الهديل

خاص الهديل: بعد اغتيال نتنياهو رجل التقاطعات الاستراتيجية في حماس: كاتم صوت برأس المنطقة!!

خاص الهديل:

إغتيال الشيخ صالح العاروري يقود كل حرب غزة إلى مربع جديد.. واغتياله داخل الضاحية الجنوبية يجعل هذا الحدث محل نتائج مركبة ليست ذات صلة بحرب إسرائيل على حماس فقط، بل بحرب نتنياهو على إيران وحزب الله ومعارضيه داخل إسرائيل وخارجها..

ليلة أمس، وبعد عملية اغتيال العاروري، بدا أن نتنياهو يقود بايدن في حرب غزة، بعد أن كان ظهر خلال ساعات الصباح، أن بايدن نجح في ترويض نتنياهو، وجعله يتبع توصيات خطة المرحلة الثالثة التي وضعها سوليفان مستشار بايدن للأمن القومي..

ليست هذه المرة الأولى التي ينقلب فيها نتنياهو على بايدن وذلك في عز أن الأخير يكون بحالة الاحتفاء بنصره عليه.. خلال الانتخابات العامة الإسرائيلية الأخيرة نجح نتنياهو في العودة لرئاسة الحكومة منفذاً بذلك انقلاباً مضاداً على انقلاب إدارة بايدن التي أخرجته من رئاسة الحكومة في الإنتخابات ما قبل الأخيرة.. 

يقال داخل أوساط المتابعين للحياة السياسية الإسرائيلية أن “نتنياهو بسبع أرواح سياسية”، فيما خصومه من لابيد إلى غانتس وصولاً حتى إلى بايدن، إنما عمرهم السياسي قصير مثل عمر الورود..

.. وفي إجراء يلجأ إليه نتنياهو كلما احتاجه سياسياً؛ فرض نتنياهو من ضمن صلاحياته، على أعضاء حكومته التزام الصمت بخصوص التعليق على اغتيال العاروري، وأعطى المجال فقط لمستشاره كي يصدر بعض التعليقات بإسمه، والتي جميعها تقصدت الإيحاء بأن نتنياهو هو من نفذ عملية تصفية الشيخ العاروري المتعدد المعاني الاستراتيجية؛ فهو الرجل الثاني تنظيمياً في مكتب حماس السياسي؛ وهو “الرجل الثالث” من حيث الفاعلية العسكرية داخل حماس، بعد يحيى السنوار ومحمد ضيف؛ وهو الرجل الأول الفاعل على مستوى التنسيق بين تيار العسكر الحاكم في غزة وفي حماس (تيار السنوار وضيف)، وبين القيادة الإسلامية الإيرانية في طهران وقيادة حزب الله في حارة حريك؛ وهو الرجل الأكثر قدرة داخل حماس على تلطيف أجواء العلاقة الإستراتيجية بين سلالة الإخوان المسلمين السنية الحماسية وبين قيادة السيد حسن نصر الله الشيعية الإسلامية؛ وأيضاً وأيضاً هو الرجل الذي بيده مفتاح شعبية حماس في الضفة الغربية المحسوبة تاريخياً على حركة فتح، الخ.. 

والواقع أن إغتيال العاروري أصاب كل هذه المعاني بأضرار فادحة؛ وترك في المنطقة سؤالاً إضافياً وجديداً عن جدوى رهان العرب على إدارة بايدن، ولكن هذه المرة يتم طرح هذا السؤال بشكل معكوس؛ بمعنى أنه لم يعد عن إفراط بايدن الأعمى في دعم مجازر إسرائيل؛ بل عن إفراط بايدن في العجز أمام ما يريده نتنياهو!!.

لقد قام مبدأ بايدن لحماية إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى على عاملين: منع توسع الحرب عبر فتح جبهات أخرى غير جبهة غزة ضد إسرائيل؛ والمبدأ الثاني تغطية الرد الإسرائيلي الإجرامي على عملية حماس..

والواقع أن عملية نتنياهو ضد العاروري تُوجه بالأساس ضربة لأحد عاملي مبدأ بايدن، وهو عدم توسيع الحرب الذي تمت صياغته بالأساس لحماية إسرائيل ولتجنب جر واشنطن لحرب إقليمية لا تريدها. 

.. وببساطة يمكن الاستنتاج أن نتنياهو عبر اغتيال العاروري المتعدد المعاني الإستراتيجية الفلسطينية والإقليمية، يكون قد فتح مرحلة أولى نحو توريط بايدن في حرب إقليمية، بمقابل المرحلة الثالثة التي فتحها بايدن بهدف إطفاء حريق غزة وإشعال نار المساءلة بثياب نتنياهو.. 

وأغلب الظن أنه لا إيران ولا نصر الله سيكونان معنيين بملاقاة خطة نتنياهو في منتصف الطريق؛ وعليه يمكن توقع أن يرد الحزب بتصعيد محسوب لا يؤدي من جهة الى إحراج واشنطن، ولا يستفيد منه من جهة ثانية نتنياهو؛ ولكن إقامة محور الممانعة داخل هذه المعادلة، تبرز حقيقة مرّة تقول أن نتنياهو نجح في تحويل كل أطراف اللعبة السياسية في حرب غزة، أشبه بلاعبي السيرك المضطرين للسير على حبله الرفيع؛ وهذا أمر يحمل الكثير من الصعوبة بخصوص تحمله، خاصة بالنسبة لنصر الله الذي وضع قبل فترة قصيرة خطاً أحمر مفاده أنه ممنوع على إسرائيل أن ترتكب اغتيالات بحق أي ممانع في بيروت، من أية جنسية كان.. 

يبقى القول أن نتنياهو بعد اغتياله رجل التقاطعات الإستراتيجية في حماس؛ يبدو وكأنه يضع “مسدس كاتم صوت” في رأس المنطقة؛ وهذه صورة يجب أن توحي لبايدن بأمور كثيرة مشبعة بالمخاطر، ولعل أبرزها أن عرض حرب الاغتيالات التي قدمه سوليفان لتل أبيب كي يكون بديلاً عن الاستمرار في الحرب البرية؛ قد يطبقه نتنياهو على نحو يخدم توسيع الحرب على نحو يورط بايدن بخوض حرب إقليمية في لحظة انتخابات رئاسية، وأيضاً قد يوظفه نتنياهو في صراعاته السياسية التي سيكون أبرز فصولها بعد توقف المرحلة الثانية من الحرب، حدوث جولة تبادل لكمات انتخابية وسياسية بين نتنياهو وبايدن نفسه…

Exit mobile version