كتب عوني الكعكي:
وكأنّ الصراع العربي – الاسرائيلي بات سيناريو لا تنتهي فصوله… فلو عدنا الى التاريخ، لا بد من العودة الى ما أطلق عليه «وعد بلفور». إذ تعتبر الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطانية في 2 تشرين الثاني عام 1917 آرثر جيمس بلفور الى اللورد ليونيل والتر دي روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة، أوّل خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين العربية، وقد قطعت فيه الحكومة البريطانية تعهّداً بإقامة دولة لليهود في فلسطين… وجاء في هذا التعهّد: إنّ حكومة صاحبة الجلالة تنظر بعين العطف الى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية».
وفي العام 1948 اكتملت المؤامرة… إذ أعلنت المملكة المتحدة (بريطانيا) إنهاء انتدابها على فلسطين، وغادرت تبعاً لذلك القوات البريطانية منطقة الانتداب… وأصدرت الأمم المتحدة قراراً بتقسيم فلسطين الى دولتين: يهودية وعربية. الأمر الذي عارضته الدول العربية، وشنّت هجوماً عسكرياً لطرد الميليشيات اليهودية من فلسطين في أيار 1948 واستمر النزاع حتى آذار 1949.
وهنا برز دور عصابة «الهاغاناه» في ارتكاب المجازر وهي عصابة وميليشيا عسكرية يهودية صهيونية كانت قد تأسّست عام 1920 في مؤتمر حزب «أحدوت هعفودا»…
هنا طلب العرب من الفلسطينيين مغادرة فلسطين، على أساس أنّ الجيش العربي الذي تصدّى لـ»الهاغاناه» والصهاينة والمكوّن من جيوش عربية عدّة، سيعيد الفلسطينيين الى ديارهم وأراضيهم في أسرع وقت ممكن… يومذاك طُرِح حلّ التقسيم كما أشرنا. فرفض العرب ولا تزال المشكلة قائمة حتى يومنا هذا.
عندما وقّع «أبو عمار»، القائد التاريخي الفلسطيني «اتفاق أوسلو» عام 1993، تمّ الاتفاق على أن تقوم في فلسطين دولتان: دولة عربية فلسطينية، ودولة يهودية… وهنا قَبِل الفلسطينيون بهذا الحل، لكن اليهود ولغاية اليوم لم يقبلوا ورفضوا الفكرة من أساسها. لذلك أرى ان ما تطرحه الناشطة البريطانية ميشيل رينوف يُعتبر حلاً عادلاً ومنطقياً… فماذا قالت هذه الناشطة:
قالت الناشطة البريطانية المعروفة ميشيل رينوف إنّها تملك حلاً جذرياً ومنطقياً للقضية الفلسطينية.. هذا الحل يقوم على إعطاء الشعب الفلسطيني حقه في استعادة أرضه التاريخية كاملة، وإعطاء الشعب اليهودي جمهوريته التاريخية.
ويردّ صهيوني عنصري متطرّف ومتعصّب جداً على الناشطة المذكورة متسائلاً: وهل للشعب الفلسطيني أرض تاريخية؟
فترد الناشطة رينوف عليه قائلة: ليس هذا هو السؤال الذي يجب أن يُطرح… إنما السؤال المنطقي والموضوعي هو: هل كان للشعب اليهودي دولة تاريخية، وهل كانت له وحده؟
وتابعت في ردّها على الصهيوني… إذا كان جوابك… نعم.. أقول لك وبكل ما لديّ من معرفة وما أملكه من موضوعية:
إنّ وطنهم ليس في فلسطين، ولا في أي أرض عربية أخرى، بل هو في مكان آخر، لا يحب الصهاينة ولا أي من حلفائهم الإفصاح عن مكانه… إنّ وطن اليهود الأصلي هو في «بايروبيدجان»، وهي منطقة تقع في جنوب شرق روسيا.
تضيف رينوف: مع الأسف، فإنّ أغلبية دول العالم لا تعرف هذه الحقيقة، لأنّ إسرائيل تتكتم عليها وتخفي معالمها، وبالفعل نجح الصهاينة في إخفاء هذا الأمر، ولم يعرف أحد -إلاّ القلّة- هذا السر الخطير. هناك هي جمهورية اليهود الأولى وموطنهم الأصلي.
لقد حملت الناشطة البريطانية المذكورة هذه المعلومة وراحت تعمل بجهد لافت على تسويقها كحلّ للقضية الفلسطينية، ولعودة الشرق الأوسط الى استقراره ووضعه الطبيعي.
باختصار… فإنّ الحل، كما تراه رينوف، يتمثل في عودة آمنة لليهود المقيمين في فلسطين الى جمهورية اليهود الأولى في روسيا، والتي كانت تسمّى (أوبلاست) وعاصمتها بايروبيدجان، ومساحة وطنهم ذاك تعادل مساحة سويسرا أي 41.285 كلم2.
وتؤكد رينوف ان جمهورية اليهود تأسّست عام 1928 بدعم وتشجيع من يهود أميركا أنفسهم، ممثلين في هيئة كانت تضمّ في عضويتها عالِم الفيزياء المشهور اليهودي ألبرت أينشتاين، والكاتب الأميركي المعروف غولدبرغ. وتذكر الناشطة أيضاً ان اسم هذه الدولة أعلن عام 1934.
وتعتبر رينوف ان اليهود كذبوا كعادتهم عندما زعموا خلال الحرب العالمية الثانية ان فلسطين هي أرضهم… ما دفعهم الى تشريد الفلسطينيين والحلول مكانهم.
وأضافت: الكثيرون لا يعرفون شيئاً عن هذه الحقيقة، والقليلون الذين يستمعون لي لم يصدّقوا بسهولة.. ولكني مستعدة أن أسخّر ما تبقى من حياتي كي يصدقني العالم، ويسعى الى حلّ الصراع استناداً لهذه الحقيقة.
وختمت رينوف التي يلقبها الصهاينة بأنها من مفكري الـ»هولوكست»: إنّه بإمكان الـ191 الاعضاء في الأمم المتحدة أن يختاروا هذا الحل ودعمه من دون خوف… لأنّ سكان جمهورية اليهود يعيشون فعلاً في أمان واطمئنان من دون معاداة للسامية.
إنّ ما جاءت به الناشطة البريطانية يعتبر الحلّ العادل والأكيد، إلاّ أنّ تعنّت الصهاينة وحلفائهم من الغرب، فرض التعتيم على الحقيقة التي تقول بأنّ فلسطين للفلسطينيين فقط، وليس لليهود أو الصهيونية أي جزء فيها.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*