الهديل

خاص الهديل: يديعوت أحرنوت تحذر الإسرائيليين: “بابا بايدن” أوشك أن يغضب!!.

 

خاص الهديل

بقلم: ناصر شرارة

يديعوت أحرنوت، الصحيفة الأكثر انتشاراً في إسرائيل والتي بالعادة تعتمد على مصادر موثوقة؛ كتبت هذا اليوم تقول للإسرائيليين بأن مسؤولين أميركيين أبلغوها بأن الرئيس الأميركي بايدن ضاق صدره من نتنياهو، وأنه في حال تأكد من أنه (أي نتنياهو) يقوم بتعطيل مسار التفاوض على صفقة الأسرى مع حماس لأسباب ذات صلة بالحفاظ على مكانته داخل الساحة السياسية الداخلية الإسرائيلية؛ فإنه حينها – أي بايدن – سيذهب نحو “صدام مباشر” مع نتنياهو ومع إسرائيل!!؟. 

ولم يفصح هؤلاء المسؤولون عن طبيعة هذا “الصدام المباشر” الذي ينوي بايدن القيام به؛ والذي تحذر يديعوت أحرنوت الاسرائيلييين منه؛ ولكن اللافت أن الصحيفة أضافت داخل متن ذات الموضوع، تقول أن واشنطن – بحسب المسؤولين الأميركيين عينهم – أبلغوها بأن صفقة الأسرى التي يسعى بايدن لإتمامها سيكون لنتائحها آثاراً كبيرة على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وعلى وضع “حدود إسرائيل” مع لبنان، وستمهد الطريق نحو حل الدولتين، الخ.. 

والواقع أن تقرير يديعوت أحرنوت لهذا الصباح يشتمل على عناصر غير مفهومة، حتى لا يقال غير واقعية؛ وذلك لعدة أسباب؛ أولها لأنه ليس هناك سياسي واحد في الولايات المتحدة الأميركية ولا في إسرائيل، يصدق أن بايدن سيدخل “بصدام مباشر مع إسرائيل”، فبايدن الذي يعتبر أصغر سيناتور يدخل الكونغرس في الولايات المتحدة الأميركية، كان عمره ١٩ عاماً، والذي لم يخرج منه حتى أصبح أكبر رئيس لبلاد العم سام، لم يسجل عليه طيلة حياته السياسية المديدة هذه، أنه تراجع مرة واحدة ولو للحظة، عن دعمه الأعمى لإسرائيل..

وعليه، فإنه من غير الواقعية أن يعتقد أحد اليوم في العالم أن بايدن سيقدم على الخطوة التي لم يفعلها طوال حياته، بل التي فعل عكسها طوال حياته.. 

.. ولكن ما كتبته يديعوت أحرنوت هذا اليوم، يؤشر إلى أمر آخر وهو ربما بداية ولادة “عقدة ذنب” أميركية تجاه الفلسطينيين، وليس بداية صدام أميركي مع إسرائيل. ويمكن رصد هذا التحول الأميركي بإتجاه نشوء حالة “عقدة الذنب الفلسطينية” عنده، من خلال عدة مؤشرات. 

ويمكن تلخيص هذه الأسباب من خلال واقعة يرويها أحد المتقاعدين الدبلوماسيين الفلسطينيين الذي قرر السكن في أميركا، والذي له صداقات مخضرمة مع دبلوماسيي الخارجية الأميركية.. 

.. ويقول هذا الدبلوماسي الفلسطيني في مقابلة صحفية معه قبل أيام، أنه في كل مرة تقريباً يلتقي فيها بأصدقائه في الخارجية الأميركية يوجه إليهم ذات السؤال، وهو: لماذا يكره بايدن لهذا الحد الفظيع الفلسطينيين؟؟؛ ولكن الدبلوماسي الفلسطيني يقول أنه دائماً يتلقى نفس الجواب، وهو أنه يجب عليه أن يصحح طريقة طرحه لهذا السؤال؛ لأن السؤال الصحيح هو: لماذا بايدن يحب على نحو أعمى إسرائيل التي تكره على نحو أعمى الفلسطينيين!!.

إن العبرة من هذه القصة تفيد بأن المشكلة لا تقع في علاقة بايدن مع الفلسطينيين، بل في “طريقة حب بايدن الأعمى لإسرائيل؛ لأن هذه الطريقة العمياء تسمح للمتطرفين الإسرائيليين – وهم الأغلبية في إسرائيل – بأن يجيروا حب بايدن الأعمى على نحو يجعل كل جبروت القوة التي تملكها الولايات المتحدة الأميركية تنصب قتلاً وتدميراً على رأس الفلسطينيين المدنيين العزل من الأسلحة.

وضمن هذا السؤال بدأت الولايات المتحدة الأميركية تشهد اليوم، وعلى خلفية الصدمة بجرائم إسرائيل في غزة، اتجاهاً ثقافياً وليداً يقول أنه بات يجب وضع ضوابط لاستغلال إسرائيل البشع للتعاطف الأميركي معها؛ وأنه صار الوقت لمنع أي رئيس أميركي بأن يستعمل قوة التدمير الأميركي الهائلة في خدمة الكره الإسرائيلي للفلسطينيين. 

إن إشعال الضابط الأميركي قبل أيام النار بنفسه احتجاجاً على موقف بايدن من حرب غزة، هو إحدى أعراض “عقدة الذنب الفلسطينية” التي بدأت تتكور ككرة الثلج داخل المجتمع الأميركي.. 

وأغلب الظن أن موضوع يديعوت أحرنوت هذا الصباح كان مقصوداً، وهدفه الحقيقي والخفي هو امتصاص شعور الأميركيين بالغضب، وقطع هذا المسار الخطر من التحول داخل أميركا، وذلك من خلال إعطائهم – أي الأميركيين – “حبة تهدئة” فحواها أن بايدن بدأ بعد طول وقت، يشعر بالغضب من إسرائيل، وأنه يعتزم تغيير طريقة حبه لها؛ بحيث لا يعود حباً أعمى يقتل بلا سبب الفلسطينيين بسلاح أميركي صنع لحماية أميركا من أعدائها النوويين وليس الفلسطينيين العزل..  

وعلى وسائل التواصل الإجتماعي في العالم، وبخاصة داخل أميركا تنتشر كالنار في الهشيم، أغنية ولدت داخل وقت مأساة حرب غزة، بعنوان “عفواً يا بابا”؛ وهي تتحدث كيف أن العم سام من أجل ولده الظالم إسرائيل، يقتل الفلسطيني المظلوم بالصواريخ التي يدفع ثمنها دافع الضريبة المواطن الأميركي. 

قصارى القول في هذا المجال أن مجازر إسرائيل في غزة يتفاعل السخط عليها داخل المجتمع الأميركي بحيوية غير مسبوقة، وتشعل النار في ثياب بايدن العاشق الأعمى للظالم الإسرائيلي.

Exit mobile version