الهديل

حرب نتنياهو على رفح ستضع لبنان أمام أولويات خطرة: هل “الحرب الثالثة” ستسبق “الترسيم الثاني”؟

 

خاص الهديل

بقلم: ناصر شرارة 

يسود صمت الأموات على الجهود الهادفة لتحريك ملف انتخابات رئاسة الجمهورية؛ فالخماسية في سبات عميق؛ ومحركات رئاسة مجلس النواب تعبت من تكرار جلسات الانتخاب التي لا تسفر عن انتخاب فخامة الرئيس العتيد؛ والرهان الإقليمي على حدوث هدنة جديدة في غزة خلال هذا الشهر تؤدي إلى انطلاقة قوية في الملف الرئاسي اللبناني، أحبطه موقف بنيامين نتنياهو المصرّ على مواصلة الحرب والدخول إلى رفح!!.

وما بات مطروحاً الآن هو انتظار تطورات جديدة تقع داخل العنوان التالي العريض المطروح بإلحاح ومفاده كيف سيتطور الوضع على الجبهة بين حزب الله وإسرائيل، في ظل انسداد الأفق السياسي لحرب غزة، وفي ظل توقعات استمرار الحرب هناك؛ وعليه، فإنه لم يعد العنوان المطروح حالياً هو ذاته الذي كان مطروحاً في بدايات هذا الشهر، والذي تميز بتفاؤل كبير؛ وكانت نقاطه الأساسية كما طرحها هوكشتاين خلال مكوثه مؤخراً في إسرائيل، هي التالية: 

أولاً- وقف نار بين الحزب وإسرائيل يستتبع وقف النار في غزة.. 

ثانياً- بدء التحضير لانتخاب فخامة الرئيس العتيد بالتوازي مع بدء تنفيذ القرار ١٧٠١ على جانبي الحدود وفق الخطوات التالية: الخطوة الأولى تنفذها تل أبيب ومفادها وقف نار من جانبها يسبق وقف النار من جانب حزب الله؛ الخطوة الثانية ينفذها حزب الله وبموجبها يبتعد مسافة مدى صاروخ الكورنيت عن حدود لبنان مع فلسطين المحتلة؛ الخطوة الثالثة ينفذها الجيش الإسرائيلي من خلال ابتعاده نفس المسافة عن الحدود مع لبنان. ثم تبدأ مفاوضات مكوكية لهوكشتاين لتلبية تحفظات لبنان ال١٣ على الخط الأزرق؛ ويتم الإتفاق على وضع ملف مزارع شبعا بعناية الأمم المتحدة لحين توفر ظروف معالجة ثلاثية الأطراف لهذا الملف (سورية ولبنانية وإسرائيلية)؛ وتنسحب إسرائيل من القسم اللبناني من قرية الغجر؛ وبهذه الأثناء يعود مستوطنو الشمال ال٧٠ ألفاً إلى مستوطناتهم في إصبع الجليل وتخومه؛ فيما يعود النازحون اللبنانيون إلى قراهم الحدودية. 

وبالتوازي مع تنفيذ هذه الخطوات يتم في الداخل اللبناني خطوتان أساسيتان، الأولى انتخاب فخامة الرئيس الذي سيستفيد عهده من النتائج السياسية والاقتصادية الناتجة عن الحل الجديد للحدود البرية اللبنانية مع إسرائيل؛ والخطوة الثانية تتمثل بالإعلان عن تقديم “وديعة وهبة مالية عربية كبيرة” للبنان لمساعدة العهد الرئاسي الجديد وحكومة العهد الجديد في ثلاثة ملفات أساسية: ١- استرداد أموال المودعين في المصارف اللبنانية؛ ٢- إعادة إعمار ما هدمته المواجهات العسكرية في منطقة الحدود الجنوبية مع دفع تعويضات للمتضررين؛ ٣- تصحيح الوضعين المالي والاقتصادي اللبناني ورفع أية عقوبات مفروضة على لبنان. 

هناك في هذه الآونة جدل حول ما اذا كان هذا الإتفاق انتهى، وأصبح رماداً، أم أنه لا يزال سارياً بانتظار وقف النار في غزة؟؟.

المعلومات متضاربة على هذا الصعيد؛ حيث هناك معلومة تقول أن الإتفاق مبرم بنسبة عالية منه، بدليل ما قاله جبران باسيل مؤخراً عن أن المسيحيين يرفضون إبرام اتفاق حول الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل بواسطة واشنطن، لا يوقعه رئيس الجمهورية العتيد!! ويعني كلام جبران هذا، أن الأخير لديه معطيات تقول أن اتفاق الحدود البري نضج، ولم يبق إلا توقيعه؛ كما أن رد حزب الله على كلام جبران كان لافتاً؛ فالحزب لم ينكر وجود اتفاق أو تفاهم على اتفاق، بل قال أن ترسيم الحدود البرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، ليست بحاجة للتفاوض إبرام اتفاق لتوقيعه، كون الحدود مرسمة وكل المطلوب تنفيذها من قبل إسرائيل. 

وبالخلاصة، فإن كرة الحل والحرب موجودة اليوم في ملعب مسار قطار النار الذاهب نحو رفح؛ ففي حال نفذ نتنياهو خطته باقتحام رفح فيلادلفيا، فإن ذلك سيقلب عناوين المرحلة المقبلة في كل المنطقة، وبضمنها العناوين الداخلية والحدودية في لبنان؛ وسيصبح للعنوان الأول هو: هل تدق ساعة الحرب بين الحزب وإسرائيل؛ والعنوان الثاني ما هي حصة لبنان من تداعيات نكبة التهجير الثانية الفلسطينية؟؟. 

وبانتظار تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود في ملف رفح، فإن السؤال المقلق الذي يفرض نفسه على لبنان، هو هل ستسبق “الحرب الثالثة” (حرب ٢٠٠٦ يسميها الإسرائيليون الحرب الثانية) حل “ترسيم الحدود البري الثاني”، أم العكس؟؟.

Exit mobile version