كتب عوني الكعكي:
منذ عام 1989، يومَ عَيّـنَ الرئيس السابق أمين الجميّل الجنرال ميشال عون رئيساً لحكومة عسكرية مهمتها الوحيدة تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، وكان تعيينه قد جاء نكاية بالرئيس السوري حافظ الأسد الذي رفض أن يمدّد ولاية الرئيس أمين الجميّل، كانت المشكلة الكبيرة أنّ الجنرال ميشال عون فعل كل شيء لكنه نسي أو تناسى أهم شيء ألا وهو ان المهمة التي كُلّف بها وهي انتخاب رئيس جديد للبلاد لم تتم ولم يفعلها. وفي الحقيقة انها لم تكن مجرّد نسيان بل لأنّ طموحه الوحيد في الحياة كان أن يصبح رئيساً للجمهورية.
ميشال عون صاحب الشعارات الرنانة والتي تشد الوتر الطائفي وخصوصاً المسيحي، كل تلك الشعارات التي نادى بها كانت فقط سبيلاً للوصول الى الرئاسة.
وما دمنا نتحدّث عن الشعارات، لا بد أن نذكر بشعار رفعه يومذاك قائلاً: «سوف أكسر رأس حافظ الأسد». وبعد عودته من المنفى في باريس، انتظر سنتين ونصف السنة، والبلاد من دون رئيس، وتكرّم عليه «الحزب العظيم» وعيّنه رئيساً للجمهورية، بعدما تنازل الوزير سليمان فرنجية عن حقّه بالرئاسة، قائلاً: «إنّ الوقت طويل أمامه أما الجنرال فلم يبْقَ عنده وقت».
أول ما فعله عندما وصل الى الرئاسة كان أن قام بزيارة الى سوريا ليقبّل يد ابن الرئيس حافظ الأسد (الرئيس بشار).
وطالما نتحدث عن وعوده وشعاراته لا بد أن نتذكر أيضاً أنه أقدم على محاربة قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع في حربين (حرب الإلغاء وحرب التحرير)، ثم أبرم معه اتفاقاً هو «اتفاق معراب».
والمشكلة أنّ د. جعجع وبرغم معاناته من كذب ميشال عون أبرم معه «اتفاق معراب» المذكور وهو الذي أوصل ميشال عون الى الرئاسة.. وكما هي عادته كذب في تقاسم الوزارات والنواب، وانقلب على جعجع ونكث وعده له.
بالعودة الى قيام ميشال عون بزيارة الرئيس نبيه بري قبيل انتخابه طالباً منه أن يؤيّد انتخابه رئيساً للجمهورية، رد الرئيس بري قائلاً: «أعتذر، لأني لا أستطيع أن أنتخب رئيساً للجمهورية شخصين: أنت وصهرك العزيز».
عضّ عون على الجرح وسكت، لأنه يريد أن يصل الى الكرسي مهما كانت الصعوبات، وبالفعل وبفضل «الحزب» وصل ميشال عون الى قصر بعبدا….
وهنا بدأت رحلة العذاب والازدواجية في الحكم، إذ ان القرار في بعبدا صار بحاجة الى توقيعين، وفي بعض المرات الى توقيع «طفل المعجزة» وحده.
لم يحتج الجنرال عون أن يوصف أحد عهده بالفشل، لأنه أجاب في إحدى المرات على سؤال لإحدى الصحافيات: أين نحن ذاهبون؟ فأجاب: «بكل صراحة الى جهنم».
لم أصدّق عندما قرأت ذلك التصريح، وقلت لنفسي يجب أن يأخذوه عند طبيب، ويجب إجراء فحوصات سريرية طبية كاملة له، لأنّ ما قاله لا يمكن أن يصدر عن رجل طبيعي في كامل وعيه.
استطاع الجنرال ميشال عون أن يدمّر لبنان، ويكفي سقوط القطاع المصرفي وتمنّع الدولة عن سداد ديونها الى «البنوك».
وهنا، لا بد أن نذكّر الجنرال ميشال عون أنّ صهره هو المجرم الأوّل الذي دمّر الاقتصاد اللبناني، وهو الذي أوصل القطاع المصرفي الى الانهيار التام، خصوصاً ان خسائر وزارة الطاقة وصلت الى أكثر من 65 مليار دولار أي الى ثلثي مجموع الدين العام على الدولة. ولتذكيره أيضاً بأنّ صهره هو بطل البواخر التي رفضها أولاً، وامتنع عن الاستعانة بالصندوق الكويتي لبناء محطتي كهرباء، لأنّ الكويتيين رفضوا إعطاءه مبالغ محترمة تليق بحجمه. كذلك رفض عرض شركة «سيمنس» الالمانية لأنّ العرض يفضحه ولا يحقق له العمولات التي يحصل عليها من استيراد الفيول اويل.. هذا في وزارة الطاقة.
أما في وزارة الاتصالات، فباختصار كان مدخول الدولة سنوياً 2 مليار دولار من الشركتين، فأصبح مليار دولار فقط لا غير بسبب التوظيفات التي قام بها «طفل الانبوب» حيث عيّـن 500 موظف في شركة «ألفا» و500 في شركة MTC فانخفض المدخول الى النصف.
الحكومة الحالية التي شكلها صهره العزيز «طفل الانبوب» الفاشل وما ضمّ إليها من وزراء له، حصل من كل وزير على توقيع استقالته ليحفظها معه ويستعملها وقت الحشرة.
كل هذا والرئيس بري يعلم بكل صغيرة وكبيرة، وهو متضايق منه، ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داود… الى أن جاء الوقت المناسب وكان ذلك في التمديد لرؤساء الأجهزة الامنية. طبعاً الرئيس بري لا يتصرّف بالمواضيع الوطنية بنطاق ضيّق لكن بعين الحريص على الوطن وأمن الوطن.. فمن أجل ذلك علّم الجنرال عون درساً لا ينساه في حياته وليقول له: «كفى أنت وصهرك… واتركوا الشعب اللبناني يعيش».
وأخيراً، نصيحة للمودعين وللشعب اللبناني: بدل أن تتوجهوا باللائمة على أحد، توجهوا الى الرئيس عون وصهره جبران باسيل فهما المسؤولان عن المآسي.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*