الهديل

خاص الهديل: تفاصيل “المساكنة الأميركية الإسرائيلية” داخل كابينيت الحرب.. وقصة حرب بايدن العقائدية على السنوار والسياسية على نتنياهو..

خاص الهديل:

 

يوحي مضمون مباحثات وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى البيت الأبيض أن كلاً من تل أبيب وإدارة بايدن وصلا إلى نقطة تفرض عليهما إجراء مراجعة لكل حرب غزة؛ ابتداء من موضوع قرار الحرب البرية، مروراً بأهداف الحرب، وصولاً لكيفية إنهائها..

 

والواقع أن مواكبة مباحثات ديرمر مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزيري الخارجية بلينكن والدفاع استن، تؤشر إلى أن خطط الحرب كما يتم طبخها في قيادة أركان الجيش الإسرائيلي بالتشاور الوثيق مع القيادة العسكرية الأميركية، وأن خطط “التمرحل” بالأهداف السياسية للحرب كما يتم صياغتها داخل الكابينيت الذي يحضر جلساته المفصلية مسؤولين أميركيين كبار، باتت بحاجة لمراجعة وإجراء تعديلات جوهرية عليها..

 

ولم يعد خافياً أن مسؤولية تعديل خطط الحرب السياسية والعسكرية هي مسؤولية إسرائيلية أميركية مشتركة، ذلك أن الفشل الذي أصابها عند تنفيذها تشترك بالمسؤولية عنه بالتساوي حكومة الطوارئ الإسرائيلية وإدارة بايدن الأميركية..

 

… والتفاصيل الدالة على ذلك كثيرة، ولكن يظل أبرزها التالي:

 

– مع بدايات خروج إسرائيل لخوض حرب غزة عقب عملية طوفان الأقصى يوم ٧ أكتوبر، تم تشكيل حكومة الطوارئ (أو كابينيت الحرب) بقرار إسرائيلي أميركي مشترك.. وفي تركيبة حكومة الحرب المصغرة تمت مراعاة مطالب بايدن التي تمثلت بنقطتين إثنتين: الأولى إبعاد الوزير بن غفير وأترابه المتطرفين الكهانيين عنها؛ والثانية أن يكون هناك بين وزراء الكابينيت تمثيلاً لإدارة بايدن؛ وهذا ما حتم على نتنياهو القبول بإدخال شخصيتين من خارج وزراء حكومته إلى حكومة الحرب المصغرة (الكابينيت) وهما رئيسا الأركان السابق والأسبق بيبي غانتس وغابي ايزنكوت..

 

وبالمحصلة فإن كابينيت الحرب الإسرائيلي، تمت هندسة تركيبته على نحو يجعله يستحق فعلياً وليس مجازاً، تسمية أنه كابينيت الحرب الأميركية الإسرائيلية. وظهر الدليل الجلي على أن كابينيت حرب غزة، هو فعلياً حكومة طوارئ أميركية إسرائيلية، عندما قام بايدن لدى زيارته التضامنية مع إسرائيل عقب ٧ أكتوبر، بحضور اجتماع جلسة للكابينيت بصفته رئيسه الأميركي إلى جانب رئيسه الإسرائيلي نتنياهو.

 

– حتى اليوم، ورغم المشاكل الكبيرة التي يواجهها الجيش الإسرائيلي ومعه المستشارون الاميركيون العسكريون في العملية البرية؛ إلا أن كابينت إسرائيل وأميركا الحربي لا يزال عند موقفه بخصوص استمرار العملية البرية حتى القضاء عسكرياً وسلطوياً على حماس.. والسبب في ذلك أن هذا القرار بالقضاء على حماس، لم يتخذه كابينيت نتنياهو الإسرائيلي فقط كما يشيع على نحو خاطئ في الإعلام، بل اتخذه أيضاً وبنفس القوة والقناعة به، كابينيت بايدن الأميركي…

 

ومن خلال متابعة هذه النقطة يتضح أمراً هاماً وجوهرياً، وهو أن بايدن لديه أسبابه العقائدية والسياسية الإستراتيجية التي جعلته يذهب لاتخاذ قرار بضرورة أن يشن الجيش الإسرائيلي بدعم من البنتاغون، حرباً عسكرية شاملة تؤدي للقضاء على حماس وعلى سلطتها في غزة.. وأسباب بايدن تقع أولاً في الجانب الإيديولوجي منها، في أنه يعتبر حماس عدواً عقائدياً يعمل على تهديد وجود المشروع الصهيوني في الشرق الأوسط.. وعليه فإن بايدن الذي أعلن غير مرة أن عدم كونه غير يهودي لا يعني انه ليس صهيونياً، يرى أنه عقائدياً يتوجب عليه عدم المساومة في موضوع “سحق حماس عسكرياً”.

أما السبب الثاني السياسي الإستراتيجي فيتعلق بأن بايدن يربط بين إخراج حماس من سلطة غزة، وبين أن ذلك سيسهل عملية إطلاق المسار السياسي الذي يدعو إليه بين الإسرائيليين والفلسطينيين والذي يؤسس لحل الدولتين. ومن وجهة نظر مخططي إدارة بايدن فإن العملية السياسية الإسرائيلية الفلسطينية بعد توقف الحرب، ستصبح أسهل في حال لم يكن لا نتنياهو اليميني ولا يحيى السنوار الحماسي في الحكم في إسرائيل وفي غزة.

 

– ان “لعبة المساكنة” القائمة حالياً داخل كابينيت الحرب بين نتنياهو وبايدن تعتبر أهم معطى استراتيجي تستند إليه تل أبيب لإكمال الحرب البرية على غزة وضد حماس.. ويبدو أن هذه المساكنة لا تزال/ وستظل مستمرة، وليس واضحاً أن عقدها سينفرط قبل تحقيق الهدف المصلحي الوحيد الذي يجمع بين نتنياهو وبايدن، وهو كسر حماس وزرع “علم النصر فوق جثتها”…

 

.. وهذا التقاطع بينهما على هذه النقطة، هو واحد من الأسباب الأساسية الذي يقود لاستمرار الحرب البرية وعدم إيقافها كونها محمية بجسر التسليح الأميركي، وبوضع فيتو بايدن في مجلس الأمن على أي مشروع يتم طرحه لوقف النار.. ومرة أخرى لا يخفي بايدن السبب الذي يجعله يرفض وقف النار رغم اعترافه بأن إسرائيل تخالف قواعد الحرب (أي أنها تنتهك حياة المدنيين)، وهو ببساطة كما يعبر عنه: حرمان حماس من أن تستغل وقف النار لالتقاط أنفاسها وترتيب وضعها العسكري ولو تكتيكياً!!

وما يجب استنتاجه بثقة هنا، هو أن كل الكلام الذي يصدر عن البيت الأبيض حول مهل لوقف الحرب في نهايات هذا الشهر أو بدايات الشهر المقبل، هو مناورات إعلامية وسياسية لشراء الوقت الدولي لصالح تبرير استمرار الفيتو الأميركي ضد أي محاولة جديدة لوقف الحرب في مجلس الأمن.. فإدارة بايدن لديها موعد وحيد لوقف الحرب على غزة، وهو لحظة تأكد بايدن من أن هدفه العقائدي بالقضاء على حماس تحقق، وحينها سينتقل لتحقيق هدفه السياسي الاستراتيجي الثاني، وهو إبعاد نتنياهو عن الحكم في إسرائيل، وفسخ حالة المساكنة معه. 

غير أن هناك سؤالاً لا يزال بايدن لا يملك الإجابة عنه، وهو بأي اتجاه ستتدخل مقصلة انتخابات الرئاسة الاميركية في أحداث غزة؛ وهل ستحكم بالإعدام على بايدن قبل أن يتمكن من تنفيذ إعدامه العقائدي ضد السنوار والسياسي ضد نتنياهو؟؟..

Exit mobile version