الهديل

خاص الهديل: “هدنة غزة” و”هدنة الهجمات على القواعد الأميركية”: معادلة التوازن بين “القوة” و”استعراض القوة

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

ثلاثة أسئلة لا يوجد إجابات شافية عنها، علماً أن مشهد المنطقة يبقى غير واضح مآله، فيما لو ظل غموض الأجوبة الثلاثة عن هذه الأسئلة الثلاثة قائماً:

السؤال الأول هو عن السبب أو الأسباب الحقيقة التي دعت حزب الله – العراق يعلن في هذا التوقيت، تجميد عملياته ضد القواعد الأميركية العسكرية في المنطقة.

والسؤال الثاني هو عن حقيقة موقف نتنياهو الملتبس، من ما بات يعرف “بصفقة باريس” لإبرام هدنة جديدة في غزة، مصحوبة بعملية تبادل الأسرى وشق طريق نحو أفق سياسي يوقف حرب غزة والحروب التي استتبعتها من لبنان إلى اليمن مروراً بتصعيد الفصائل الشيعية ذات الصلة بإيران ضد القواعد الأميركية العسكرية.

السؤال الثالث هو عن مدى القدرة التي يملكها الرئيس الأميركي على فرض حلول ووقف أزمات ووضع المنطقة باتجاه عدم الانفجار.

والواقع أن هذه الأسئلة الثلاثة متداخلة لحد بعيد؛ بمعنى أنه لا يمكن تلمس حقيقة موقف نتنياهو من “صفقة باريس”، من دون معرفة الإجابة الحقيقية للسؤال عن “مدى قدرة” بايدن على جعل نتنياهو يوافق على هذه الصفقة التي تحمل له المخاطرة بالتسبب بتفكك ائتلافه الحكومي.. 

.. كما أن السؤال عن سبب تجميد حزب الله – العراق، الآن هجماته ضد القواعد الأميركية، لا يمكن تحصيل إجابة شافية عنه من دون معرفة السبب العميق الذي دفع إيران لتغيير خيار الصدام مع الأميركيين، لمصلحة خيار مهادنة الأميركيين في هذه اللحظة؛ وأيضاً من دون معرفة لماذا أضاف البيت الأبيض لتصريحاته التي حمّل فيها إيران مسؤولية قتل الجنود الأميركيين الأربعة في الأردن، تتمات قالها المتحدث بإسم الأمن القومي الأميركي جون كيربي تقول “أن واشنطن لا تريد حرباً مع إيران”.

وضمن سياق الأجوبة المطروحة على أسئلة الأوعية المستطرقة الثلاثة الواردة أعلاه، والتي يفضي كل سؤال منها إلى صلة سببية بالسؤالين الآخرين، تندرج مقاربة تقول أنه بمقابل أن طهران أثبتت أنها لديها فعالية المونة على حزب الله – العراق، وإرادة ممارسة دالتها عليه، كي يوقف هجماته على القواعد الأميركية رغم أن الحرب لا تزال في أوجها، فإن المنتظر الآن أن يثبت بايدن أن له قدرة المونة الكافية على نتنياهو، وإرادة الدالة عليه كي يسير بالصفقة الفرنسية لتبادل الأسرى وإعلان هدنة غير قصيرة، رغم أن حربه على غزة لا تزال في أوجها!؟.

 

ما هو مطروح ضمن هذه المعادلة هو إنشاء توازن لتبريد الصراع في المنطقة، ليس بالضرورة متوافقاً عليه، بل معتمد على طريقة القبول بنتائجه الميدانية والسياسية. والمقصود هنا إنشاء توازن من جهة بين “عدم الانسحاب العسكري الأميركي من العراق” وبين “إنسحاب الجيش الإسرئيلي من غزة”؛ ومن جهة ثانية بين “تجميد عمليات حزب الله – العراق لهجماته ضد القواعد الأميركية”، وبين “موافقة نتنياهو على هدنة غير قصيرة في غزة تتوقف خلالها وبعدها، همجماته على حماس”. 

وبنظر الجهات التي تعتقد أن الأحداث ستتوجه لتنتظم ضمن هذا التوازن الذي ينشئ صلة بين ما حدث وسيحدث على جبهتين: في غزة والإقليم؛ فإن ذروة عقد الصفقة التي تجمع بين “هدنة غزة” و”هدنة العراق”، ستتمثل بزيارة وزير الخارجية الأميركي بلينكن إلى المنطقة يوم السبت، ليواكب من خلالها حدوث “أول نقلة جدية” ستخطوها واشنطن في المنطقة، وذلك تحت عنوان الانتقال من مرحلة منع التوسع الإقليمي لحرب غزة، إلى مرحلة إطفاء حريق حرب غزة الإقليمي.

.. واضح أن لعبة حرب غزة وصلت لنهايات المناورة الكبرى الإقليمية والدولية التي تحتضنها؛ فبايدن وصل للحظة التي عليه فيها أن يحدد أين تبدأ مصلحة إدارته وأين تنتهي حدود دفع الثمن لإسرائيل ولطموحات نتنياهو وفريقه اليميني؛ كما أن طهران وصلت للحظة التي توجب عليها أن تحدد أين تبدأ مصالح إيران وأين تنتهي مناورة استعراض قوتها وقوة حلفائها في المنطقة.

.. وبالنسبة لبايدن فما يجب أن يحصل بعد الآن، هو تسوية سياسية لحرب غزة برعايته، تسبق الإنتخابات الأميركية وتخدم حظوظه فيها؛ وبالنسبة لإيران فإن ما يجب أن يحصل الآن، هو النزول إلى ملجأ التوازن عينه الذي تنشئه بين “القتال” و”إستعراض القوة” التي لا تذهب بعيداً في التصعيد؛ وتحافظ على “توازن عنف محفوف بشدة المخاطر”..

والواقع أنه لا طهران ولا إدارة بايدن يريدان أن يختل الحال بين ممارسة “القوة” و”استعراض القوة”، وعليه فإن بديلهما عن ذلك، هو وضع قدم على طريق تسوية غزة؛ والحفاظ على القدم الأخرى مزروعة في مربع “إستعراض القوة”، مع ممارسة القليل منها لحفظ ماء الوجه، خاصة بالنسبة لبايدن المعني بعد تحميله إيران مسؤولية قتل جنوده الأربعة في الأردن، أن يدفع عنه تهمة أنه رئيس أقل شكيمة من منافسه على الرئاسة ترامب الذي “يتفاخر مناصروه” بأنه اغتال الحاج قاسم سليماني لمجرد أن الحرس الثوري قتل مقاولاً أميركياً..

Exit mobile version