الهديل

خاص الهديل: خارطة طريق عاجلة لإبرام صفقة الإطار الفرنسي بين إسرائيل وحماس..

 

 

 

خاص الهديل

بقلم: ناصر شرارة

يوجد حاجة لترتيب الأحداث التي حصلت خلال الساعات الـ٧٢ الأخيرة، كون سياقاتها قادت لفتح كوة في الجدار الذي يمنع لغاية الآن الاتفاق على صفقة تنتهي بإطلاق الأسرى وبهدن يبنى عليها وقف طويل لإطلاق النار: قبل يومين سلمت تل أبيب الوسيطين المصري والقطري إجاباتها على رد حماس على ورقة الإطار الفرنسية الخاصة بصفقة تبادل الأسرى المقترحة. وتميز الرد الإسرائيلي بأنه غير إيجابي؛ مما عرض للانهيار كل مسار التفاوض لإتمام ورقة الإطار الفرنسية الذي كان بدأ إعدادها بباريس، واستؤنفت في الدوحة؛ ويجري التداول حالياً بشأنها في القاهرة.

.. غير أنه خلال ليلة أول من أمس حصل تطور لافت جاء من خارج سياق ما كان متوقعاً من أحداث؛ وتمثل هذا التطور بإتصال هاتفي جرى بين الرئيس الأميركي ورئيس وزراء إسرائيل؛ وخلاله أطلع نتنياهو بايدن على أن إسرائيل على وشك تنفيذ عملية أمنية في وسط رفح لإطلاق أسيرين بالقوة من أيدي حماس.

وبعد ساعات حصل التطور الثاني الذي جاء أيضاً من خارج سياق الأحداث المتوقعة، ومفاده إعلان إسرائيل عن نجاح وحدة اليمامة (كوماندوس) بإطلاق أسيرين إسرائيلين إثنين من أيدي حماس..

.. ولاحقاً، وبعد أن وزع صورة عن لقائه بعناصر وحدة اليمامة الذين نفذوا عملية إطلاق الأسيرين الإسرائيليين؛ أعلن نتنياهو أنه قرر شخصياً، ومن خارج مجلس الكابينت، إرسال البعثة الإسرائيلية إلى القاهرة لتشارك مع مديري مخابرات الولايات المتحدة الأميركية والمصرية ورئيس وزراء قطر في مفاوضات القاهرة التي تجري حالياً لجسر الهوة بين موقفي حماس وإسرائيل؛ وهي الهوة التي حالت حتى الآن دون إبرام صفقة تبادل الأسرى التي كانت نفس هذه الجهات التي تشارك حالياً في مفاوضات القاهرة، قد صاغتها في باريس.

ثمة ربط يجدر عقده بين هذه التطورات الثلاث؛ أي تطور تقصد نتنياهو إخبار بايدن بعملية إطلاق الأسيرين قبل وقوعها؛ وتطور حصول العملية بالفعل.. وتطور إرسال نتنياهو بعد طول رفض البعثة الإسرائيلية إلى مفاوضات القاهرة.

الواقع أن صلة الربط أو عقدة الربط الأساسية بين هذه التطورات الثلاث تقع في العناصر التالية التي انطوت عليها أحداث الساعات الـ٧٢ الماضية: العنصر الأول يتمثل بأن الشقة التي دهمتها وحدة اليمامة حيث احتجز فيها الأسيرين الإسرائيليين، تقع في وسط رفح.. وهذا الأمر هو الذي يفسر لماذا تقصد نتنياهو إبلاغ بايدن بالعملية قبل وقوعها؛ وقصده من ذلك، هو لفت نظر بايدن إلى أن رفح التي تثير جدلاً دولياً حول رغبة إسرائيل باقتحامها، تخفي فيها حماس الأسرى الإسرائيليين الذين بينهم أميركيين وبريطانيين، الخ… 

وإلى هدفه بخصوص تسليط الضوء على دلالة مكان عملية إطلاق الأسيرين الإسرائيليين (وسط رفح)، يوجد هدف ثان لنتنياهو من العملية، وهو دعم نظريته التي تقول أن هدف إطلاق الأسرى من أيدي حماس يتحقق من خلال الضغط العسكري، وليس من خلال إبرام صفقة تبادل للأسرى مع حماس، تبرم الآن وفوراً، كما يقول معارضو مقاربة نتنياهو لمجريات حرب غزة.

أما الهدف الثالث الذي أراده نتنياهو من توقيت عملية إطلاق الأسيرين الإسرائيليين، فهو قطع الطريق على زخم التظاهرة المنتظرة يوم الخميس التي ينظمها طيف المتقاطعين ضد نتنياهو والتي سترفع شعار إسقاط نتنياهو والذهاب لانتخابات مبكرة.

.. وعليه؛ فإن نتنياهو راهن على أن عملية إطلاق الأسيرين ستمكنه من أن يتجاوز بسلاسة كل هذه الاستحقاقات الصعبة التي كانت تنتظره؛ والتي كان سيكون عاجزاً عن مواجهتها لولا حصوله على صورة مع الأسيرين، ومع عناصر وحدة اليمامة الذين نفذوا عملية إطلاقهما، والتي وصفها نتنياهو بأنها أهم عملية في تاريخ عمليات تحرير الأسرى(!!)

والفكرة هنا هي أن سياق أحداث الـ ٧٢ ساعة الأخيرة، هو الذي أدى عن قصد أو بالصدفة إلى نتائج سياسية تخدم إخراج مسار التفاوض على إبرام صفقة جديدة حول الهدنة وتبادل الأسرى من مأزقه الصعب.. وخلاصة القول هنا أن نتنياهو كان بحاجة لنجاح عسكري وأمني ولو جزئياً، على أصعب جبهة تواجهه وهي جبهة إستعادة الاسرى والمعارضة الداخلية له، حتى يستطيع الانتقال من مرحلة التشدد إلى البدء بمرحلة الدخول في مسار التفاوض الجاري في القاهرة على إنهاء الحرب بالتدريج..

ومع هذه “اللحظة الجديدة” صار نتنياهو أكثر قدرة على اتخاذ قرارات متحررة من خشيته من أن يتهمه حلفاؤه في معسكر اليمين بالتخاذل، ومن خشيته من أن تتهمه واشنطن بالمغالاة بخصوص موقفه من رفح الذي أثبت نتنياهو لبايدن أن حماس تخفي فيها أسرى؛ ومن خشيته أيضاً من الصدى الشعبي لتظاهرة يوم الخميس التي بعد إطلاق الأسيرين، لن تستطيع مهما اتسع شارعها من التفوق على الصدى الذي حصده نتنياهو في الشارع الإسرائيلي جراء نجاح عملية إطلاق الأسيرين.

Exit mobile version