الهديل

خاص الهديل: ما هي الرسائل التي حملتها محاولة ضرب “حقل كاريش”؟؟

خاص الهديل:

قبل أيام قال المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي أن إسرائيل أسقطت فوق البحر الأبيض المتوسط هدفاً معادياً أطلقته المقاومة الإسلامية في العراق؛ وفي وقت متزامن تقريباً كانت الأخيرة أعلنت من جانبها أن مقاتليها “استهدفوا قبل أيام هدفاً إسرائيلياً في البحر الأبيض المتوسط بالأسلحة المناسبة، وأنه تم إصابة الهدف”. 

والواقع أن كلاً من التصريحين الإسرائيلي والثاني الصادر عن المقاومة الإسلامية في العراق؛ يتقاطعان عند تأكيد أن حدث الهجوم قد حصل فعلاً، ولكنهما يتناقضان بخصوص النتيجة التي أسفر عنها هذا الهجوم؛ حيث قال المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي أنه تم اعتراضه؛ فيما بيان المقاومة في العراق يقول أنه أصاب هدفه.. ولكن أياً من الطرفين لم يذكر إسم الموقع الذي كان الهدف يتوجه لضربه..

وعلى نطاق واسع تقول معلومات أن الموقع الذي استهدفته “المقاومة الإسلامية في العراق” هو “حقل غاز كاريش الإسرائيلي” الواقع على الجانب البحري المقابل لرأس الناقورة اللبناني..

وبكل الأحوال فإن دخول المقاومة الإسلامية في العراق على خط توجيه الصواريخ والمسرات تجاه اسرائيل، يعد تطوراً داخل حرب غزة.. أضف إلى ذلك – وهذا الاهم – أن توجيه هذه الصواريخ إلى هدف حقل كاريش في البحر الأبيض المتوسط، يحمل رسالة إيرانية عبر وكلائها العراقيين إلى إسرائيل وأميركا، مفادها التالي: 

أولاً- إن حزب الله لن يكون وحيداً في حال شنت إسرائيل حرباً شاملة عليه، كما يهدد يوأف غالانت وبيني غانتس، وبحسب الرسائل التي حملها لودريان ووزيرة خارجية فرنسا مؤخراً إلى بيروت.. 

وبهذا المعنى فإن نوعية الهدف الذي توجه الفصيل الشيعي العراقي لضربه، إنما يبين أن هذه العملية هدفها الأساس دعم موقع حزب الله في تطورات المنطقة، بأكثر مما هي تهدف لدعم حركة حماس في غزة.  

ثانياً- إن قيام المقاومة الإسلامية في العراق (وهي تتكون من مجموعة فصائل شيعية) بتوسيع ضرباتها لتضيف إليها أهدافاً في إسرائيل، إنما يعبر عن توجه جديد داخل الفكرة الإيرانية لكيفية تدخلها في حرب غزة؛ فبالأساس كانت الفصائل الشيعية في العراق منخرطة في القيام بعمليات عسكرية ضد القواعد العسكرية الأميركية، وذلك تحت عنوان الضغط على واشنطن لتغيير مواقفها من حرب غزة؛ ولكن بالتزامن مع بدء الحوثي عملياته في البحر الأحمر وبدء إدارة بايدن بحشد قوة دولية لحماية الملاحة هناك؛ حركت إيران حلفائها العراقيين ليقوموا بتوسيع نشاطهم ليشمل تهديد البحر الأبيض المتوسط.. وبهذا التطور تكون طهران تعلن أن شعار “وحدة الساحات” سيكون له تطبيقاته على البحرين الأحمر والأبيض أيضاً.

واللافت هنا أن الجهة التي قامت بمحاولة توجيه الضربة إلى حقل قاريش، ليس حزب الله الموجود ميدانياً بالقرب من هذا الحقل؛ بل الفصائل العراقية الشيعية؛حيث أن إطلاق النار نحوه جرى من العراق، وليس من مواقع الحزب في جنوب لبنان؛ وتفسير هذا الامر يعود إلى أن طهران لا تريد توسيع المواجهة بين الحزب واسرائيل لتصبح حرباً شاملة؛ ولذلك دفعت بالفصائل العراقية لتهديد حقل كاريش لإيصال عدة رسائل؛ الأولى لتل أبيب ومفادها أن الفصائل الشيعية العراقية ستستهدف مصالح الطاقة التابعة لها في البحر الأبيض المتوسط في حال شنت حرباً شاملة على حزب الله أو على إيران كما تقول بعض التقارير الإسرائيلية؛ والرسالة الثانية لواشنطن بخصوص أن تواجدها في البحر الأحمر سيواجه بتطبيقات “وحدة ساحات البحار” في المنطقة، وذلك جنباً إلى جنب مع وحدة ساحات الجبهات.. 

.. وضمن هذه الرسالة يوجد معطى إضافي تحاول طهران إبرازه، وهو يتعلق بربط نشاط الحوثي العسكري في البحر الأحمر والخليج العربي، بنشاط الفصائل العراقية الشيعية في المشرق العربي وفي البحر المتوسط. 

واضح أن طهران بمناسبة رفعها شعار دعم حرب غزة، تقوم بتنفيذ مناورة كبرى لدعم موقعها ونفوذها في المنطقة، وذلك وفقاً لخطة تهدف إلى أن تكون (أي إيران) هي الطرف الإقليمي الذي يتم معها إبرام التسوية النهائية التي تؤدي لإيقاف حرب غزة!!.

Exit mobile version