الهديل

د. حمد الكواري: هل الصحافة الورقية إلى زوال؟!

‏د. حمد الكواري: هل الصحافة الورقية إلى زوال؟!
إزاء التأقلم مع المتغيرات والتفكير في مصير الصحافة الورقية
هل الصحافة الورقية الى زوال؟
في عالم اليوم المتصدع لم تعد القلاع صامدة، ففي سياق انهيار قيم ‎حقوق الإنسان والعدالة الإنسانية إزاء بطش الشر بالخير، تتوالى هزائم ‎الصحافة الورقية التي لم تعد قادرة على استرداد أنفاس وجودها منذ سنوات.
فقد شكل الإعلام الورقي في السابق قلعة للخبر والتحليل والرأي، ولكنه تقهقر بفعل هيمنة العصر الرقمي، وتراجع المبيعات وعزوف القراء عن الورقي قياساً بشغفهم بالوسائل الاتصالية الحديثة، وقد أدى ذلك التراجع إلى اختفاء كبريات الجرائد العالمية في صيغتها الورقية، ولدينا التجربة الأمريكية متمثلة في نيويورك تايمز و‎واشنطن بوست وهي من أهم الجرائد العالمية، التي تغلبت نسختها الرقمية والآن الصوتية على الورقية.
والتجربة الفرنسية المتمثلة في فرانس سوار‎France_soir  وكانت واحدة من أكثر الجرائد انتشاراً وكانت طبعتها مسائية، فالكل يحرص على قراءتها، وكانت تسمى جريدة البوابين، إذ تراها أمام الابواب، لكثرة الاشتراك فيها.
وشمل التراجع البلدان العربية أيضاً وتدهورت وضعية الصحافة الورقية في أعتى قلاعها؛
ففي ‎مصر تراجع توزيع الصحف من أربعة ملايين نسخة يوميا عام 1974 إلى حوالي 700 ألف نسخة حالياً،
وفي لبنان توقفت جريدة ‎السفير بعد أكثر من 42 عاماً من الصدور إثر إعلان إفلاسها وتسريح العاملين فيها،
وفي ‎الخليج العربي أثرت الأزمات المالية على الصحافة الورقية،
ولغياب التعددية السياسية، تحولت الصحف إلى نسخ من بعضها ومجرد مشاريع تجارية تعتمد على الإعلان، فانخفضت المبيعات وبالتالي من الصعب أن تستمر على ما هي عليه.
ويؤكد هذا الوضع تنامي متابعة الإعلام الرقمي والآن السمعي في هذه المرحلة أمام ما يسمى الإعلام التقليدي، ولكن هل يمثل هذا الوضع الحل الأمثل للصحافة الورقية؟
وهل يقر القارئ في العالم بتخليه شبه النهائي على الجرائد؟ وهل يأتي يوم نكون فيه أمام عالم بلا صحف ورقية؟
لا شك أن هذه الأسئلة تشغل بال الكثيرين وتقض مضجع أرباب صناعة الصحافة الورقية أكثر، وهي علامة على أن الحضارة الإنسانية دخلت نفق تحولات متسارعة تحتاج إلى تأمل واستشراف وليس فقط إلى تشخيص وحنين إلى الماضي، فقد جُبلت الحضارة على التطور في وسائل المعرفة وما من بدّ من التأقلم مع المتغيرات والتفكير بإيجابية في مصير الصحافة الورقية.

 

دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء
رئيس مكتبة قطر الوطنية

Exit mobile version