خاص الهديل:
يتوقع على نطاق واسع أن يؤدي موافقة مجلس النواب على تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون، إلى إصابة العلاقة بين جبران باسيل وحزب الله بأزمة إضافية جديدة.. وما يدفع لهذا التوقع هو الكثير من الأسباب التي بات بعضها معروفاً، وبعضها الآخر في طور الكشف عنه..
ولكن هذه المرة، وبالنظر لطبيعة الحدث المتسبب بالأزمة بين باسيل وحارة حريك، بات يتوجب طرح واقع ومستقبل العلاقة بين الطرفين انطلاقاً من زاوية جديدة ومن خلفية مستجدة ووفق منطق مغاير عن ذاك الذي كان سائداً قبل ما حدث في جلسة تأجيل تسريح قائد الجيش!!.
لماذا(؟؟) وما الذي تغير حتى بات المطلوب رؤية مستقبل العلاقة بين باسيل والحزب من منظار جديد؟؟
من منظار جبران باسيل فإن عدم منع حزب الله تأجيل تسريح جوزاف عون يعني له التالي:
الأمر الأساس الذي اتخذ وقع الصدمة على باسيل تمثل بأن حارة حريك لم تستجب على النحو المطلوب لطلب حار تقدم به إليها الرئيس ميشال عون لمنع تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون..
وتقول معلومات على هذا الصعيد أن باسيل قرر في ربع الساعة الأخير من معركته لمنع تأجيل تسريح قائد الجيش استعمال “سلاحه الأكثر فعالية” مع حزب الله وهو جعل عمه يتدخل بشكل شخصي مع السيد حسن نصر الله؛ ويطلب منه منع التمديد للعماد جوزاف عون..
ويجدر عند الحديث عن هذه الجزئية الإشارة إلى أن باسيل عندما وجد أنه صرف دون طائل كل رصيده الشخصي مع حزب الله لثنيه عن دعم تأجيل تسريح قائد الجيش؛ قرر استبدال عنوان المعركة بينه وبين جوزاف عون بغية إحراج حزب الله ودفعه لأخذ موقف إلى جانب وجهة نظره تجاه هذا الملف. وبموجب خطته الجديدة القائمة على تغيير عنوان المعركة؛ أطل باسيل على الإعلام ليوجه لجوزاف عون “تهمة خيانته” لميشال عون.. وركز باسيل على هذه النقطة بوصفها السبب الرئيس لخلافه مع جوزاف عون، وكان الهدف من ذلك إيصال رسالة لحارة حريك مفادها أن المعركة لم تعد بين جبران باسيل وجوزاف عون، بل أصبحت تندرج تحت عنوان يقول التالي: أن تمرير قانون تأجيل تسريح جوزاف عون معناه الطعن بكرامة الرئيس ميشال عون الذي هو من عين “القائد” بمنصبه، ولكن الأخير بادله الخير بعدم الوفاء له..
وتوقع باسيل أن طرح هذا العنوان، سيكون كافياً لإحداث فرق كبير لصالحه من قبل حزب الله في موضوع تأجيل تسريح قائد الجيش؛ ولكن باسيل تفاجأ بأن الحزب لم يلق آذاناً صاغية لكل مقولة باسيل الجديدة؛ وعندها قرر “الصهر” استعمال سلاحه الأكثر فعالية في علاج مشاكله مع حارة حريك؛ وهو جعل “عمه” يتصل شخصياً بنصر الله ويطلب منه بإسم صداقتهما، منع تأجيل تسريح جوزاف عون، ولكن خطة باسيل ارتكزت على أن يطلب عون من نصر الله طلبه هذا ضمن صيغة جديدة، وهي إعلام السيد بأنه (أي عون) يطلب منه تحديداً “حفظ كرامته” وليس “حفظ مصالح صهره السياسية”.
لقد غامر باسيل بحسب أجواء في التيار البرتقالي بإستعمال “كرامة عمه” في بازار لم يكن هناك داع له؛ فنصر الله حاول الإستجابة لطلب عون ضمن ظروفه في مسألة لها أبعاد حساسة في ظل المواجهات العسكرية في الجنوب وفي تأثيراتها على أمن البلد؛ فهو سحب نواب حزب الله من جلسة مجلس النواب ليقول لميشال عون أنه لم يخيب طلبه؛ ولكن باسيل يريد اليوم القول أن حارة حريك لم تحترم عهدها مع الرئيس ميشال عون؛ أو بكلام أدق مع الجنرال عون الذي أعطى حزب الله ومقاومته الغطاء الداخلي المسيحي الذهبي طوال العقدين الماضيين.. بل أن باسيل في رغبته بإستكمال معركته مع جوزاف عون سيستمر بالضغط على الحزب لمنع احتمال تأييد وصول قائد الجيش لرئاسة الجمهورية؛ حيث سيرفع باسيل في المرحلة المنظورة عنواناً يقول أن الرئيس عون تعرض لعدم الوفاء من جهتين إثنتين، وليس من جهة واحدة..
.. أما بالنسبة لحزب الله فإن حارة حريك تعلم بثقة أن زعم باسيل بأن جوزاف عون ارتكب الخيانة بحق ميشال عون هو كلام يراد منه تغطية حقيقة باتت معروفة؛ وهي أن باسيل كان السبب وراء ابتعاد ميشال عون عن الكثير من مريديه الخلص، وليس فقط عن جوزاف عون الذي كان من أقرب ضباط الجيش إليه؛ وكان آخر مثل على تطبيقات موهبة الصهر بتحويل أصدقاء عمه لأعداء، ما حدث بين الرئيسين عون وايلي الفرزلي الذي نجح باسيل في تحويل صداقتهما العميقة إلى قطيعة وخلاف..
أضف لذلك أن خلاف حارة حريك مع جبران باسيل يتمثل بنقطة محددة، وهو اعتبار نصر الله شخصياً أن باسيل لم يحفظ الوفاء له ووقف ضد رغبته بإيصال فرنجية لرئاسة الجمهورية. وترى حارة حريك أن باسيل فعل ذلك، رغم أن نصر الله فعل الكثير من أجله؛ وكان آخر جمائله عليه هو مساعدته في معركة الإنتخابات النيابية كي لا يصبح رقم ٢ في الساحة المسيحية بعد جعجع.. وعليه فإن تهمة عدم الوفاء التي ينعت بها باسيل زوراً قائد الجيش؛ يوجد تهمة مثلها، ولكن عن حق هذه المرة، توجهها حارة حريك لباسيل.