الهديل

د. حمد الكواري: “أنا من المؤمنين أنه لو لم تكن هناك أمم متحدة لكان يجب أن تكون”

د. حمد الكواري:
“أنا من المؤمنين أنه لو لم تكن هناك أمم متحدة لكان يجب أن تكون”

 

‏أليس من حقنا نحن أبناء ‎الأمم المتّحدة ومحبيها أن نحزن على أوضاعها!
أعتبر نفسي واحدًا من أبناء الأمم المتحدة، والمؤمنين برسالتها، فقد أتاح لي القدر العمل في ردهاتها مندوبًا لبلدي الحبيب قطر.
وتعلمت أثناء هذه الفترة كما لم أتعلم قط، وكان لي زملاء كبار تعلمت منهم ولي معهم أجمل الذكريات، وكنا كمندوبين وجهاز للأمم المتحدة نعمل معًا ليل نهار لخدمة مجتمعاتنا والإنسانية، وأنا من المؤمنين أنه لو لم تكن هناك أمم متحدة لكان يجب أن تكون.
لذلك يحزنني كثيرًا ما آلت إليه الأمور في هذه المنظمة العظيمة.
فقد نخرت السياسة ومصالح الدول الكبرى في عظامها، وأصبح الفيتو حجر عثرة أمام قيام الأمم المتحدة برسالتها في حفظ السلام والأمن في العالم.
وكانت المنظمات والهيئات والوكالات الدولية المتخصصة في القضايا الإنسانية هي درة الأمم المتحدة، وموضع فخرها.
غير أن يد الفساد والتسييس من الدول الكبرى وأعداء مهماتها الإنسانية امتدت لها وجمدتها أو أعاقت تنفيذ قراراتها وفرغتها من مضمونها وجعلته محض حبر على ورق.
من هذه المنظمات الدولية ‎”الأونروا” وهي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة لاجئي ‎فلسطين التي أنشئت في عام 1949، وقامت بدور إنساني محمود ولا يُنكر لإغاثة وتشغيل أبناء هذا الشعب المظلوم وذلك رغم إمكانياتها المحدودة وتقلص هذه الإمكانيات عبر السنين، وكانت مدارسها وجهودها ومبادراتها شعلة من الضوء وسط ظلام حالك من الاحتلال والقمع والحصار الذي نُكب به الشعب الفلسطيني.
وعندما وقع العدوان الاسرائيلي الحالي، كانت المدارس التي أنشأتها ملاذًا للآلاف من سكان غزة الذين احتموا بها. ولكن ذلك لم يردع قوات الاحتلال من قصف هذه المدارس وقتل الآلاف من الأطفال والنساء المحتمين بها.
ولم تكتف إسرائيل بالقصف والقتل، لكنها أيضاً عقدت العزم على أن الوقت قد حان لإطفاء هذا الضوء وقتل هذه الشعلة. فقتلت اسرائيل العديد من موظفي الوكالة، ورمت الأونروا باتهامات باطلة. وإذا بأميركا وكندا ودول غربية عديدة توقف دعمها حتى قبل التحقيق في هذه الاتهامات.
ألا يدل ذلك على السعي عمدًا لإطفاء هذا الجهد المحدود للأونروا.
وسبق أن كتبنا كثيرًا عن الوضع المحزن لمنظمة اليونسكو؛ فرغم ما حدث من قتل للأطفال وتدمير للمؤسسات التعليمية وقتل الصحفيين لم نسمع كلمة واحدة من مديرة المنظمة “أودري أزولاي” أو أجهزتها تنديداً بهذه الجرائم مع أنها تمس صلب اختصاصات اليونسكو.
أليس من حقنا نحن محبي الأمم المتحدة وأبناءها أن نحزن على أوضاعها!

 

دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء
رئيس مكتبة قطر الوطنية

Exit mobile version