كتب عوني الكعكي:
مهما قال وأعلن إنّه لا يريد أن يكون في خضم السياسة حالياً، ومهما قدّم من فتاوى وأعذار بأنه ترك العمل السياسي… ومهما ابتعد… ومهما ترك الأمور، لتجري الانتخابات من دون أي مرشح لـ»تيار المستقبل»… فإنّ الحريري أثبت انه زعيم وطني بامتياز والمسلم الأول في لبنان.
وبالرغم من ان أقرب الناس منه وأكثرهم استفادة من الحريري الأب ومن الحريري الابن، قبض مبلغ 20 مليون دولار في الانتخابات النيابية الأخيرة… فإنّ هذا الوريث غير الشرعي لم يستطع أن «يحصل» على نائب واحد في البرلمان.
كذلك، هناك أحد تجار السلاح والذي سرق مليار دولار من صفقات سلاح غير شرعية، وأدخل السجن ومعه وزير مالية دولة أوروبية. هذا التاجر دفع أيضاً 20 مليون دولار في الانتخابات نفسها، لكنه لم يستطع أن يحقق نجاح مرشح واحد من الذين رشحهم في هذه الانتخابات.
الرئيس سعد الحريري أثبت في الأمس أنه ليس زعيم أهل السنّة في لبنان فحسب، بل انه أصبح أكبر زعيم وطني لبناني والرقم واحد في هذا الوطن.
ما جرى في الرابع عشر من شباط كان استفتاءً شعبياً، أكد فيه الشعب اللبناني، «المسلم والمسيحي»، أنّ الرئيس سعد الحريري هو زعيم وطني بامتياز، بل هو الرقم واحد إنْ أراد أو لم يرد الرئيس سعد الحريري.
كان يُقال: إنّ الموت مع الأيام يجعل الناس ينسون.. ولكن كما ان لكل قاعدة شواذ، فإنّ اغتيال الرئيس رفيق الحريري كسر تللك المقولة.
باختصار، لا يمكن لإنسان أن يفعل الخير ويعلّم 35 ألف تلميذ جامعي في جميع بلدان العالم: من أميركا الى أوروبا الى لبنان، إلاّ ويستحق أن يذكره الناس دائماً ولا ينسون «جميله»، فمن يزرع يحصد ما يزرعه، والحريري زرع الخير فلا يمكن إلاّ أن يحصد الخير.
هناك بعض التساؤل عن المقابلة التي أعطاها الرئيس سعد الحريري لتلفزيون «العربية»: بكل صراحة يجب أن يعلم الناس أنّ محطة «العربية» تأسّست عام 2003 اثناء قرار الرئيس جورج بوش غزو العراق، يومها كان الامير عبدالعزيز بن فهد في بيروت، وكان معه الرئيس رفيق الحريري… يومها بالذات ولدت فكرة أنه يجب إنشاء محطة تلفزيون سعودية غير رسمية، تنافس محطة «الجزيرة» القطرية. وبالفعل رصد مبلغ 2 مليار دولار لإنشاء تلك المحطة، والرئيس الحريري دفع 200 مليون دولار ثمن 10% من المحطة… لكن القسم الأكبر دفعه الأمير عبدالعزيز بن فهد… كذلك دفع الشيخ وليد الابراهيم خال الامير عبدالعزيز 300 مليون دولار ثمن 15% من التأسيس. هذا هو السبب الأول…
أما السبب الثاني، فإنّ الرئيس سعد الحريري لا يمكن أن ينسى فضل المملكة العربية السعودية على والده وعليه، بدءاً بالملك فهد رحمة الله عليه، والملك عبدالله رحمة الله عليه.
أما بالنسبة لعودة الرئيس الحريري للسياسة في لبنان، فلا يزال هناك وقت، خصوصاً أنّ الأوضاع في لبنان اليوم تمر بمخاضٍ عسير، ويجب الانتظار كي يتبيّـن الخيط الابيض من الخيط الأسود. وبالفعل لا يهم ما يقوله الرئيس الحريري، لأنّ من يعرفه حقيقة، يعلم انه عندما يدعوه نداء الواجب فإنه لن يتأخر، فمهما حدث بين الحريري وبين المملكة يبقى ان قوة العلاقات وتاريخها راسخة ولا يمكن أن يصح إلاّ الصحيح.
كلمة أخيرة، لا بد من التوقف أيضاً عند العشاء الذي حصل في «بيت الوسط» للزعيم سليمان فرنجية، هذا يؤكد ان الزعماء الحقيقيين لا شيء يمكن أن يفرقهم خصوصاً عندما يكونون زعماء حقيقيين لا زعماء «شغل تايوان».