أطلقت بلديات الضاحية الجنوبيّة صرختها الأخيرة قبل انتهاء العام 2023. معلنةً عن قرارها برفض استقبال النفايات الآتية من الشوف وعاليه وقرى بعبدا، خوفًا من أن يجتاح “تسونامي النفايات” طرقات الضاحية الجنوبيّة، بعدما بات مطمر الكوستابرافا عاجزاً عن استقبال كميات ضخمة من النفايات بشكل يوميّ.
أزمة مستمرة
دعا اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية بالتعاون مع بلديات الغبيري، حارة حريك، المريجة، برج البراجنة، الشويفات، إلى مؤتمر صحافي اليوم الخميس، 21 كانون الأول، للإعلان عن الخطوات التي قُرر تطبيقها ابتداءً من شهر كانون الثاني المقبل، تجنبًا لانفجار النفايات في الشوارع.
وواقع الأمر، فإن الضاحية الجنوبية لبيروت تعاني منذ حزيران العام 2015 من أزمة نفايات، عجزت الدولة اللبنانية خلال هذه السنوات عن معالجتها. وهذه المشكلة لطالما تُرجمت في الشوارع الرئيسية لمناطق الضاحية الجنوبية. إذ فجأةً تتكدس النفايات لتصبح شبيهة بجبل عملاق، وتتجمع حولها الحشرات والقوارض، ما يؤدي إلى مخاطر بيئية كثيرة، إضافة إلى أزمة سير خانقة لعدم قدرة السيارات أو الدراجات النارية على التنقل بين الشوارع.
إجراءات جديدة
تجنبًا لانفجار هذه الأزمة مجدّدًا، وفي ظل عجز الدولة اللبنانية عن إيجاد حلول سريعة لمعالجتها، قررت بلديات الضاحية الجنوبية التوقف عن استقبال كميات النفايات الآتية من بلديات الشوف وعالية وقرى بعبدا، على أن تكتفي باستقبال نفايات الضاحية الجنوبية ومدينة الشويفات اعتبارًا من الثامن من كانون الثاني العام 2024.
هذا القرار لا يعني بداية المعارك بين البلديات والأقضية، وهو ما حاول شرحه نائب رئيس بلدية الشويفات، شديد حنا، مبرّرًا أن اتخاذ هكذا قرارات كان ضروريًا بسبب عدم قدرة مطمر “الكوستابرافا” على استقبال الكميات الضخمة اليومية من النفايات، على اعتبار أنه يغصّ بالنفايات خصوصًا بعدما أضيف إليه أقضية أخرى كالشوف وعاليه.
أهمية المطامر الصحية
ومطمر الكوستابرافا الذي أنشئ في آذار العام 2016، بلغت قدرته الاستعابية ألف طن بشكل يومي. لكن، المشكلة هي تحويل كميات ضخمة من النفايات إليه، مما أدى إلى تجاوز الكمية المحددة لأكثر من الضعف، الأمر الذي ينذر بكارثة بيئية وصحية قريبة، في حال عدم اتخاذ إجراءات سريعة كتفعيل مطامر صحية أخرى.
وبالرغم من إصدار مجلس الوزراء قرارًا بتوسيع وتشغيل المطمر في مرحلته الثانية بقدرة استيعابية قُدرت بـ(1750 طنًا) بشكل يومي، إلا أن المشكلة تكررت و”فاض” المطمر بالنفايات!
أما أخطر ما في هذا الأمر، فكان تأكيد البلديات بأن مطمر الكوستابرافا لن يكون قادرًا على استقبال هكذا كميات ضخمة من النفايات لفترة طويلة، إذ لم يبق سوى الممرات التي تدخل منها الشاحنات؛ أي أن النفايات تطمر في الممرات المخصصة لدخول وخروج الشاحنات. وبالتالي، من المتوقع أن تغطي النفايات هذه الممرات خلال الأشهر المقبلة، ولن تتمكن حينها أي شاحنة أو آلية من العبور.
لذلك، شدد رؤساء البلديات على ضرورة تنفيذ مطالبهم، من خلال تأمين مطامر بديلة لخدمة أقضية بعبدا وعاليه والشوف، ومتابعة خريطة الطريق للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، ومعالجة وصيانة وتأهيل ومن ثم تشغيل مفرزة العمروسية، وأيضًا إنشاء وتجهيز معمل التسبيغ الموجود على أرض مطمر الكوستابرافا.
أزمة “نيسان” المقبل؟
في حديثه لـ”المدن”، أكد نائب بلدية مدينة الشويفات، شديد حنا، أن المسؤولية تقع على عاتق الدولة اللبنانية، ومن الضروري أن تتحرك لإيجاد وتوفير مطامر صحية بديلة، لأن مطمر الكوستابرافا لن يكون قادرًا على استقبال الكميات الضخمة من النفايات بعد حوالى 4 أشهر، لذلك يجب معالجة هذه الأزمة. أما رئيس بلدية الغبيري، معن الخليل، فاختصر الأزمة المقبلة في حال عدم التدخل سريعًا بعبارة “النفايات ستتراكم في شوارع الضاحية الجنوبية”.
إذن، سلسلة من الحلول قد تنجح في معالجة أزمة النفايات التي يعاني منها لبنان منذ سنوات طويلة، وأبرزها إنشاء وتفعيل مطامر “صحية”، ووضع إدارة مشتركة لهذه الأزمة، ووضع إدارة رشيدة لهذه المطامر، وفرز النفايات من المصدر، أي أن تطبق عمليات الفرز من منازل السكان، مما يؤدي إلى تقليص الكميات الضخمة التي تحول يوميًا إلى مطمر الكوستابرافا.