتمع الغزاوي.. والواقع أن هذه الأفكار التي تطرحها خطة سوليفان تعني أن إدارة بايدن تضع الخطط والأفكار لإنهاء حماس، وليس لإنتاج حل سياسي للقضية الفلسطينية يقوم على حل الدولتين كما يردد بايدن.

وما يهم بايدن في فترة توجهه بعد أسبوعين للتفرغ لخوض الإنتخابات الرئاسية، هو التالي: 

– تخفيض مستوى الحرب في غزة.

– سحب الجيش الإسرائيلي من الأماكن السكنية في غزة إلى مناطقها المفتوحة، والإنطلاق منها لخوض عمليات نقطوية ضد قيادات حماس، شرط أن تكون هذه العمليات مستندة إلى معلومات استخباراتية مهنية وغنية حتى يتم تجنب إيقاع خسائر كبيرة بين المدنيين. 

– عملياً تتحول قيادة حرب إسرائيل ضد حماس من كابينيت الحرب إلى منظومة قيادة استخباراتية من دول الناتو. 

– التدرج في الاعتماد على الوسيطين القطري والمصري للتوصل إلى وقف شامل عملي وغير معلن في غزة حتى لا تبدو أن إسرائيل وقعت اتفاقاً مع حماس اعترفت به..

Exit mobile version