خاص الهديل
بقلم: ناصر شرارة
أعلن الرئيس الأميركي أنه سيبدأ بإنزال مساعدات غذائية لفلسطيني غزة المحاصرين والجائعين من الجو.. ويقدم بايدن مبادرته هذه ضمن خطاب ترويجي لا يزال يقدمه منذ بدء الحرب، وفحواه أن إدارته غير موافقة على قتل الفلسطينيين الأبرياء ولا على تجويعهم..
فمنذ الأيام الأولى لبدء حرب إسرائيل التدميرية على غزة، قدم بايدن شخصيّاً إلى إسرائيل وجلس مع وزراء كابينيت الحرب؛ وقال إن الإنسان يمكن أن يكون صهيونياً حتى لو لم يكن يهودياً..
وأيضاً ووجه بايدن إدارته باتجاه فتح الترسانة العسكرية الأميركية للاستجابة لخطط حرب تدمير غزة؛ ولكنه بنفس الوقت طالب تل أبيب بأن عليها أن تلتزم بقواعد الحرب!!.
واستمر بايدن من ناحية أخرى بإحباط محاولات العالم لوقف النار في غزة؛ وبدل ذلك اقترح التوصل لهدن متتالية هدفها الأساس إخراج الأسرى الإسرائيليين من أيدي حماس وبمقدمهم ٦ أو ٨ أسرى إسرائيليين من أصل أميركي.
واضح ان بايدن يحمي قرار إسرائيل بإستمرار الحرب على غزة حتى تحقيق هدف بات معلناً لدى تل أبيب ولدى واشنطن على السواء. وهو القضاء على حماس؛ وحتى أيضاً تحقيق أهداف غير معلنة أو أقله لا تزال غامضة، ولكن يوجد توافق سري عليها، بين إدارة بايدن وكابينيت الحرب الإسرائيلي.
سيحتاج المراقبون لبعض الوقت حتى تتكشف أمامهم النوايا الإستراتيجية الأميركية – الإسرائيلية البعيدة المدى الكامنة وراء حربهما على غزة؛ وبانتظار ذلك فإن مشهد حرب غزة سيظل يتفاعل تحت ضغط مناورتين إثنتين قاتلتين؛ الأولى مناورة إسرائيل العسكرية البرية والجوية والتدميرية الواسعة ضد غزة، والثانية مناورة بايدن السياسية الواسعة لتغطية مناورة إسرائيل العسكرية البرية التدميرية ضد غزة التي بدأت منذ نحو ٣ أشهر.
ولا شك أن أساس قوة الموقف الإسرائيلي المتثبث بإستمرار الحرب ومتابعة مناورة التوغل البري في غزة – حسب تسميتها الاسرائيلية – هو دعم مناورة بايدن السياسية له؛ فمن دون غطاء بايدن السياسي لا يمكن للكابينيت أن يبقى موحداً وراء قرار استمرار الحرب، والذي يتم الإستمرار به ولو على حساب الأسرى الإسرائيليين؛ فبايدن هو الذي يمنع خروج غانتس وايزنكوت من كابينت الحرب؛ وأيضاً بايدن هو الذي يمنع مجلس الأمن من أخذ قرار وقف الحرب في غزة؛ ومن بعد كل هذه المواقف لبايدن التي تحمي استمرار إسرائيل بالحرب؛ يتم تخريج صورة مزيفة تقول أن نتنياهو وحده هو من يريد الإستمرار بالحرب رغماً عن ما تريده إدارة بايدن “القلقة على مقتل المدنيين!!”، وعنوة عما تريده ثلاثة أرباع إسرائيل (أي عدا المتطرفين المتدينيين) التي تريد وقف الحرب.
وحالياً، وبمناسبة أنه مضطر لمراعاة حساباته الإنتخابية من ناحية، ومراعاة تجميل صورته بعد تعاظم مجازر حليفه الإسرائيلي في غزة من ناحية ثانية، يحاول بايدن الاستعانة بنفس التكتيات الإنسانية التضليلية التي اتبعها الجيش الأميركي خلال غزوه لأفغانستان؛ وذلك حينما قامت إدارة بوش الإبن في العام ٢٠٠١ بتوجيه أوامر للطائرات الأميركية بأن ترمي عبوات الطعام ومستلزمات الطوارئ مع منشورات دعائية تبشر بالحليف الأميركي؛ وذلك بنفس الوقت الذي تقصف فيه بالصواريخ الأفغان..
.. ومشهودة آنذاك العبارة التي قالها بوش الإبن تعليقاً على هذه التكتيكات: “على الشعب الأفغاني المظلوم أن يعرف كرم أميركا وحلفائها”!!
واليوم كل ما يريده بايدن من وراء إنزال عبوات طعام بالإضافة للصواريخ على غزة؛ هو القول “انه يجب على الناخب المسلم والعربي الأميركي في ميشغن أن يعرف مدى كرم بايدن”!!.