الهديل

خاص الهديل: متى ستطلب قيادة السنوار وضيف من حزب الله الدخول بالحرب الشاملة(؟؟).. وهل ستلبي حارة حريك النداء(؟؟)

خاص الهديل:

 يقوم كل من حزب الله وإسرائيل برفع الصوت بخصوص المواجهات العسكرية الجارية على الجبهة الشمالية، وكل منهما يفعل ذلك لأسباب تخصه؛ فإسرائيل تريد لفت نظر إدارة بايدن إلى أن إسرائيل محاصرة بجبهات كثيرة تفتحها طهران ضدها؛ وحزب الله يفعل ذلك حتى يلفت نظر الشعوب العربية والإسلامية إليه بوصفه مدافعاً بالأفعال وليس فقط بالأقوال عن غزة.. ويحدث كل هذا، فيما المسارات العسكرية والسياسية التي تتفاعل على جبهة الجنوب (غزة)، تجذب إليها كل الأضواء على نحو يحول جبهة الشمال إلى جبهة تتجه مع الوقت لتصبح “جبهة روتينية” إعلامياً وسياسياً رغم اشتعالها.

وبالإساس، فإن مفاعيل الجبهة الشمالية وفق ترتيب الأهمية من منظار الفصائل الفلسطينية، تأتي بالمرتبة الثالثة بعد جبهتي غزة والبحر الأحمر.. فالطريقة التي يتحدث بها مسؤولو حماس عن الجبهة الأخيرة، تظهر أن أهميتها من منظارهم تفوق على نحو غير قليل أهمية الجبهة المفتوحة من جنوب لبنان لدعم صمود غزة.. وبالمقارنة بين أهمية جبهة البحر الأحمر وأهمية جبهة جنوب لبنان، وذلك من منظار قياس مدى تأثير كل منهما على دعم صمود جبهة غزة، يتضح أن الجبهة المفتوحة من اليمن لديها امتياز استراتيجي قوامه أن فعالياتها تمس بالمصالح الدولية والإقليمية التجارية والأمنية، وأن العالم لا يستطيع التعايش مع وجود أزمة سلاسة ملاحة في البحر الأحمر من دون أن يتحرك لمعالجة أسبابها سواء بالوسائل العسكرية أو السياسية.. وعليه فإن هذه الجبهة لها من جهة بُعد عالمي، ولها من جهة ثانية بُعد اقتصادي دولي وإقليمي، ولها من جهة ثالثة تأثيرات سلبية اقتصادية وأمنية مباشرة وملموسة على إسرائيل. أما جبهة جنوب لبنان فهي تتفاعل تحت سقف عدم الرغبة الأميركية والإيرانية بتحولها إلى حرب شاملة أو إلى حرب إقليمية؛ ما يعني أنها ستستمر كما وصفتها جريدة هأرتس داخل إطار أنها “احتكاكات عسكرية تجري فوق صفيح ساخن، وتحت سقف توقع تحولها لحرب شاملة”.

 

والواقع أنه بمجرد مضي أيام قليلة على بدء فعاليات اعتراض الحركة التجارية ذات الصلة بإسرائيل في البحر الأحمر من قبل الحوثيين، بدأت ردود الفعل الغربية السياسية والعسكرية بالتعاظم، وبدأ مؤشر ميزان التجارة الإسرائيلي الخارجي يهتز سلباً؛ ونتج عن هذا التطور واقعاً لم يجعل فقط إسرائيل تجد نفسها بمواجهة جبهة جديدة إسمها البحر الأحمر، بل أصبحت إدارة بايدن نفسها أمام مواجهة جبهة تجارية وبحرية عالمية جديدة إسمها حماية الملاحة التجارية الدولية في باب المندب..

 

.. أما على مستوى جبهة جنوب لبنان؛ فإنه بعد مضى نحو ثلاثة أشهر على اشتعالها، يتبين أن مدى قدرتها على الضغط لوقف الحرب ضد غزة، محدودة على المستوى الدولي من جهة، وذات تأثير تستطيع إسرائيل تحمله على مستواها الداخلي من جهة ثانية..

ويسود جدل بخصوص الميزة التي قال حزب الله أن جبهة جنوب لبنان مع إسرائيل تمتلكها، وقوامها أنها تخفف الضغط العسكري عن جبهة غزة.. ومن ناحية نظرية وحتى عملية، فإن هذه النظرية تبدو صحيحة بدليل ما تقوله الصحافة العبرية عن أن نصف قوة سلاح الجو الإسرائيلية متفرغة للعمل في الشمال، أو مستنفرة لتنفيذ أوامر شن حرب على الجبهة الشمالية. غير أنه بمقابل وجهة النظر هذه الموثقة بوقائع، توجد وجهة نظر مغايرة موثقة أيضاً بدلائل، ومفادها أن الجيش الإسرائيلي هو بالأساس مقسم هيكلياً ليغطي عملياتياً ثلاثة قطاعات: قطاع الجنوب وقطاع الوسط وقطاع الشمال؛ وعليه فإن إشتعال جبهة الشمال لا تفرض على الجيش أن يقوم بتغييرات ومناقلات بنيوية لقواته، بل بأقصى الأحوال، تفرض عليه عمليات دعم تكتية.. أضف إلى ذلك، أن ميدان غزة صغير جغرافياً؛ وهو لا يحتاج لعديد عسكري إسرائيلي أكبر من الموجود به حالياً، ومرد ذلك لا يعني أن ميدان غزة سهل، وهين على الجيش الاسرائيلي، بل يعني أنه لا يتسع عملياتياً لحشود عسكرية أكبر من التي تستخدمها إسرائيل حالياً.

ويبقى من المهم في هذا المجال لفت النظر إلى أن هناك عدة أمور تقف وراء بروز الحديث الهامس حول عقد مفاضلة بين الجبهات التي تعلن دعمها لغزة؛ وذلك تحت طرح سؤال عن “أي واحدة من هذه الجبهات لها السبق على الأخرى في تأدية مهمة دعم غزة؟؟”…

أحد هذه الأسباب يعود لوجود وجهتي نظر داخل حماس حول ما إذا كان يجب على حزب الله الاكتفاء بفتح مواجهات إشغال لإسرائيل، أم أنه كان يجب عليه فتح حرب شاملة..

ويقال أن حماس – المكتب السياسي، تلوم الحزب كونه لم ينخرط كلياً في حرب طوفان الأقصى؛ فيما حماس – القيادة العسكرية تعتقد أن ما يفعله الحزب لغاية الآن كافياً؛ وأن وقت انخراطه في الحرب الشاملة سيكون موعده عندما تطلب قيادة السنوار وضيف منه ذلك..

وهذا المعطى حول طبيعة الموقف الذي يسود داخل حماس بخصوص تقدير إسهام حزب الله في حرب طوفان الأقصى، يأخذ هذا الملف إلى قضية أخرى يتم طرحها في على شكل السؤال التالي: متى تطلب قيادة السنوار وضيف من حارة حريك الانخراط بالحرب الشاملة؟؟.. وهل سيلبي الحزب طلبها؟؟.

حسب المتداول، فإنه حينما تشعر القيادة العسكرية في حماس بأنها باتت معرضة لخطر وجودي، فإن ذلك سيستدعي من حزب الله فتح أبواب الجبهة الشمالية على حرب شاملة ومفتوحة، وقد يكون ميدانها إلى جانب لبنان، كل من سورية والعراق… 

وهذه المعادلة عن توقيت انخراط الحزب في الحرب باتت معروفة رغم أن الأخير لم يعلنها بشكل مباشر، بل ان السيد نصر الله لمح إليها عندما قال أنه ممنوع هزيمة حماس؛ أو بكلام آخر: ممنوع أن تنتهي هذه الحرب وحماس مهزومة فيها.. ولكن نصر الله وضع لاحقاً معياراً آخر لمسألة متى تتحول المواجهات إلى حرب على الجبهة الشمالية، جاء فيه أن حدوث ذلك يتوقف على سلوك العدو في الميدان؛ بمعنى أنه في حال حافظ العدو على قواعد الاشتباك، فإن الحزب لن يغادرها، أما إذا خرقها، فإن ذلك سيتسبب بإنزلاق الجبهة الشمالية إلى حرب.

وداخل كل هذه المعادلات والمعطيات يوجد أيضاً عامل يكثر الحديث عنه في هذه الفترة، وهو عامل “المفاجآت”؛ وخلاصة الأمر هنا يقول أن حرب غزة بدأت بمفاجآة استراتيجية فلسطينية إسمها يوم ٧ أكتوبر؛ ولن يتم مسح آثار هذه المفاجأة من قبل إسرائيل، إلا إذا قامت تل أبيب بمفاجآة استراتيجية تقلب الوضع الإستراتيجي الراهن رأساً على عقب..

.. وأمام إسرائيل واحد من أمرين عليها فعله حتى تحقق مفاجأتها الإستراتيجية: أما شن هجوم إستراتيجي مفاجئ على إيران، أو توسيع الحرب بشكل مفاجئ ضد لبنان.. ولكن أيضاً بمقابل هاتين المفاجأتين الإسرائيليتين يوجد لدى حزب الله مفاجأته الاستراتيجية، وهي توسيع المواجهات الجارية الآن لحرب شاملة في الشمال، يكون لديه فيها عنصر المباغتة الكاسرة!؟؟.

Exit mobile version