خاص الهديل
بقلم: ناصر شرارة
خلال نحو أسبوع تواصل الرئيس الأميركي جان بايدن مرتين إثنتين مع نتنياهو بواسطة المحادثة الهاتفية؛ وكل واحدة من هاتين المحادثتين استغرقت من الوقت نحو ٤٠ إلى ٤٥ دقيقة، وهو وقت يعد طويلاً نسبياً.
وقبل هاتين المحادثتين الهاتفتين المتتاليتين، كان ساد صمت هاتفي بين بايدن ونتنياهو لنحو شهر؛ وتم وصف هذه الفترة بأنها فترة القطيعة السياسية بينهما. ولم ينته جفاؤهما هذا، إلا بعد أن تم تحديد موعد لإستئناف تهاتفهما في أواخر الشهر الماضي. وعليه، صارت العلاقة بين بايدن ونتنياهو يمكن قياس درجة صفائها أو جفائها من خلال تتبع حركة تواصلهما أو عدمها، على “الهاتف الساخن”؛ وليس من خلال حضور وزير الخارجية الأميركي بلينكن أو مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلى تل أبيب.
ومع نتنياهو، وجدت أدوار بايدن أن ثمة حاجة لقلب الاعتبارات؛ بحيث بات ما يسمى “بالهاتف الساخن” الذي لا يستعمل إلا لتأمين التواصل في “الأوقات الحرجة” بين البيت الأبيض ورئيس كابينيت الحرب الإسرائيلي؛ هو الأسلوب المعتمد وشبه الدائم بينهما، لتسيير العلاقة وتنسيقها في هذه المرحلة بين تل أبيب وواشنطن، وبالتحديد بين بايدن ونتنياهو.. وهذا سلوك يعكس المعاني التالية:
– ان بايدن يخوض مع إسرائيل حرباً في زمن انتخابات؛ وهذا توقيت خطر على فرصه لتجديد رئاسته لولاية ثانية؛ ولذلك يبدي بايدن حرصاً على مواكبة خطوات نتنياهو في مستنقع غزة السياسي والعسكري والأخلاقي، خطوة بعد خطوة؛ خوفاً من ارتكابه (أي بايدن) “خطوة ناقصة كبيرة” تسفر عن أضرار لا تقتصر عليه، بل تصيب أيضاً بايدن المرشح للرئاسة الثانية والموجود في هذه اللحظة تحت مرمى انتقادات الجمهوريين وجيل الشباب الديموقراطيين المعادين لحرب نتنياهو في غزة.
– ان علاقة الإدارة الأميركية مع إسرائيل في زمن قيادة نتنياهو لها، وفي مثل هذا التوقيت الأميركي الإنتخابي الحساس، توجب على الرئيس الأميركي أن يخضعها لعناية خاصة.. مرد ذلك أن نتنياهو، يعتبر في العمق جزء من واقع الصراع القائم داخل الولايات المتحدة الأميركية بين الجمهوريين الترامبيين (نسبة لترامب) وبين الديموقراطيين.
.. ومن منظار بايدن فإن نتنياهو كالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يعتبران من أبرز حلفاء ترامب اللذين يعملان بالسر من أجل عودته للبيت الأبيض.
ووالواقع أن كلاً من بوتين ونتنياهو، يحاذران – بغض النظر عن اختلاف موقعهما – من القيام بأي تصرف علني في هذه المرحلة، يشي بأنهما يمارسان دعماً لجهد ترامب الإنتخابي، وذلك خشية أن يدعي عليهما الديموقراطيون بأنهما يتدخلان في الوضع الداخلي الانتخابي الأميركي.. ولكن بالعمق فإن كلاً منهما (نتنياهو وبوتين) مقتنعان بالكامل بأن نسبة ٩٠ بالمئة من أزمتهما الحالية العميقة، سوف تبدأ بأخذ طريقها للحل في اللحظة التي يضع فيها بايدن قدمه خارج عتبة البيت الأبيض، ويدخل ترامب إلى البيت الأبيض.
وكان ترامب أشار منذ أكثر من شهرين، لهذا الترابط بين مصلحة كل من “حليفيه الجمهوريين” (بوتين ونتنياهو) من غير حاملي البطاقة الحزبية الجمهورية؛ عندما قال أنه لو كان في البيت الأبيض لأنهى حرب أوكرانيا بظرف ٢٤ ساعة، ولكان أيضاً منع حصول عملية طوفان الأقصى من أساسها.
ان ترامب وبوتين ونتنياهو حلفاء، ولو من مواقع مختلفة، في معركة واحدة، وهي إخراج بايدن من البيت الأبيض؛ وهذا ما يفسر التسريبات التي تقول أن نتنياهو يؤجل إنهاء الحرب لغاية خروج بايدن من البيت الأبيض وحلول ترامب مكانه؛ وهو الذي يؤشر لماذا صعّد بوتين في هذا الوقت المطل على بدء الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية، هجومه ذا الدلالة الإستراتيجية، للسيطرة على بلدة افدييفكا الواقعة في القسم الذي تعتبره روسيا تابعاً لها، في أوكرانيا.