خاص الهديل
بقلم: ناصر شرارة
على حلبة الملاكمة يقف بنيامين نتنياهو وبمقابله يقف يحيى السنوار.. حتى اللحظات القليلة السابقة كانت تجري بينهما قتال حر حتى الموت، من دون حكم يراقب التزامهما بقانون لعبة الملاكمة.. غير أن الرئيس الأميركي بايدن قرر منذ أيام فقط، وبعد مرور نحو أربعة أشهر، أن يؤدي دور الحكم، وأن يجعل صافرته أقوى من ضجيج نتنياهو فوق الحلبة.
وحالياً بات يقف فوق حلبة الملاكمة في غزة ثلاثة أشخاص: السنوار ونتنياهو وإليهما انضم بايدن بدور الحكم.. كل المؤشرات تقول أن الملاكمين ومعهما الحكم، أُرهقوا جميعاً؛ وعبثاً سيحاول أي منهم تحقيق هدفه الأساس الذي وضعه عند إطلالة شمس ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. نتنياهو لن يستطيع القضاء لا على السنوار ولا على حماس، والأخيرة لن تستطيع بعد اليوم التفرد بحكم غزة، أضف أن السنوار قد يختار لنفسه أن يصبح مرشداً ثورياً لحماس بدل أن يكون رئيساً لها؛ وبايدن مهما حاول الآن أمام تقدميي الحزب الديموقراطي، ارتداء ثوب الحريص على عدم سفك دماء الفلسطينيين الأبرياء، إلا أنه سيصطدم بأن الوقت فاته كي يظهر أنه نجح بأن يفرض على إسرائيل الإلتزام “بقواعد الحرب” في منازلة غزة!!.
ما يحدث اليوم هو أن حرب غزة دخلت مرحلة استدراك الوصول إلى “الوقت الخطر”؛ وعليه فإن ما يجري حالياً هو محاولات تحاشي اصطدام قطار المنطقة بمن فيه وبكل ما يحمل، بجدار الكارثة والانفجار الذي لا إمكانية للسيطرة على تداعياته: المقصود هنا هو وقت شهر رمضان الذي سيصبح بلا شك – حسب معظم التوقعات – شهر “طوفان الشعوب الإسلامية” حول العالم ضد استمرار جريمة غزة، وضد اضطهاد المسجد الأقصى؛ وأيضاً وقت بايدن الضيق مع فرصة اقتناص الدقيقة الأخيرة لإقناع مسلمي الولايات الأميركية المتحدة بأنه يفعل شيئاً لوقف النار في غزة وأنه يستحق صوتهم الوازن هذه المرة في انتخابات الرئاسة؛ ووقت الفلسطينيين الذي أصبح أمام اختبار التنازل لبعضهم بدل أن يتنازلوا لنتنياهو ولتسوية تأخذ أرضهم ولا تعطيهم حكماً؛ ووقت نتنياهو الذي يستطيع أن يتحمل غضب أهالي الأسرى الإسرائيليين لكونه تقاعس عن إطلاقهم من أيدي حماس، ولكنه بالتأكيد لا يستطيع تحمل التسبب بخلاف جدي مع البيت الأبيض، والإضرار بعمق بعلاقة إسرائيل الوجودية مع الولايات المتحدة الأميركية..
.. قصارى القول هو أن جميع أطراف حرب غزة؛ وجميع الأطراف العالقة داخل أزمة صعوبات وقف النار في غزة، أصبحوا حالياً بمواجهة الخوف من “خطر نفاد الوقت” أو ما يمكن تسميته باقتراب الوصول “للوقت الصعب” الذي يحمل معه “طوفانات شهر رمضان” المتعددة الفوهات، والمختلفة الأسباب؛ حيث كل “طوفان” منها يخص ظرف خاص، ويتعلق بإستحقاق مغاير عن الآخر!!.
يوم ١٣ حزيران ١٩٦٧ لم تنم رئيسة وزراء اسرائيل حينها غولدا مائير ليلتها وقالت أن سبب قلقها نتج عن سؤال مرعب سكن رأسها كل الليل ومفاده كيف سيستقبل المسلمون عند الصباح خبر احتلال إسرائيل للمسجد الأقصى؟؟ تخيلت مائير أنه مع بزوغ الفجر سيخرج ملياري مسلم حول العالم إلى الشوارع احتجاجاً ومناداة بالجهاد..
ولكن في صباح اليوم التالي استيقظت مائير على يوم هادئ، ولم تحدث ردة فعل مئات ملايين المسلمين التي توقعتها.
صباح ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ أي بعد نحو ٥٦ سنة، أكدت عملية طوفان الأقصى صحة ما توقعته غولدا مائير.. وحالياً في حال لم يتم إبرام اتفاق هدنة لوقف حرب غزة قبل شهر رمضان، فإن توقع غالانت عن أن هذا الشهر سيشهد “طوفان أقصى ٢” في محله…
جرس الإنذار الذي يتم قرعه اليوم في العالم يقول الرسالة التالية: إحذوا أن يكون شهر رمضان ٢٠٢٤ هو شهر طوفان مسلمي العالم من أجل الأقصى وغزة..