الهديل

الدكتور نادر سراج القى محاضرة بعنوان ارتقاء العلوم والصنائع والفنون في بيروت في مقر جمعية متخرجي المقاصد الاسلامية

القى الدكتور نادر سراج محاضرة بعنوان ارتقاء العلوم والصنائع والفنون في بيروت في مقر جمعية متخرجي المقاصد الاسلامية في بيروت – الصنائع

بحضور رئيس الجمعية النائب ابراهيم منيمنة ورئيس مجلس الخدمة المدني الاستاذة نسرين مشموشي والنائب السابق امين عيتاني ورئيس تحرير صحيفة اللواء الاستاذ صلاح سلام والسفير هشام دمشقية وعضوي مجلس بلدية بيروت المهندس محمد سعيد فتحة ويسرى صيداني ورئيس بلدية بيروت السابق الدكتور بلال حمد وامين عام المحامين العرب السابق عمر الزين ورئيس مجلس ادارة مرفأ بيروت السابق المهندس عصام بكداش ورئيسي اتحاد العائلات البيروتية السابقين الدكتور فوزي زيدان ومحمد يموت ورئيس الجمعية الدكتور محمد مازن شربجي وثلة من مثقفي بيروت واعضاء الهيئة الادارية ومتخرجات ومتخرجين،بعد افتتاح اللقاء من رئيس اللجنة الثقافية الاستاذ مروان كعكي

استهل الدكتور نادر سراج بالقول إن كتابه الجديد بيروت جدل الهوية والحداثة يتناول جدل الهُوية والحداثة من منظور تغيّر العيش وارتقاء العلوم والصنائع والفنون. وبيّن منهجه المتمثل بدرس تاريخ بيروت الاجتماعي ونمطَها الثقافي وطُرُزَها العمرانية، كي لا تبقى الحقائق والتواريخ الشفهية والسرديات الصغرى طيَّ التغييب وأسيرةَ المشافهة والذاكرات الفردية، وكي يعي أهلها وقاطنوها أنها معمورةٌ ببشرٍ من لحمٍ ودم بقدر ماهي مبانٍ وعمائر. فإنسانها الذي عَمَرَ أرضَها وشيّدَ منشآتٍ تنمويةً (صنايع مكتبى أو مدرسة الصنائع والفنون، الكازينو الجديد أو قصر الصنوبر، القشلة أو السراي، والخستخانه أو المستشفى العسكري، الساعة الحميدية،…)، متعيّنٌ داخل الموطن والمكان وداخل الثقافة والحضارة. وتحدث عن معالم النهوض التعليمي الرسمي والأهلي (مدرسة الصنائع، مدارس المقاصد والليسيه والعاملية والراهبات).

 

شدد مؤلّف كتاب أفندي الغلغول (2013) على هوية بيروت “أنيسة ُالمدن”، و”أمّ الشرائع”، و”مرضِعة العلوم”. فهي تمتلكُ حياةً وعراقةً وقيمًا وانتظامًا، والمدنُ التي خرجت من أسوارها وإسارِ فئوياتها العرقية والطائفية، وهي منها، أضحت ملاذاتٍ حضريةً سماتُها التسامحُ مع الآخر والتصالحُ مع الذات. يتّسعُ فضاؤها الرحب اللجميع، ولا تحدّها تخومُ الجغرافيا والتاريخ واللغات واللهجات.

وفصّل كيفيات تقبّل أهلها مخرجات الحداثة الوافدة. اكتشفوا “أن التلفون كالأوتوموبيل شيء جديد في سورية وهما ابنا الحرب العامة”. اندهشوا بمخترعات العلم الميكانيكي الوافد، وأذهلتهم تقنياتُ التراسل التلغرافي والهاتفي واللاسلكي (سحر إلهي وأعجوبة المخاطبات ومن عجائب الفن الجديد). سحرتهم مظاهرُ الفَرْنَجَة، واستهوتهم موضةُ “عَ الفرنكا”. وسرعان ما تراجعت القيافة العثمانية أمام زحف الموضة الأوروبية. فسعت نخبُهم لالتزام قواعد “الذوق العصري” و”الشياكة الفرنسية” في المظهر والملبس وفي التدخين الذي بات من لزوميات التمدين. استقبلوا المخترعات بشغف، في حين شيطنها وأبلسها كثرٌ (في الجبل نعتوا السيارة: “عربة النار” و”أوايل بليس”). وفي بيروت وصفوا الترامواي بـِ”عربة الشيطان” في حين اعتبره الشاعر عبد الرحيم قليلات (علب سردين)، وانتقد رفع أسعار تذاكره، وما فاتُه نظمُ نشيد “التدريس العلماني” الذي رأى فيه روحيةَ التلاقي بين ناشئة الوطن: تدريسًا علمانيًا… العدلُ مناهُ، ومذهبُه… المسلمُ خِدْنُ النصراني”.

وذكر أن جديده ومُفيده يتمثلان بشمول رؤيته العمرانية والاجتماعيّة والأنثربولوجيّة شؤون المجتمع المديني، وفي مقدّمها التعليم (مناهج سياسات ومعاهد ولغات وثقافات). ودعا للتبصّر في مخبوءات التاريخ الاجتماعي. وبيّنَ أهمية الشواهد والمسموعات والمرويات والصور الفوتوغرافية ووثائق الأحوال الشخصية والمذكرات والمراسلات والبطاقات البريدية والتلغرافات “إنترنيت القرن التاسع عشر”.

وختم بفكرة للمستشرق الفرنسي فرانك مرميه: “إن صدورَ هذا البحث التاريخي واللساني الاجتماعي في هذه الفترة التي تلي انفجار المرفأ في 4 آب 2021، يتخذُ أهميةً كبيرة. إذ ستكون له أهميةٌ كبيرة في تاريخ المدن في العالم العربي في الحدّ من التصدّعات المتعددة التي يعانيها مخيالُ سكان المدينة. وهو عندما يعيدُ بناءَ هذا الماضي المشترك بهذه الطريقة الرائعة فإنه يشيّدُ من أجل سكان بيروت “مكانًا للذكرى” الإنسانية التي تلامس وجدانهم

Exit mobile version