الهديل

خاص الهديل: هكذا يبني محمد الشياع السوداني استقرار العراق.. ويسجل نجاحاً حيث فشل الآخرون..

 

 

خاص الهديل

كتب بسام عفيفي:

لقد نجح رئيس الحكومة العراقية محمد الشياع السوداني في الإمتحان الذي كان مصيدة للكثير من زعماء العراق منذ العهود الملكية، وهو إعطاء أقوى المؤشرات بأن القيادة السياسية عازمة على إشراك الشعب بخيار الاستقرار .. في كل العهود العراقية السابقة كان القمع هو خيار القيادة السياسية لفرض الإستقرار.. ففي عهد صدام حسين كان الإستقرار كقشرة رأس الجليد الرقيقة التي يتجمع تحتها براكين من الكبت الشعبي والاحتقان الوطني.. وبعد دخول العراق مرحلة ما بعد الغزو الأميركي للعراق، ساد بلد الرافدين نوعاً من “الأمن الممسوك” وليس المتماسك؛ أو ما يمكن تسميته بالأمن غير المستديم أو بالأمن المستعار.. ما يميز أداء الرئيس محمد الشياع السوداني هو قراره بمشاركة الشعب بصياغة خيار الاستقرار، فالشياع هو نموذج غير مسبوق من الزعماء العراقيين الذي يؤمن بأن الإستقرار هو خيار ديمقراطي تصنعه الدولة الرشيدة بالتشاور مع الشعب؛ ومن هنا جاءت استطلاعات الرأي التي نفذتها الحكومة العراقية مؤخراً بصدد قضايا استراتيجية تخص أمن العراق على غير مستوى. 

إن أهمية هذه الاستطلاعات للوقوف على آراء المواطن العراقي، تكمن في الفكرة الكامنة ورائها وهي أن قيادة السوداني تبحث عن استقرار ينطلق من: القاعدة حيث توجد تطلعات الناس “إلى” أعلى حيث يتم تجسيد الإرادة السياسية للناس”، وليس العكس.

بهذا المعنى يبدو أن رئيس الحكومة العراقية السوداني يقدم منهجية تشاركية مع الشعب، هدفها الاستراتيجي هو أن يكون لدى الأخير (أي الشعب) ثقة بالدولة التي عاشت أهوال الشكوك والتشكيك بها، لعقود خلت.. إن أهم إنجاز يسير إليه السوداني بنجاح كبير هو مشروع استعادة ثقة المواطن العراقي بدولته؛ واستعادة ثقة الشعب بقدرة وطنهم على النهوض والتقدم والإصلاح..

والواقع أن الأولويات التي وضعها السوداني كي تكون هي مشروع حكومته، كلها بنود تخدم فكرة مشروعه بخصوص “استعادة الثقة من قبل الشعب بدولته، ومن ثم ترميم هذه الثقة وتحصينها وتحويلها إلى إرادة وطنية عراقية جامعة وصلبة.

إن السوداني يسير بإيمان وبثقة نحو تحقيق هذا المشروع؛ وهذا ما يفسر لماذا رتب أولويات حكومته التي يستمر بممارستها على النحو التالي:  

 ١- مكافحة البطالة؛ ٢- تقليل نسب الفقر؛ ٣- مكافحة الفساد؛ ٤- الإرتقاء بالخدمات؛ ٥- إصلاح الاقتصاد. 

إن كل هَم أعداء العراق – بغض النظر عن جنسياتهم أو ميولهم – إنما ينصب بخاصة على وضع أعينهم على هدف واحد؛ وهو منع السوداني من تحقيق أهدافه الخمسة الواردة أعلاه؛ وقبل ذلك وبعد ذلك، منعه من إرساء نهج مشاركة الناس عن طريق الاستطلاعات والتفاعل مع متطلباتها، بصياغة القرارات الإستراتيجية الكبيرة.. 

خلال حرب غزة مرّ العراق بامتحان عصيب نتيجة تداعياتها عليه. لقد انزلق العراق إلى حافة الحرب، وظهر أن التموضعات المتقابلة ذاهبة لصدام أكيد، ولكن مواقف السوداني التي لم تكسر الدولة من جهة ولم تحنث بالتزامات العراق الدولية من جهة ثانية، ولم تساوم على سيادة العراق من جهة ثالثة، ولم تبتعد قيد شعرة عن التزام العراق القومي بدعم فلسطين من جهة رابعة؛ جعلت العراق يخرج من أزمة حدوث صدام كارثي دولي وإقليمي فوق أرضه؛ والحق يقال أن هذه أول أزمة إقليمية دولية تحدث على أرض العراق منذ عقود طويلة تنتهي بخروج العراق منتصراً على حساب جميع الآخرين المنخرطين بهذه الأزمة.. لقد ربح العراق سيارته وربح فوزه بحرية قراره الذي يعطي أولوية لمصالح العراق على حساب كل الآخرين..

إنه عراق السوداني الذي يقف بثبات، ويتحرك بثقة نحو طرق عديدة تتفرع من الموقع الجيوسياسي والتاريخي الهام الذي يقع فيه..

Exit mobile version