الهديل

هكذا ترتب حرب غزة “لعبة” أو “معادلة مرشحين أساسيين إثنين زائد خيار المرشح الثالث”: ترابط اليومين التاليين للحرب!!.

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

لا يمكن وضع ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية إلا في إطار واحد وهو أنه صدى لتعبير “فائض القوة الشيعية” التي أصبحت مصطلحاً يشار إليه خلال الحديث عن توازنات القوى اللبنانية الداخلية. بالأساس فإن ترشيح فرنجية جرى من منبر الشيعية السياسية؛ ولاحقاً أعلن من بنشعي ترشيح نفسه. أصدقاؤه وجهوا حينها نوعاً من اللوم له، لأنه لم يتنبه لخطأ أن ترك الشيعة يعلنون ترشيحه، سيضعفه عند المسيحيين..

 

وحالياً يقال أن ترشيح سليمان فرنجية أصبح خياراً أقوى عند حزب الله، كونه يرى أنه بعد حرب غزة، أصبح أكثر من أي وقت مضى، يحتاج لرئيس يحمي ظهره الداخلي بوجه العواصف الإقليمية القائمة والقادمة، وبخاصة الإسرائيلية منها والأميركية. لكن قليلين هم الذين يصدقون مضمون هذه النظرية التي تطلقها حارة حريك لتبرير تمسكها بترشيح فرنجية؛ حيث يقول هؤلاء أنه بنهاية المطاف فإن من يحمي الحزب في لبنان، هو قدرته على حماية نفسه بنفسه داخل ميزان معادلة توازن القوى وفي الشارع..

 

وبغض النظر عن مدى جدية تبرير الحزب الذي يقول أنه يبحث عن “فخامة رئيس عتيد” يحمي ظهر المقاومة، فإن استمرار حارة حريك بطرح هذا الشرط كمبرر لتمسكها بترشيح فرنجية، أدى حالياً إلى ولادة معادلة جديدة بخصوص انتخابات رئاسة الجمهورية، مفادها التالي:

 

أولاً- إذا كان سليمان فرنجية قبل حرب غزة مرشح حزب الله بوجه قلقه الداخلي؛ فإنه بعد حرب غزة، أصبح الاستمرار بترشيحه من عدمه مرهون بالنتائج التي ستسفر عنها هذه الحرب، فإذا أسفرت عن انتصار حماس أو أقله عن عدم هزيمة حماس، فإن الحزب حينها قد يغير اتجاه طريقه بموضوع انتخابات الرئاسة وذلك لمصلحة البحث عن رئيس تسوية يبرد الجبهة الداخلية بعد أن استقر توازن القوى الإقليمي لصالح محور الممانعة؛ أما إذا انتهت حرب غزة على هزيمة حماس؛ فحينها سيتثبث الحزب بترشيح فرنجية ليحمي ظهره داخلياً من تداعيات هزيمة حماس عليه إقليمياً وداخلياً.

 

والواقع أن هذه المعادلة تقول بالعربي الفصيح التالي: فرنجية الذي كان قبل حرب غزة مرشح حزب الله، بغياب أية تسوية تقدم ضمانات أو أثمان له من قبل الخارج المعني بطبخة إنهاء الشغور الرئاسي؛ أصبح اليوم ترشيحه من قبل الحزب، موجوداً مع أمور أخرى فوق كفي الميزان الذي سيزن معادلة ما سيكون عليه اليوم التالي لحرب غزة..

 

ثانياً- ان حرب غزة أعاد خلط أوراق لعبة أو معادلة المرشحين الإثنين الأساسيين؛ أي فرنجية والعماد جوزاف عون؛ والمرشح الثالث الذي تقدم بينهم مؤخراً إسم اللواء الياس البيسري، بالإضافة لأسماء أخرين تتقدم وتتراجع حظوظهم بين فترة وأخرى.. فحالياً أصبحت “لعبة” أو معادلة “مرشحين إثنين؛ زائد مرشح الخيار الثالث” مرهونة قضية الفصل فيها بما ستؤول إليه حرب غزة؛ وذلك من عدة زوايا، يظل أهمها أن مجمل مسار البحث الجدي عن مخرج لإنهاء الشغور الرئاسي، مؤجل لما بعد حرب غزة، وسبب ذلك أن الطرف الرئيس الداخلي المؤثر في حسم هذا الموضوع (أي حزب الله ومعه الرئيس نبيه بري) ليس جاهزاً لبحث أي أمر داخلي أو خارجي قبل وقف النار في غزة.. 

 

.. وإذا كان نتنياهو يرفع بوجه مطالبيه الإسرائيليين بإجراء انتخابات مبكرة فوراً؛ شعار “لا صوت يعلو فوق صوت معركة القضاء على حماس”؛ فإن نصر الله يرفع بوجه الساعين الدوليين والمحليين لإيجاد حل الآن لإنهاء الشغور الرئاسي أو تطبيق القرار ١٧٠١؛ شعار “لا صوت يعلو في لبنان فوق صوت معركته لدعم انتصار حماس في غزة”.. وعليه أصبح لبنان عملياً اليوم بمثابة قطعة عسكرية وسياسية ملحقة بميدان حرب الغرب على حماس ونتائج هذه الحرب؛ ولذا فإن مسار إعادة إنتاج السلطة في لبنان الذي مدخله انتخاب فخامة الرئيس العتيد أصبح مرتبطاً سياسياً بمسار ما سيكون عليه شكل ومضمون إعادة إنتاج النظام السياسي الفلسطيني في اليوم التالي لحرب غزة..

 

وتفيد هذه المعادلة أن حظوظ بقاء فرنجية كمرشح وحيد للحزب، باتت مرتبطة بالأخبار السيئة فيما لو وردت عن وضع حماس في اليوم التالي من حرب غزة؛ فيما ارتفاع حظوظ قائد الجيش عند حزب الله، باتت مرتبطة بما إذا كانت سترد أخبار جيدة عن ماهية وضع حماس في أول يوم بعد وقف القتال في غزة؛ ذلك لأنه حينها سيصبح الحزب مطمئناً للإنخراط في ترك “شعار فخامة الرئيس الحامي” لمصلحة استبداله بخيار “الرئيس التسووي” الموثوق به خارجياً والقادر داخلياً على إدارة طاولة تسوية داخلية يحتاجها حزب الله، وتريدها الأطراف الأخرى اللبنانية والدول الوسيطة في توفير استقرار جديد للبنان.. أما منسوب هوية المرشح الثالث وحظوظه، فهي ستحدد وسترتفع فيما لو كانت الأخبار التي سترد من غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب فيها، غير مقرؤة وتشي بأن الوضع في المنطقة ذاهب لستاتيكو طويل ولهدنة طويلة الأجل تفرضها الحاجة لعملية التقاط أنفاس يحتاجها الإقليم وذلك بعد حرب كانت مكلفة ومتعبة للجميع..

Exit mobile version