الهديل

خاص الهديل: جنبلاط الإقليمي: ما هو سبب اللقاء بين “أبو تيمور” وفرنجية؟؟

خاص الهديل:

 

بقلم: ناصر شرارة

يوجد بين اللبنانيين طيف واسع يعتقد بأن المختارة لديها “انطينات” تستشعر بالتغيرات الدولية قبل غيرها من المرجعيات السياسية اللبنانية الطائفية الأخرى؛ ولذلك، فإنه عندما يغير وليد جنبلاط موقفه السياسي تجاه أي قضية داخلية أو إقليمية، فإنه يتبع ذلك مباشرة، سيل من التحليلات التي تعزو موقفه الجديد إلى استشعاره بتغيرات دولية قادمة.

لا شك أن وليد جنبلاط، من بين مجايليه السياسيين، يعتبر سياسي مثف وقارئ.. وهذه سمة ليست موجودة عند معظم أترابه السياسيين اللبنانيين.. مثلاً جنبلاط يقرأ باستمرار كل جديد تعرضه المكتبة السياسية العالمية. وغالباً ما يستشهد في مقابلاته السياسية بتوصيف أو استنتاج قرأه في كتاب صدر حديثاً. حتى تعليقاته على حسابه في إكس، فهي تتضمن دليلاً على أنه يقرأ ويتابع ويثقف نفسه.

وخلال حراك ١٧ تشرين، استجاب جنبلاط لوقائعها على نحو مختلف قياساً بطريقة تعاطي معظم أعضاء الطبقة السياسية اللبنانية معها. والواقع أن تمايز جنبلاط هنا مرده أنه يتمتع بمنسوب ثقافي يجعله يعي اللحظة الجديدة التي تمثلها هذه الانتفاضة، ولا يعني قطعاً أنه لا يعاديها من موقع مصالحه بوصفه سياسياً تقليدياً يواجه ظاهرة سياسية جديدة. لكن ما ميز موقف جنبلاط من الانتفاضة هو طريقته بمواجهتها قياساً بطريقة معظم أترابه السياسيين.. ويقع كل الفرق هنا في أن جنبلاط تعاطى معها بخلفيته الثقافية، بينما معظم السياسيين وقادة الطوائف تعاطوا معها بخلفية أنها أحداث أمنية.. ووحده جنبلاط تقريباً – عدا سعد الحريري – لم يسأل من هم هؤلاء الشباب والمواطنون الذين فجأة احتلوا الساحات وحاصروا السياسيين في منازلهم؟؟؛ ولم يمارس تجاههم سياسة الإنكار كما فعل زملاؤه السياسيون. ومرة أخرى؛ فإن السبب الوحيد الذي ميز بالشكل موقفه، ثقافته السياسية وليس تمايز مصالحه السياسية عن مصالحهم.

في عز انشغال البلد بحرب طوفان الأقصى وتدخل حزب الله فيها؛ بادر جنبلاط للقيام بمبادرات لافتة.. وبخلالها لم يعلن جنبلاط أنه يقول بالسياسة مواقف جديدة، بل بالشكل رمى “حجراً جنبلاطياً كبيراً” في بركة الصمت السياسي الداخلي.

وبإزاء هذه المبادرات؛ إنشغل الواقع السياسي اللبناني بطرح السؤال الدائم وذاته الذي يطرحه على نفسه في كل مرة يبادر فيها جنبلاط نحو جهة أو شخص أو قضية معينة؛ وهو ما الذي يستشعر به سيد المختارة خارجياً؟؟.

حينما بادر جنبلاط للانفتاح “بالتقسيط” مؤخراً على سليمان فرنجية؛ قرأ كثيرون ذلك بأن فرنجية ارتفعت حظوظه الخارجية، وهذا ما يفسر الزيارات الجنبلاطية له.

ولم ينفع في تبديد هذا التفسير للزيارات الجنبلاطية لفرنجية، نفي مصادر جنبلاط أية علاقة للقاء وليد بك مع سليمان بك بمعركة رئاسة الجمهورية..

ورغم أن الحديث يسود الآن حول أن جنبلاط التقى فرنجية في إطار تحرك المختارة على خط تعيين رئيس جديد للأركان في الجيش اللبناني، إلا أن مصادر مطلعة التي تؤكد اهتمام جنبلاط بهذا الموضوع، تلفت الانتباه في ذات الوقت إلى أن المختارة في هذه المرحلة تركز انتباهها على التداعيات المتوقعة لفوضان الأقصى على لبنان والمنطقة؛ وهي تطير رسائلها باتجاه التحوط من هذه التداعيات.

معروف أن زعامة وليد جنبلاط لها بُعد إقليمي يتمثل بموقعه داخل ساحتي دروز سورية ودروز فلسطين المحتلة؛ وكلتا هاتين الساحتين تم تسليط الضوء الإعلامي والسياسي عليهما في الآونة الأخيرة والحالية، نظراً لصلتهما بما يدور في المنطقة من أحداث كبيرة؛ وعليه فإن وليد جنبلاط يتحرك ليستوعب التداعيات المتصلة بهاتين الساحتين، سواء كانت سلبية أو إيجابية، قبل وقوعها.

وداخل هذا المجال، يبدو واضحاً أن “أبو تيمور” يتقرب من سليمان فرنجية حتى يقول شيئاً واحداً؛ وهو أن المختارة ليست ضد مرشح محور المقاومة أو “محور الممانعة” أو حتى “المحور الإيراني”؛ ولكنها بنفس الوقت ليست معه. وأوضح جنبلاط معادلته هذه حينما قال أنه إذا اتفق الخارج على فرنجية، فهو لن يكون ضده.

قصاري القول هنا أن جنبلاط ببعديه الداخلي والإقليمي يريد في هذه المرحلة تصفير المشاكل، لاعتقاده بأن طوفان الأقصى تحول إلى مقصلة تبحث عن ضحايا، وتحول إلى بركان سيحمل للجميع المزيد من المشاكل في كل يوم جديد يمر من عمر حرب غزة..

Exit mobile version