الهديل

خاص الهديل: “لا صوت في لبنان يعلو فوق صوت المعركة”: قصة الرئيس الحسيني عن ارتباط الحل اللبناني بالحل الفلسطيني..

خاص الهديل:

قرر لبنان وقف كل المساعي الخاصة بحل مشاكله الداخلية وذلك تحت مبرر أن “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة” في الجنوب، تضامناً مع غزة. وبموجب هذا الربط بات لبنان يعيش واقع انتظار اليوم التالي في غزة ليتم على أساسه تحديد اليوم التالي في لبنان؛ حيث حينها فقط سيتم تحديد أي اتجاه سيذهب إليه بلد الأرز: هل يذهب للتوافق على انتخاب رئيس تسوية للجمهورية؛ أم يذهب لانتخاب رئيس مواجهة (؟؟)، هل يذهب لتطبيق القرار ١٧٠١ وفق تسوية تؤدي للإفراج عن غاز لبنان؛ أم يدخل لبنان في عاصفة الصراع الدولي والإقليمي فوق ميدان القرار ١٧٠١(؟؟)..

الفكرة الأساسية هنا، هي أن وضع لبنان صار بمجمله مرتبطاً بحرب غزة، ولم يعد الأمر مقتصراً على التضامن مع غزة أو نصرتها، بل أصبح لبنان مرتبطاً سياسياً بنتائج حرب غزة العسكرية والسياسية؛ وأيضاً بما سيحدث في اليوم التالي لوقف الحرب في غزة.

بهذا المعنى عاد لبنان إلى زمن ربط أزمته بأزمة القضية الفلسطينية.. وهذه معادلة كان عاشها لبنان منذ عام ١٩٦٧ لغاية عام ١٩٩٠.

يقول الرئيس حسين الحسيني أن الروس والأميركان اتفقا أواخر ثمانينات القرن الماضي على حل القضية الفلسطينية، وتوافقا على أن هذا الحل يجب أن يسبقه حل الأزمة اللبنانية؛ بمعنى أن الحل الفلسطيني يجب أن يمر من بوابة الحل اللبناني.. وهذا التطور الدولي هو الذي سمح بوقف الحرب الأهلية اللبنانية، وهو الذي جعل ولادة جمهورية الطائف أمراً ممكناً..

ويضيف الرئيس الحسيني الذي يوصف بأنه حافظ أسرار اتفاق الطائف، أن التوافق الروسي الأميركي على حل القضية الفلسطينية آنذاك، تعرض بعد فترة قصيرة من ولادته، لانتكاسة أدت إلى إلغائه؛ ولكن في الفترة بين توافقهما على حل القضية الفلسطينية ومن ثم خلافهما حولها، كان توافقهما حول أن يمر الحل الفلسطيني من بوابة الحل اللبناني، قد تم تنفيذه على الأرض، وحصل بموجبه اتفاق الطائف، وتم تلزيم سورية حراسة الحل في لبنان، وتنفيذ إجراءت فتح المعاير بين الطوائف وإنهاء تمرد عون وتوحيد الجيش اللبناني، وإرساله إلى الجنوب، الخ..

.. وبالفعل أرسل لبنان الجيش إلى الجنوب تطبيقاً لاتفاق موسكو وواشنطن الذاهبتان آنذاك معاً لحل القضية الفلسطينية، ولكن بيروت تفاجأت بتعرض الجيش اللبناني لقصف إسرائيلي لحظة وصوله إلى بلدة كوكبا الجنوبية؛ وحينها اتصلت الحكومة اللبنانية بالخارجية الأميركية لتشكو لها التصرف الإسرائيلي الذي لا يتفق مع تعهدات واشنطن للبنان، إلا أن رد أميركا كان صادماً إذا جاء فيه أن كل الاتفاق الأميركي الروسي بشأن الحل الفلسطيني سقط، وأن على الجيش اللبناني أن يعود من حيث أتى.

بعلق الرئيس الحسيني أن لبنان نجا باتفاق الطائف الذي تم إقراره خلال فترة الاتفاق الروسي – الأميركي؛ ولو أن توقيع اتفاق الطائف تأخر قليلاً، لكان طار الحل الدولي بخصوص لبنان، كون التوافق الدولي على الحل الفلسطيني تبخر؛ ولكانت الحرب الأهلية اللبنانية لا تزال مستعرة حتى الآن، ولكان شعار انتظار القضية الفلسطينية لا يزال هو السائد في التفكير السياسي اللبناني..

ومناسبة الكلام الآن عن قصة كيف نجا لبنان باتفاق الطائف الذي أوقف الحرب اللبنانية الأهلية بقرار دولي، تعود لكون ما يحدث الآن هو إعادة ربط حل أزمة لبنان بانتهاء أزمة حرب غزة.. وربما اعتقد حزب الله بعد يوم ٧ أكتوبر، أن حرب غزة لن تستمر طويلاً كعادة الحروب الإسرائيلية – الفلسطينية؛ ولكن واقع أن حرب غزة قد تستمر أشهراً؛ فهذا يعني أن أزمات لبنان الكثيرة، وأهمها أزمة الشغور الرئاسي، ستستمر لفترة طويلة.. وعليه فإن فترة انتظار توقف حرب غزة، قد تشهد اندلاع حرب إسرائيلية ضد لبنان على غرار حرب ٨٢ التي حدثت في عز مراحل انتظار لبنان آنذاك للحل الفلسطيني كي يأتي دور حل قضيته..

Exit mobile version