الهديل

من هي بنظركم شخصية هذا العام للأمة العربية والاسلامية؟

من هي بنظركم شخصية هذا العام للأمة العربية والإسلامية

..

بقلم الشيخ مظهر الحموي
رئيس لجنة الدعوة والمساجد وحماية التراث في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في الجمهورية اللبنانية

..

كلما أصبحنا في نهاية العام يوجف القلب قلقاً ويزداد توجساً من لحظات كشف الحساب الذي نبادر الى القيام به ، أسوة بالمؤسسات الكبرى ورجال الأعمال والإقتصاد والتجارة والصناعة  في العالم الذين يستطلعون نتاج أعمالهم طوال عام مضى ليقفوا على مقدار نجاحهم وأسبابه ، وفي حال خسارتهم أن يراجعوا أخطاءهم وتقصيرهم من أجل العمل على تلافيها وتداركها .
فمن الطبيعي بالأمة وبالدرجة الأولى أن تعمد الى قراءة محصلة عام مضى لتستشرف صوابية ممارستها وجدوى مشاريعها ونتيجة قراراتها وما حققته على مختلف الصعد .
ولو عمدنا الى قراءة أحوال الأمة خلال عام مضى لأمكننا أن نستطلع بدرجة كبيرة من الدقة ما أصاب بلادنا من تقدم وتطور وتنمية ، أو ما تنكبته من أزمات أو ضياع وترهل وتشتت وتآكل وهو ما يبدو جليا في المحصلة السنوية التي تعمد معظم المؤسسات الإعلامية الى إيرادها ضمن ملف خاص أواخر العام على المستوى اللبناني والعربي والدولي.
وكل من إقتنى هذه الملفات لا بد أنه سيكون على إطلاع واف بكافة الأحداث والشؤون التي مرت في بلادنا يوما بيوم وبصورة تفصيلية ، وعلى الحصيف منا أن يستنتج هو بنفسه المعاناة والصبر والنتائج من أحداث عام مضى .
ولو استطلعنا بنظرة بانورامية شمولية لما اتسم به الوطن العربي والأمة الإسلامية خلال العام الماضي ، لوجدنا التوتر والقلق والوجوم السمة البارزة ، فضلا عن إستمرار حال الإستخذاء واللامبالاة أمام المحتل العدو الإسرائيلي وغطرسة الأميركي .
فمن فلسطين التي تعتبر دمل العرب والمسلمين فإن الحديث يطول عن هذه المأساة التي مر عليها ٧٥ عاما ونحن في أتعس حال أمام ما يجري من إعتداءات دائمة من القوات الإسرائلية المحتلة من قتل وذبح وقصف للآمنين بالطائرات والدبابات وتمزيق نسيج البلاد وإرتكاب الجرائم البشعة من تدمير الأبنية على رؤوس أصحابها الأبرياء وأسر آلاف الشبان والنساء والأطفال وحصار قاس على الشعب الفلسطيني يمنعون عنه المواد الغذائية والطبية والضروريات الحياتية ، ونحن وللأسف الشديد نتجاهل هذه المأساة ونقف مكتوفي الأيدي ولا نتقدم من موقعنا ولا نتحرك من موقفنا لإنقاذ أكثر من ٢ مليون في قطاع غزة وغيرها .
أما عندنا في لبنان فإننا للأسف غاية في إفتعال الأزمات والمشكلات بأيدينا نحن ومنذ سنوات عديدة حيث لم يهنأ هذا البلد بسنة إستقرار أو إطمئنان وكأنه يعيش حالة أشبه بالحرب الأهلية .
أما الحديث عن السودان المستهدف من قبل دول الإستكبار العالمي فإن مشكلته المستعصية قد تفرعت الى العديد من الأزمات كلما حاول إيجاد حل لإحداها طالعته مشكلة أكبر في مكان آخر من البلاد ، حتى شاهدنا مؤخرا ما يدور على أرضه من قتل وذبح وتشريد واغتصاب للنساء …
ولا نستطيع في هذه العجالة أن نستعرض كل المشاكل التي تتعرض لها امتنا ، ولكننا نقول إن هذه المؤامرات المتنقلة بين أكثر من دولة يستدعي منا بأن نأمل أن يكون العام الجديد عام التقارب العربي والإسلامي والإلتفاف حول ما يوحد هذه الأمة ويعزز حضورها ويزيح الأزمات عن كاهلها بصورة جدية قبل فوات الأوان .
فهل قرأت الأمة بشيء من التبصر والتعمق تلكم الأحداث والأزمات التي تحيق بها .
ألم تعقد مؤتمرات قمة للبحث في هذه المشكلات ، فما هي محصلة هذه الإجتماعات ؟ وهل نفذت التوصيات أم أنها لا زالت حبرا على ورق ؟.
إن إعادة الحديث عن واقع هذه الأمة يبدو أنه لا فائدة منه إذا كنا نقيم في كل عام جردة حساب سنوية فنرى أنه عوضا عن تقليص أزماتنا وإيجاد الحلول لمعظمها، إذ بنا نفاجأ بمصائب أخرى جديدة ( ومن أيدينا ) تنهال على رؤوسنا ونحن لم ننجز بعد حل المشكلات المتراكمة على كواهلنا .
وإذا كانت بعض المؤسسات الإحصائية في العديد من البلدان تعمد الى إختيار شخصية العام الأكثر بروزا على صعيد بعينه ، فمن حقنا نحن على المستوى الوطن العربي أن نتساءل عن شخصية هذا العام وعن أثرها ونضالها التي تستحق التكريم ونشر وتعميم مآثرها على جماهير الأمة من المحيط الى الخليج ، وإذا توسعنا إسلاميا فمن جاكرتا الى طنجة إفساحا في المجال لزيادة عدد المرشحين المحتملين لإحتلال منصب شخصية هذا العام .
فمن هي الشخصية العربية والإسلامية التي اثارت إعجاب
الأمة بأكملها والتي تركت الأثر الكبير في نفوسها وحق لها أن تتصدر قائمة المتنطحين للفوز بهذ اللقب .
فإننا لا نجد احق لهذا اللقب سوى أهل غزة الذين كانوا العلامة الفارقة وهم من شفى غليل أكثر من مليار مسلم في العالم الذين يتحرقون للتعبير عن رفضهم لهذا الإحتلال الجائر بكل ما أوتوا من سبيل حيث لم يعد ينفع الحوار والذل الذي مللناه دون اي نتيجة ، فما كان إلا طوفان الأقصى الذي رفع رؤوس المتقاعسين واستنهض همة المتخاذلين وسطر صفحة مجد وكرامة في مسيرة هذه الأمة .
نعم أهل غزة هم شخصية هذا العام الذين ترقبتهم الأمة منذ عدة عقود تحيتنا لهم فهم يستحقون هذا اللقب لأنهم أثبتوا للعالم كله أن هذه الأمة لن تموت وأن في هذا الدين روحا بناءة تظهر وتستيقظ حين تتعاظم الشدائد فينتفض هذا المارد ويستيقظ هذا العملاق ويخرج من قمقمه ليدافع عن هذه الأمة لكي تبقى وتكون وتستمر ولتعيد مجدها وكرامتها وتحقق وجودها وعزتها.
اخوكم الشيخ مظهر الحموي
عضو اللجنة القضائية في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في الجمهورية اللبنانية

Exit mobile version