الهديل

خاص الهديل: ثلاثة خيارات تواجه المنطقة: هدنة توقف الحرب قبل رمضان.. أم تخفيف القتال خلاله.. أم طوفان رمضاني عارم…

 

 

خاص الهديل:

 

بقلم: ناصر شرارة

تم عالمياً تحديد “ساعة الصفر المرعبة” التي عند بلوغها ستتحول حرب طوفان الأقصى في حال استمرارها إلى “حرب طوفانات تسونامية” تُحيل المنطقة برمتها إلى جحيم من النار.

.. بعبارات مشابهة وصف الشاباك حالة الوضع فيما لو استمر على حاله عند دخول شهر رمضان، ولقد نصح الشاباك نتنياهو بعدم مسايرة بن غفير باستفزاز المسلمين خلال شهر رمضان؛ وقال تقدير موقف الشاباك المسؤول عن الأمن الداخلي في إسرائيل بالحرف لنتنياهو: “إحذر من اللعب بالنار”؛ وبنظر الشاباك أنه فيما لو طبقت إسرائيل قيود بن غفير على المصلين المسلمين في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان وفيما لو استمرت الحرب خلاله، فإنه سينشأ وضع في القدس ومناطق ٤٨ و٦٧ لا يمكن احتواؤه ولا السيطرة عليه.

غير أنه في واشنطن ينظرون إلى يوم ١١ مارس، وهو اليوم الأول من بدء شهر رمضان بوصفه الحد الفاصل بين مرحلة قي حرب غزة ومرحلة أخرى مغايرة تماماً ستبدأ وستتسم بتحول حرب طوفان الأقصى من حرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى حرب بين الإسرائيليين والأميركيين وبين ملياري مسلم حول العالم..

إن شهر رمضان بحسب التجربة الإسرائيلية معه، يؤدي دوراً مهماً في حث همم الفلسطينيين على رفع منسوب استعدادهم للمواجهة مع الاحتلال المغتصب لأرضهم ولمقدساتهم.. وتل أبيب اليوم ومعها واشنطن أيضاً، أصبحتا بمناسبة اقتراب حلول شهر رمضان الذي يتزامن هذا العام مع حرب المجازر في غزة؛ تقفان أمام ثلاثة خيارات استراتيجية وليست تكتيكية:

الخيار الأول هو استكمال حرب غزة بكل ما فيها من مجازر وإبادة للفلسطينيين من دون إعطاء أي اعتبار لرمزية شهر رمضان عند المسلمين، ومن دون التوقف عند قيم هذا الشهر التي يبثها بين المسلمين لجهة تعظيم الجهاد دفاعاً عن الأرض والعرض والدين، الخ.. ويقف على رأس هذا التوجه الداعي لتجاهل معنى رمضان داخل حرب غزة، معسكر أقصى اليمين في إسرائيل الذي من رموزه بن غفير الذي اقترح منذ أيام “إلغاء شهر رمضان!!”

نتنياهو حتى الآن، ومن خلال إصراره على تخريب مسار الهدنة التي تريد إدارة بايدن إبرامها، يبدو أنه منحاز لخيار إدارة الظهر لمعنى شهر رمضان عند المسلمين وإكمال الحرب في غزة ودخول رفح، الخ.. باختصار نتنياهو يريد حسب وصف الشاباك اللعب بالنار، وفتح الجبهات على مصرعيها في كل مناطق فلسطين المحتلة وفي رفح وحتى ربما في لبنان.

الخيار الثاني المطروح لجهة كيفية التعامل مع حرب غزة خلال شهر رمضان، كان طرحه لفترة صغيرة قبل سحبه من التداول العلني، الرئيس الأميركي بايدن الذي قال أن نتنياهو وافق على تخفيف العمليات العسكرية في غزة خلال شهر رمضان..

لم يصدر عن نتنياهو حينها لا نفياً ولا تأكيداً لكلام بايدن هذا؛ كما أن الرئيس الأميركي كف لاحقاً عن الكلام العلني عن هذا الموضوع، فيما نتنياهو استمر بتجاهله.

يميل بعض المراقبين للإعتقاد بأنه تحت الطاولة بين واشنطن وتل أبيب قد يكون “حل تخفيف القتال” وليس “وقف النار” في حرب غزة هو الورقة الخفية التي سيتم اعتمادها في نهاية المطاف خلال شهر رمضان؛ أو قد تكون هذه الورقة هي الخطة البديلة التي سيطلب الرئيس الأميركي السير بها في حال أصر نتنياهو على رفض مقترح هدنة الأسابيع الستة التي يطرحها بقوة بايدن حالياً.

وما يدعو لهذا الإعتقاد هو أن كل مأزق الهدنة الراهن يقع من جهة في أن بايدن عالق الآن في لحظة انتخابات رئاسية حرجة؛ ويقع من جهة ثانية في أن نتنياهو عالق أيضاً الآن في لحظة أنه يخشى من أن تؤدي الهدنة إلى دفعه لانتخابات مبكرة حرجة..

وفيما من منظار بايدن أن الهدنة في غزة قد تخفف عنه عبء نتائجها على رصيده الإنتخابي عند العرب المسلمين والتقدميين الجمهوريين من ناحية، وعند اللوبي اليهودي ذي السلطة القوية داخل أميركا من ناحية ثانية؛ فإنه من منظار نتنياهو فإن مصلحته تقع في اتباعه خياراً معاكساً، كون الهدنة عينها التي تفيد بايدن انتخابياً في أميركا، تضره في إسرائيل وتلقي على كاهله في وقت غير مناسب، عبء الذهاب لانتخابات مبكرة خاسرة.

باختصار بايدن يريد هدنة لأن الإنتخابات الرئاسية اقتربت، فيما نتنياهو لا يريد الهدنة لأنه لا يريد رؤية الإنتخابات الإسرائيلية تقترب.

.. ومن هنا يجد مراقبون أن بايدن لا يمكنه في هذه اللحظة التي توجد فيها إسرائيل بحالة حرب؛ أن يذهب لمعركة كسر عظم مع نتنياهو، لأن ذلك سيقلب عليه اللوبي اليهودي حتى لو كان الأخير لديه انتقادات على نتنياهو؛ وعليه فقد يكون الأنسب لبايدن الخائف على رصيده الإنتخابي، ولنتنياهو الخائف من تبكير الإنتخابات، التوافق سلبياً على استبدال “كأس الهدنة المر” بـ “كأس تخفيف القتال” في شهر رمضان؛ أي تخفيف المغامرات الإنتخابية لدى الطرفين؛ وأيضاً تقليل احتمال تحول طوفان الأقصى إلى تسونامي رمضاني يمتد من فلسطين والمنطقة إلى صندوق الإنتخابات الرئاسي الأميركي.

الخيار الثالث المطروح لمعالجة تداعيات شهر رمضان على حرب غزة، هو الهدنة الكاملة لمدة ستة أسابيع تؤدي إلى دينامية وقف دائم لإطلاق النار والذهاب بالمنطقة إلى مرحلة ما بعد الحرب؛ والخروج بالتالي من مرحلة الإنزلاق نحو الحرب الأوسع..

ثلاثة خيارات تتسابق على مسرح محاط بصناديق إنتخابية متفجرة في كل من إسرائيل وأميركا!!. ويبقى السؤال عن أي واحد من هذه الخيارات سيكون له قصب السبق؟..

Exit mobile version