لا زالت الأوضاع مأساوية في غزة بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
ووسط هذا الوضع، تفاجأ الطبيب سليمان أبو عيدة، المتخصص في التوليد بمدينة نابلس في الضفة الغربية، باتصال هاتفي بعد الثانية من منتصف ليل الاثنين، جاءه من منطقة جباليا الواقعة في قطاع غزة، وكان المتصل يطلب مساعدة طبية لإتمام حالة ولادة لسيدة في أحد تجمعات النازحين.
وكان الرجل، الذي قدّم نفسه كصحافي من جباليا، لا يعرف كيف يتصرف مع تلك السيدة التي تضع مولودها في ظروف لا يمكنها فيها الوصول إلى مستشفى أو العثور على طبيب، يمكن أن يُكمل المهمة، حيث خرجت كل مستشفيات شمال قطاع غزة عن الخدمة.
وأكد الطبيب أبو عيدة أنه لا يتردد أبدا في الإجابة على هاتفه في كل الأوقات، انطلاقا من قناعته بأن اتصالا هاتفيا في الثانية بعد منتصف الليل يحمل صاحبه بالتأكيد همّا كبيرا ويريد نجدة أو مساعدة.
وقال: “بدأت بإعطاء المتصل الإرشادات عبر الهاتف، وأرشدته إلى طريقة ربط الحبل السري ومن ثم قطعه، وكيفية إخراج المشيمة والتعامل مع المولود ووضعه في حضن أمه لتقوم بإرضاعه ولتخفيف النزيف الذي تتعرض له”.
ويرى أبو عيدة أن الحالة الفلسطينية استثنائية، مشيرا إلى أنه تعامل في السابق مع حالات مماثلة، وكثيرا ما كان يضطر في ظل الإغلاقات وعدم قدرة النساء على الوصول إلى المستشفيات للتوجه إليهن سيرا على الأقدام لتقديم المساعدة لهن في بيوتهن.
وقال: “عايشت مثل هذه المواقف خلال أيام الانتفاضة الفلسطينية، حيث كان يُمنع المرور بالسيارات ويُسمح فقط بالسير على الأقدام”.
والشهر الماضب، قدّر صندوق الأمم المتحدة للسكان في تقرير له عدد النساء الحوامل في قطاع غزة بخمسين ألف سيدة، وتوقع أن تضع 5500 امرأة خلال شهر كانون الأول في ظروف قاسية.
ويقدر الصندوق عدد حالات الولادة اليومية بنحو 180 حالة تضطر فيها النساء لوضع مواليدهن في ظل كارثة إنسانية شبه كاملة، كما حذر من أنه مع اكتظاظ المستشفيات بالضحايا ونقص الوقود الأساسي والأدوية والإمدادات الأساسية، سيتم حرمان العديد من السيدات من خدمات الولادة الآمنة.