ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن تبادل إطلاق النار بلا هوادة بين إسرائيل وحزب الله على بُعد خطوة من اندلاع حرب شاملة، فرض واقعاً سريالياً على سكان المجتمعات الواقعة في أقصى شمال إسرائيل، مشيرة إلى أن “هذا الواقع ليس ناتجاً فقط عن الصواريخ بل على الخوف وضعف الثقة بالجيش الإسرائيلي”.
ويقول التقرير إنه “على الطريق الذي يربط كيبوتس مسغاف آم بموشاف مارغاليوت وكيبوتس منارة، لا يكاد يكون هناك أي حركة مرور”، وأضاف: “من الخطر جداً القيادة هناك. حركة المرور خفيفة بين مارغاليوت والمنارة إلى الجنوب على طريق جانبي يعتبر أكثر أماناً. ومع ذلك، فإن لدى تلك الطريق نقطة ضعف واحدة.. بضع مئات من الأمتار منها مكشوفة حيث يوجد خط رؤية مستمر بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي ويمكن استخدام الصواريخ المضادة للدبابات في أي وقت. المسافرون على هذا الطريق يعزون أنفسهم بمعرفة أن أنظمة حزب الله للصواريخ المضادة للدبابات تواجه صعوبة في التعامل مع الأهداف سريعة الحركة”.
ووصف التقرير يوم الأربعاء الماضي، بـ”أكثر الأيام توتراً” عند الحدود الإسرائيلية اللبنانية منذ بدء حرب غزة يوم 7 تشرين الأول الماضي، وأضاف: “باستثناء وقف إطلاق النار الذي استمر أسبوعاً في نهاية تشرين الثاني، والذي تم خلاله إطلاق سراح الرهائن في غزة، لم يتوقف القتال في الشمال للحظة. جذبت مذبحة حماس ضد المجتمعات الإسرائيلية على حدود غزة والهجوم الإسرائيلي معظم الانتباه إلى الجنوب، ولكن لا يمر يوم من دون إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ والطائرات الهجومية بدون طيار من لبنان إلى إسرائيل. لا يمر يوم دون ضربة جوية قوية على الأراضي اللبنانية”.
وأكمل: “بعد هجمات شنها الجيش الإسرائيلي وقتلت 9 مقاتلين من حزب الله والجهاد الإسلامي في لبنان يوم الثلاثاء، أطلق حزب الله وابلاً من الصواريخ على منطقة صفد صباح الأربعاء. حينها، قُتلت جندية إسرائيلية عندما سقط صاروخ على مقر القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي وجرح ثمانية أشخاص آخرين. إثر ذلك، رد الجيش الإسرائيلي بسلسلة من الهجمات المكثفة على أهداف حزب الله”.
وتابع: “هذه التبادلات، على بعد خطوة من الاندلاع في حرب شاملة، فرضت واقعاً سريالياً على إسرائيل. منذ البداية، في يوم المجزرة، بدأ السكان بالقرب من السياج الحدودي مع لبنان بالإخلاء. في الأيام التالية، غادر آلاف السكان الشماليين منازلهم بناء على تعليمات الدولة، من منطقة يصل عرضها إلى خمسة كيلومترات داخل الأراضي الإسرائيلية. الإجلاء شمل كريات شمونة، التي أفرغت بالكامل تقريباً من سكانها. وفي يوم الثلاثاء، أصيبت أم وابنها بجروح بالغة بصاروخين مضادين للدبابات. في نهاريا، على النقيض من ذلك، قررت المدينة عدم إجلاء سكانها. ونتيجة لذلك، نجح هجوم حزب الله في فرض نوع من الحزام الأمني داخل إسرائيل”.
وأكمل: “المنطقة التي رآها الكثيرون في إسرائيل على أنها الأجمل في البلاد، خلال أجمل موسم أخضر وازدهار، مهجورة. في زيارة إلى هناك يوم الاثنين، بدا مسغاف آم والمنارة مثل كيبوتسات الأشباح”.
وأردف: “بصرف النظر عن جنود الاحتياط، فإن بعض الأشخاص الوحيدين على طول الحدود هم منسقو الأمن وأعضاء الكيبوتس الذين يشكلون فرق المراقبة. غرفة حرب Misgav-Am عميقة تحت الأرض، في ملجأ قديم ربما بني في السبعينيات من القرن الماضي. أحد متطوعي فريق المراقبة مخضرم للغاية، شارك في إطلاق سراح الرهائن خلال الهجوم على مركز تمهيدي في الكيبوتس في عيد الفصح عام 1980، والذي قتل فيه سكرتير الكيبوتس وطفل صغير وجندي”.
وقال: “إن علامات الدمار في هذه المجتمعات والطرق المؤدية إليها واضحة، ومعظمها ناجم عن صواريخ حزب الله المضادة للدبابات وقذائف الهاون وقذائف الكاتيوشا التي أصابت عشرات المنازل. لكن الجيش الإسرائيلي ترك أيضا ندوباً على الكيبوتسات والموشافيم على طول السياج. وبعد أكثر من أربعة أشهر من القتال، تحولت المجتمعات المحلية إلى قواعد عسكرية مرتجلة. الدبابات وناقلات الجنود المدرعة ألحقت أضرارا بالطرق وبوابات الدخول والبنية التحتية. غالباً ما يتعامل الجنود مع المنازل على أنها ملكهم، مما يترك أضراراً كبيرة. الدخول إلى المنازل غير خاضع للإشراف ولا يتحمل أي مسؤول عسكري المسؤولية عن الممتلكات. إن الاهتمام بالأضرار التي تتعرض للقصف بطيء ومرهق، مما يثير إحباطا كبيراً بين السكان بسبب لامبالاة جيش الدفاع الإسرائيلي”.
وذكر التقرير أيضاً أن “حزب الله” يهدف بشكلٍ أساسيّ إلى ضرب المواقع الأمامية والجنود، ولكن عندما ينتهي اليوم في الغالب ولا يتوفر هدف عسكري، تكتفي خلايا الحزب باستهداف المدنيين، على حد مزاعم “هآرتس”.
تلفت الصحيفة إلى أنه “في المواجهة الحالية، أظهر حزب الله وسيلة قتالية جديدة، وهي صواريخ ألماس الموجهة المضادة للدبابات الإيرانية الصنع التي يبلغ مداها 10 كيلومترات، مقارنة بمدى 6 كيلومترات لصواريخ كورنيت الروسية المخضرمة المضادة للدبابات”.
وتابعت: “لقد غادر سكان الحدود الشمالية بعد مشاهد المجزرة في الجنوب والخوف من أن تقوم قوة الرضوان التابعة لحزب الله بتنفيذ هجوم مماثل. أي شخص شاهد على شاشة التلفزيون كيف تم كسر البوابة الصفراء في الجنوب من قبل مسلحي حماس، يمكنه أن يتخيل رعباً مماثلاً يحدث في المجتمعات الشمالية بسبب حزب الله”