كتب المحامي رامي عيتاني:
يوم ٢٤-١-٢.٢٢ استعاد الرئيس سعد الحريري من ذاكرته عبارة والده الشهيد رفيق الحريري ، عندما ودع لبنان منذ سبعة عشر عاما بقوله” استودع الله سبحانه وتعالى هذا البلد الحبيب لبنان شعبه الطيب” ليعلق نشاطه في “ الحياة السياسية” .
والحقيقة أنه عندما استودع الرفيق هذا البلد الحبيب لم يكن مدركا أن يد الارهاب كانت تنتظره في وسط عاصمته الحبيبة التي حملها في قلبه ، لتنهي حلم لبنان بتفجير مزج دمه بترابها.
ولم يكن وداع سعد الحريري لبيروت تخلي عن وديعة الشهيد واحلامه ، انما هي مجرد استراحة محارب أنهكته المعارك السياسية الطاحنة بين السيادة واللاسيادة .
لم يطفىء السعد الشعلة التي حملها وفاء لأحلام اللبنانيين والتي رسم الشهيد المسار لتحقيقها ، وخاض فيها اعتى الحروب السياسية في مواجهة هيمنة النظام الأمني حينها .
ولم يكن ارث الشهيد رفيق الحريري فقط الحفاظ على المنصب وبيت المال ، انما ارث عازم على استكمال مسيرة اعادة لبنان وطنا حرا سيدا مستقلا واعادته منارة للشرق ، كيف السبيل والشاب مفجوع بمصابه ، طري العود أبيض الداخل وقد رمى نفسه بين السماسرة وباعة الاوطان ، حاول استكمال مسيرة والده بإعادة جمع القطع التي تناثرت بعد التفجير الزلزال الذي قضى على أمل اللبنانيين ، عله يعيد الثقة في قلبوهم وهو الذي رهن شبابه ومستقبله وحلمه الخاص ، ليعيد تأهيل الجسور بين الطوائف والمذاهب التي ارسى والده الشهيد دعائمها، وجمعهم تحت رايتها مسلمين ومسيحيين الى أبد الآبدين وفاء لدماء الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن لبنان العظيم ،
اعتقدوا انهم “هجروا ” الرئيس سعد الحريري مع بطاقة السفر one way ticket “لكن ظنونهم خابت ، فالسعد بين أهله وأحبابه ، يتدافع عليه الجميع من كل حدب وصوب ، الخصوم منهم قبل الحلفاء ، ولسان حالهم يعترف بأن الفراغ الرئاسي لن يملؤه احد قبل أن تعود القوى السياسية الحقيقية مع قيادييها إلى سابق امكنتها ويقصدون هنا الحريرية بكل تفاصيلها .. اعترفوا بأن موقع الرئاسة الثالثة لن يملؤه سوى سيده ، وأن الزعامة لا تصنعها تحالفات من هنا أو قوانين انتخابية على شاكلتهم من هناك ، فالجميع الان في مأزق حقيقي ، والجميع الآن يطالب ببقاء الرئيس الحريري في لبنان والمشاركة في الحياة السياسية كي تستقيم “الميثاقية ” التي فضوا بكارتها عند كل استحقاق …..
حتى هذه اللحظة الرئيس سعد الحريري صامد في صمته عن أي حديث سياسي مباشر وسكوته من ألماس ، لكن صمته يأرق حالهم كأنه أبلغ من الخطابات والمؤتمرات الصحافية والكذب المتمادي ورفع الإصبع، الصمت الذي مارسه الرئيس العائد للصلاة امام ضريح والده الشهيد سيعيد الحسابات لدى قوى خارجية إقليمية أولا، ثم لدى قوى الرابع عشر من آذار تاليا ، والتي اجتمعت ذات يوم في المهرجان المليوني وفاء للبنان العظيم لكنها للأسف أرادت تجديد البيعة لأحزابها باعتبار أن طابعها للأسف عاد ليغلب تطبعها إبان استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، ثم ليصيبه الزهايمر بعد تفجير الرابع من اب ، ثم ليصل الى مرحلة الموت السريري على وقع صواريخ غزة وجثث أطفالها وشيوخها ، فخانت العشرة واختارت وطنها الصغير على قياسها وبات الجميع يغرد على ليلاه ، نعم صمت الرئيس الحريري وتفرق العشاق في الرابع عشر من آذار ، لكن أحوال الثامن من آذار ليست بأحسن الاحوال هي أيضا.. فالثنائية تعيش في مرحلة من البلبلة أحيانا والتشويش بين “هيدا عين وهيدا عين” اللهم الا ما جمعته حرب غزة وضراوة المعركة جنوبا وامتداد يد العدو الغاشم الى عقر الضاحية الجنوبية اغتيالا وحاجات الضرورة او ضرورات المرحلة ،
نعم السكوت طيلة الفترة السابقة من الألماس هو خيار نابع عن قرار الرئيس سعد الحريري وحده ، لكن الكلام كل الكلام ستقوله الحشود غدا ، ستقوله الناس في الشارع ، في بيروت ، في طرابلس وصيدا ، في البقاع وعكار ، رد الرئيس البارحة واليوم وغدا ، انتصر بصمته مع الجماهير التي لم تخذله يوما .. وهي دائما على الوعد .. سواء بقي أم رجع أم عاد ، ستهتف بصوت هادر وبلا عريضة ولا كبيرة : لا ما خلصت الحكاية لا مش هيدي النهاية .