الهديل

خاص الهديل: هل تنفذ إدارة بايدن “إنقلاباً أمنياً أسوداً” على “نظام” تحالف نتنياهو وتيار أقصى اليمين في إسرائيل؟؟

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

خلال هذه الحرب المستمرة تتعاظم في إسرائيل ظاهرة إسمها محللو الاستوديوهات التلفزيونية؛ وهؤلاء كما هو معروف هم ضباط متقاعدون وصحفيون وباحثون ووزراء ونواب حاليون وسابقون، الخ..

الكاتب الإسرائيلي في هآرتس جدعون ليفي الذي غالباً ما يكتب مقالات جريئة ورزينة؛ انتقد اليوم “جماعة الاستديوهات” وقال أنه تقريباً كل الإعلام الإسرائيلي تخلى عن المهنية وعن رسالة نقل وقول الحقيقية بخصوص ما يحدث في غزة وفي لاهاي وفي جنين وفي مستشفى ناصر، الخ..

وفي مقاله، لفت جدعون ليفي لأمر هام، وهو أنه بعد “حرب الغفران” (يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣)، حدثت لإسرائيل “صدمة”، جعلتها تستفيق من طقس “عبادة الجيش”؛ وبعد أربع سنوات من هذه الصدمة، ذهب الإسرائيليون بقيادة اليمين لإبرام أكبر صلح لهم مع العرب، وهو صلح كامب ديفيد. أما اليوم فإن الإعلام و”جماعة الاستديوهات” والسياسيون، يعودون للعيش داخل “مكابرة عبادة الجيش”؛ بينما المطلوب الاستماع للواقع كما هو…

أهمية مقالة جدعون، تكمن بالدرجة الأولى في أنها تعكس أمراً جوهرياً تعيشه اليوم إسرائيل، ومفاده أنه اليوم لا أحد في إسرائيل يقول الحقيقة!!

يقود حفلة الكذب على الذات بنيامين نتنياهو الذي يتقصد بحسب محللين إسرائيليين أن يقول الشيء ونقيضه، وغايته من ذلك أنه “لا يريد أن يفهم قصده أحد داخل إسرائيل”.. ونتنياهو في هذه اللحظة لديه دافعان لممارسة “رياضة الكذب”؛ الأول يتعلق بشخصيته السياسية التي تؤمن بالمناورة؛ والثاني هو حرصه على تجنب أخذ موقف واضح لأن ذلك سيكلفه إما خسارة الكابينيت أو ائتلافه الحكومي. ففي حال قال نتنياهو أنه مع صفقة التبادل وهدنة الـ٣٢ يوماً كما تمت صياغتها في باريس، فإنه سيواجه احتمال أن يخرج كل من بن غفير وسيموتريتش من الإئتلاف الحكومي ما يؤدي لسقوطه؛ وفي حال لم يوافق على صفقة باريس فإن ذلك سيؤدي إلى خروج كل من ايزنكوت وغانتس من الكابينيت، ما يجعله كابينيت من ورق..

.. ولتحاشي ساعة الحقيقة، يقول نتنياهو بخصوص صفقة التبادل والهدنة المعروضة حالياً الشيء ونقيضه، فهو لحد ما معها حينما يتحدث مع أهالي الأسرى وهو لحد ما ضدها حينما يخاطب جمهور اليمين.

وهذا الصباح استفاق كل شخص في إسرائيل على رنين إشعار ينبهه لوصول رسالة نصية إلكترونية لهاتفه الجوال.. تقول هذه الرسالة: “السنوار خرج أيضاً من السجن في صفقة شاليط”.. القناة ١٢ في إسرائيل بحثت عن مصدر هذه الرسالة، فتبين لها أن مرسلها هو بن غفير؛ وهدفه منها إنشاء قوة ضغط داخل بيئة اليمين بخاصة، وداخل كل الشارع الإسرائيلي بعامة، لثني نتنياهو عن السير بصفقة باريس، والاستمرار في الحرب..

.. لكن داخل الليكود (الحزب الذي يقوده نتنياهو من جهة، ويقود من جهة ثانية ائتلاف حكومة أقصى اليمين) يقولون أنه لا داعي للاستماع لتهويل بن غفير على نتنياهو؛ فهو حتى لو وافق “بيبي” (إاسم الدلع لنتنياهو) على الصفقة، فإنه لن يجرؤ على الخروج من الحكومة؛ لأنه لو فعل بن غفير ذلك، فسبجد نفسه أنه سيعود من جديد، مجرد نائب هامشي يقبع في آخر زاوية داخل قاعة الكنيست..

.. بمعنى آخر يقولون في الليكود، أن بن غفير يكذب على نفسه، ويكذب على الشارع اليميني، ويهول على نتنياهو؛ ولكنه بالنهاية لديه مصلحة بأن يستمر نتنياهو في رئاسة الحكومة حتى يستمر هو وزير؛ وحتى لا يعود إلى أقبية التهميش السياسي، وإلى دائرة “الإحتكار الإجتماعي الإسرائيلي” له، حيث أنه يجدر بخصوص هذه الجزئية، تذكر أن بن غفير وأترابه، محكومون سابقون بتهم إرهابية من قبل محكمة إسرائيلية.. 

وكل هذه الأجواء التي تسود الداخل الإسرائيلي، تشي بأن لحظة الحقيقة اقتربت، وجوهرها قول الحقيقة بخصوص البدء بمشوار إنهاء حرب غزة!!

وبموجب لحظة الحقيقة هذه، فإنه سيكون على نتنياهو إخبار الإسرائيليين عما إذا كان يريد فعلياً الاستمرار “بخطة الحرب” التي يزعم أنها وحدها يمكنها تحقيق “الهدف الإسرائيلي المزدوج”، وهو إطلاق الأسرى وهزيمة حماس في آن واحد؛ أم أنه سيعترف بأن خطته عن الحرب فشلت، وبالتالي سيستجيب “لخطة وقف الحرب” والذهاب بالتالي لقطع مشوار طويل من التفاوض مع حماس، بغض النظر عن ما إذا كان يحيى السنوار سيجلس بنفسه حول طاولة التفاوض، أم أنه سينتدب عنه جهة أخرى أو شخص آخر للتفاوض بإسمه!!

وبموجب لحظة الحقيقة، سيصبح تيار أقصى اليمين أمام واحد من خيارين إثنين لا ثالث لهما: إما التراجع عن مشروع دفع الحرب في غزة نحو خاتمة تؤدي إلى تهجير فلسطيني القطاع والضفة الغربية، وإما الإستمرار في هذا المشروع الترانسفيري الذي يحمل في طياته خطر توسع حرب غزة لتصبح حرباً إقليمية، وأخطاراً جانبية كبيرة من نوع انزلاق إسرائيل لاستقطاب داخلي حاد (يمين ومركز)، قد يهدد بقلاقل داخلية ترقى لمرتبة حدوث صدام عنفي أهلي..

وبموجب اقتراب لحظة الحقيقة هذه يصبح مجمل الوضع الإسرائيلي موجوداً داخل المعادلة التالية: في حال اتضح أن إسرائيل لم تنضج بعد للاستجابة للحظة الحقيقة أي وقف الحرب في غزة والبدء بسيناريو الإعتراف بالأمر الواقع؛ فإن ذلك سيأخذ حرب غزة إلى مرحلة جديدة من الأخطار المستطيرة التي لا يريدها بايدن والتي قد يكون الجيش الإسرائيلي لا يرغبها أيضاً؛ وحينها يصبح وارداً السؤال عن إمكانية أن يكون الحل بتشجيع إدارة بايدن على حدوث “إنقلاب سياسي أبيض” أو “إنقلاب أمني أسود” على “نظام” تحالف زعامة نتنياهو وتيار أقصى اليمين في إسرائيل.

Exit mobile version